معركة الوعي (210) وليس سموطرتش إلا مجرد مثال..
حامد اغبارية
“هذا مثير للاشمئزاز… مَرَضيّ”. هكذا وصفت نائبة يهوديّة أمريكية من الحزب الديمقراطي أقوال بتسلئيل سموطريتش، حول كون تجويع مليوني فلسطيني في غزة أمرًا أخلاقيًّا!!
نعم؛ هو مثير للاشمئزاز، مقزز… فاشيّ وأكثر… التصريحُ وصاحبُه الذي تقيّأه.
هذا المخلوق، الذي يمشي على رجلين، مصابٌ بمرض خطير -لا أظنه يُشفى منه- اسمه كراهية الفلسطيني؛ الفلسطيني الإنسان والمُصطلح والحجر والشجر والماء والهواء والفضاء… إنه يكره كل شيء يُذكّر بالفلسطيني، لأن الفلسطيني بوجوده يذكّره بحقيقة نفسه، فلا يصبر ويفضحه لسانه المدفوع بالبغضاء فيكشف خبايا نفسه وحفاياها وعفنها ونتنها.
ماذا قال ذاك المخلوق الذي نتحدث عنه؟
كان يتحدث عن إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشيرا إلى أن العالم لن يسمح له ولدولته (التي تقطر إنسانية وأخلاقا.. !) بتجويع مليوني فلسطيني، وإنْ كان تجويعُهم يعتبر عملًا أخلاقيا ومُحقًّا من أجل استعادة الأسرى..
عفوا… عذرا… آسف… سامحونا.. لقد أخطأتُ التوصيف..
فالمخلوق آنف الذكر ليس مريضا…. بل هي عقيدة متجذرة في أعماق نفسه. أما الكراهية المرضية فإنما هي مظهر من مظاهر هذه العقيدة…
أما العالم الذي يقول ذلك المخلوق إنه لن يسمح له ولدولته بتجويع أهل غزة فهو عالم أشد منه فجورا ووساخة. عالمٌ يتظاهر بالإنسانية وهو الذي يعمل على تجويع غزة منذ 17 سنة. وليس ما يحدث الآن إلا ذروة مرحلة متقدّمة من مراحل تضييق الخناق والتنكيل التجويعي بأهل غزة. عالمٌ تقوده عصابات إجرام بربطات عنق فاخرة. هكذا باختصار..
إنه عالم يسمح بالتجويع…..
والدليل؟
هناك أكثر من مليوني فلسطيني في غزة يتضورون جوعا وعطشا، ويموتون إما بالقصف وإما من شدة الجوع والعطش والمرض. هذه حقيقة…. فمن ذا الذي يمكنه إخفاءها؟؟؟!
أما موقف ذلك المخلوق آنف الذكر فهو ليس تغريدًا خارج السرب الإسرائيلي. ولا هو أول صولاته الفاشية، فقد سبقبتهاه تصريحات تقطر فاشيّة وكراهية:
– في 2016: “من الطبيعي أن ترفض زوجتي المكوث في نفس الغرفة مع عربية ولدت للتوّ طفلا ربما سيرغب في قتل طفلها بعد عشرين سنة. هذا أكثر شيء طبيعي وأكثر شيء عقلاني”.
– في 2017: للطلاب العرب: “أنتم لا تنجحون في امتحان البسيخومتري من أجل القبول في الجامعات. إن الأميّين (الجهلة) منكم يحتلون أماكن في الجامعات (على حساب اليهود). أرِني عربيا واحدا دخل الجامعة بعد أن نجح في البسيخومتري.
– يا أحمد (الطيبي)… على المسلم الحقيقي أن يعلم أن أرض إسرائيل ملك لشعب إسرائيل. ومع الوقت فإن عربا مثلك لا يعترفون بهذا لن يبقوا هنا. والحاخام شموئيل وعشرات آلاف تلامذته، بمن فيهم نحن، سنهتم بحدوث هذا.
– في 2021: أنتم هنا بطريق الخطأ لأن بين غوريون لم يكمل المهمة ولم يطردكم.
– في 2023: يجب مسح قرية حوارة كليا. وعلى الدولة أن تفعل ذلك.
– في 2023: لا يوجد هنا شيء اسمه الشعب الفلسطيني. لا يوجد تاريخ فلسطيني، لم يكن هناك ملك فلسطيني، ولا عملة فلسطينية.
– في 2024: من الواضح أنه يعيش في غزة نازيون. يوجد هناك اليوم مليونا نازيّ… يجب ترحيل هؤلاء من غزة. وهذا عمل إنساني… ويجب تجنيد العالم لتحقيق ذلك.
هذا فقط موجز من تقيّوءات سموطرتش.
ولكنه ليس وحده.
ليس وحده الذي يرى أن تجويع مليوني فلسطيني في غزة عملٌ أخلاقيّ. فقد سبقه سيده الكذوب نتنياهو بأكثر من هذا وأشد عداوة يوم أوصى جنوده عشية الاجتياح البري لغزة مقتبسا من التوراة قائلا: (זָכוֹר אֵת אֲשֶׁר עָשָׂה לְךָ עֲמָלֵק בַּדֶּרֶךְ בְּצֵאתְכֶם מִמִּצְרָיִם) تذكّر ما فعله بك العماليق أثناء خروجك من مصر. (سِفر صموئيل الأول، الإصحاح 15).
كان هذا تصريحا بالقتل.. وترخيصا رسميا بتنفيذ الإبادة.. وإن قصة حرب بني إسرائيل والعماليق قصة مشهورة في مرويات التوراة، زمن يشوع بن نون، ثم زمن الملك شاؤول الذي سبق في المُلك نبي الله داود عليه السلام. وبغضّ النظر عن صحة الكثير من التفاصيل التوراتية، فإن هذه المقولة إنما تدل على أن إبادة العدو، رجالا ونساء وأطفالا وبهائم وحجرا وشجرا، هي عقيدة.
وأنت لا تحتاج إلى جهد كبير لتفسير السلوك الإسرائيلي في غزة بشكل خاص، وتجاه الفلسطيني والعربي والمسلم بشكل عام.
هذه المواقف وغيرها ليست زلات لسان أو تسرّعا ناتجا عن غضب، إنما ممهورة بفتاوى حاخامات المستوطنين الذين يؤجّجون بفتاواهم نار البغضاء والكراهية في نفوس مواطنيهم.
– الحاخام عوفاديا يوسيف/ عام 2001: يجب إبادة العرب، لا يجوز التعامل معهم برحمة.. أطلقوا عليهم صاروخا على كيف كيفك… أبيدوا هؤلاء الأشرار الملعونين..
– الحاخام نيسيم موئيل: يجوز اقتلاع أشجار العرب وتسميم آبارهم.
– الحاخام شلومو ريتسكين: يمكنكم نهب محاصيل الزيتون من الفلسطينيين وحرق أشجارهم وتسميم آبارهم وحرمانهم من الحصول على الماء من آباركم، كما كان يفعل أجدادنا الذين كانوا يردمون الآبار ويسممونها حتى لا يستفيد منها العرب.
– الحاخام دوف ليئور (كريات أربع): حتى يعيش الإسرائيليون بسلام يجب إبادة غزة كليا.
– الحاخام يسرائيل روزين: يجب تطبيق حكم العماليق على كل من تراوده نفسه أن يكره إسرائيل.
– الحاخام شلومو إلياهو (حاخام صفد): لا توجد مشكلة أخلاقية في تنفيذ حكم العماليق على الفلسطينيين. لا مشكلة أخلاقية في سحق الأشرار.
– الحاخام مردخاي إلياهو: اذكر عدوّك وأبِدْهُ.
– مجلس حاخامات المستوطنين في الضفة الغربية: التوراة تبيح قتل الأطفال والنساء زمن الحرب.
هذا غيض من فيض الفتاوى الدينية التي أصدرها كبار الحاخامات، ويمكنك الاطلاع على أضعاف أضعافها مما تقشعر له الأبدان.
في التالي فإن مقولة سموطرتش تلك بأخلاقية تجويع مليوني فلسطيني ليست “عملة نادرة” في الفضاء الإسرائيلي، بل هي تعبير عن واقع ذلك المجتمع الذي لا يرى غيره بشرًا له الحق في الحياة والحرية والانعتاق من الاحتلال والتخلص من سوط القهر والظلم.
وإنك لا بدّ أن تلاحظ أن هذا التفكير وهذه العقيدة ليست مجرد سلوك فردي، قد يتصدى له “عاقل” هنا وهناك. بل هي سياسة دولة. وواقعُ الحال يغنيك عن البحث عن دليل نظري. فأنت الآن ترى بأمّ عينيك بالبث المباشر وعلى مدار الساعة آلاف الأدلة العملية…