في قراءته لاقتحام قاعدتين عسكريتين.. د. مهند مصطفى: نشهد تحللا في المؤسسات السيادية الإسرائيلية أدى إلى ضعف الدولة وظهور ثقافة الميلشياوية
طه اغبارية
اعتبر الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، ما حدث أمس الاثنين، من اقتحام لمعسكر ومعتقل “سدي تيمان” والمحكمة العسكرية في قاعدة “بيت ليد”، مؤشر على ضعف دولة إسرائيل وفقدانها السيطرة على إدارة الانقسامات الداخلية التي تضرب المجتمع الإسرائيلي، ما أدى إلى بروز ما سمّاها “ثقافة الميليشياوية” التي تنخر مؤسسات الدولة وكافة القطاعات في إسرائيل.
والاثنين، اقتحم أنصار اليمين مقر المحكمة العسكرية في قاعدة بيت ليد، وذلك إثر اقتحام العشرات برفقة أعضاء كنيست عن أحزاب الائتلاف، قاعدة سديه تيمان، إثر توقيف 9 جنود في قوات الاحتياط لضلوعهم باعتداء جنسي جماعي على أسير فلسطيني من غزة ما أسفر عن إصابته بحالة خطيرة.
في قراءته لما حصل، رأى الدكتور مهند مصطفى -خلال مداخلة لقناة الجزيرة القطرية- أن هناك أسبابا عميقة وأخرى آنية لما حدث، مضيفا فيما يخص الأسباب الآنية أن “هناك محاولة لعدم إعطاء أية إمكانية لإسرائيل أن تظهر بمظهر أنها دولة قانون، حتى من ناحية مصلحة إسرائيل في التحقيق بقضايا عينية -ليس في كل انتهاكات حقوق الانسان وجرائم الحرب- من أجل الدفع بأية محاسبة دولية لإسرائيل، وهنالك جهات إسرائيلية -اليمين المتطرف الديني تحديدا- لا يريد حتى أن تظهر إسرائيل بمظهر انها دولة قانون، ولذلك هذه الاعتداءات كانت بغطاء سياسي من وزراء وأعضاء من داخل الحكومة. وبالتالي عندما تشعر القواعد الاجتماعية والسياسية ان الوزراء والسياسيين يدعمون مثل هذه التصرفات سوف يتشجعون، خاصة وأن هناك سلسلة متراكمة من الأحداث التي تم فيها دعم عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين ولم تتم محاسبتهم، فهناك عملية تشجيع لاي عمل يقوم به اليمين المتطرف أو المستوطنون وإن كان مخالفا للقانون، دون أن يحاسبهم أحد”.
والأسباب العميقة -الكلام للدكتور مهند- وهي الأهم، هو وجود تحلل وضعف في مؤسسات الدولة، وهذا ظهر بشكل واضح في السابع من أكتوبر، فهذه المشاهد لم نكن نشاهدها قبل 20 عاما، لأن الدولة كانت قوية وتستطيع أن تدير الانقسامات في داخل المجتمع الإسرائيلي. ما حدث هو تراكم سياسي وتاريخي منذ 20 عاما أدى الى ضعف الدولة، ولذلك هذه الانقسامات أصبحت اقوى من قدرة الدولة على السيطرة عليها.
والعامل الآخر الذي أدى إلى الأحداث -وفق مصطفى- هو أن ضعف الدولة أدى إلى ظهور ثقافة ميليشياوية داخل المجتمع الإسرائيلي، ونراها في كل جانب داخل إسرائيل، وتحديدا في الجيش الإسرائيلي، بمعنى هناك وحدات وجنود لا يأتمرون بالتراتبية التنظيمية والإدارية في الجيش، وانما يأتمرون بخلفياتهم الايديلوجية وإما بشخصيات من خارج الجيش.
ودلل على ذلك بالممارسات الإرهابية للمستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة وغيرها من الممارسات العنيفة لمجموعات إسرائيلية تنتمي لليمين المتطرف، والتي تمر دون محاسبة.
وقلل مهند مصطفى من إمكانية تأثير الأحداث على منع إسرائيل من توجيه ضربة إلى لبنان، مستدركا “تأجيل رئيس الأركان الإسرائيلي اجتماعا مهما يتعلق بالجبهة الشمالية من اجل متابعة الأحداث، يدل على أن الجيش في حالة ضعف وعدم قدرة على إدارة أكثر من حدث في نفس الوقت، وهو ما لم يكن في سنوات سابقة”.
وأكد أن الحرب على غزة وإن حظيت في الأشهر الأولى بإجماع إسرائيلي، لكنها لاحقا أدّت إلى تعميق الانقسامات والسؤال حول هوية الدولة (الدين والدولة) والصراع حول الأفق السياسي، وأردف الدكتور مهند مصطفى “عشية الحرب كانت إسرائيل قبيلة واحدة تنشد الثأر بعد الضربة التي تلقتها في السابع من أكتوبر، لكنها بعد عدة أشهر تحولت إلى قبائل، لكل منها رؤيته”.
وختم بتوقعاته أن “ضعف الدولة، يعني أن تذهب الانقسامات بين الإسرائيليين باتجاه الحسم، لأنه لم يعد بالإمكان التعايش فيما بين هذه الانقسامات والقبائل بسبب قدم قدرة الدولة على إدارة هذه الانقسامات”