أخبار رئيسيةأخبار وتقاريرالقدس والأقصىومضات

الزاوية النقشبندية.. أحد أبرز معالم القدس العثمانية

من معالم القدس العثمانية، ويطلق عليها أيضا الزاوية الأزبكية أو البخارية، نسبة إلى القائمين عليها، وقد ذكرها كثير من مؤرخي بيت المقدس، ويعتقد أنها بنيت في أواخر العهد المملوكي أو أوائل العهد العثماني.

تقع الزاوية النقشبندية البخارية في ناحية من البلدة القديمة من القدس المتاخمة للمسجد الأقصى، وتتوزع في جوانبها مقتنيات قديمة، وتراث أوزبكي عثماني من أثاث وأدوات الضيافة، وصور تذكارية، ولا تزال على زجاج بعض خزائنها ثقوب بسبب قنبلة أطلقتها العصابات الصهيونية إبان حرب 1948.

النشأة
تأسست على يد بهاء الدين بن محمد البخاري النقشبندي، ووسّعها الشيخ عثمان بيك الصوفي عام 1731. وعمرها ما يقارب 400 سنة، وتتولى المسؤولية عنها عائلة البخاري.

الموقع
تقع الزاوية على أرض مجاورة وملاصقة للمسجد الأقصى المبارك، خارج الحرم وداخل أسوار البلدة القديمة، بالقرب من باب الغوانمة (أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك) والمدرسة العمرية.

وتقع كذلك في طريق الآلام -الذي يعتبر طريقا مقدسا لكل المسيحيين- وتحت قوس مهم يعرف بقوس النصر مقابل دير راهبات صهيون.

التسمية
سميت الزاوية النقشبندية نسبة إلى مؤسسها الشيخ الصوفي نقشبند محمد البخاري، المتوفى في القرن الثامن الهجري (791هـ/ 1389م).

وقد جاء إلى القدس واستقر فيها، وعمل على إيواء الزوار القادمين من دول آسيا مثل أوزبكستان وتركيا، ونشر الطريقة الصوفية النقشبندية، وهي كلمة أوزبكية تجمع مفردتين: “نقش” و”بند”، وتعني أن يكون الله منقوشا في قلب المؤمن ولا تؤثر عليه العوامل الدنيوية.

في وقت لاحق تولى الشيخ رشيد البخاري مسؤولية الزاوية، ومن بعده ولده الشيخ يعقوب البخاري المتوفى عام 1956، ثم انتقلت المشيخة إلى ابنه الشيخ موسى بن يعقوب البخاري المتوفى بالقدس عام 1973، وقاضي محكمة أريحا الشرعية آنذاك.

وبذل الشيخ موسى جهده كي تستمر أنشطة الزاوية رغم التضييق، لكنها اندثرت جميعها مع رحيله عام 1973، وتوقفت عن عملها.

كانت الزاوية مكانا خاصا لاستراحة الحجاج، سواء الوافدون على القدس في طريقهم إلى مكة، أو العائدون بعد استكمال مناسك الحج.، ويكون غرضهم جميعا زيارة المسجد الأقصى ومجاورته عدة أيام.

كان يتوافد إليها عدد كبير من الأتراك والبخاريين، وكان يصرف لها كل يومين رطلان من الخبز ورطل من اللحم، ثم استبدُلت بهذه الجراية مبلغا من المال، يدفع للقيّم من خزانة الوقف.

الوصف والتصميم
تتكون الزاوية النقشبندية من طبقتين، العلوية منها عبارة عن غرفة كبيرة فيها ديوان، تستخدم للاجتماعات عند مناقشة المواضيع المهمة، وفيها قسم لاستقبال الضيوف النساء.

وتتألف من ممر ضيق يمتد من الشمال إلى الجنوب، وتطل عليه غرف من كلا الجانبين، وإلى يمين الداخل من الجهة الشمالية مسجد عبارة عن غرفة بسيطة فيها محراب للصلاة، يقع على طريق باب حطة، ولا يزال كما هو، وتقام فيه حتى الآن صلاتا الظهر والعصر.

وهناك أيضا جسر زجاجي يطل على كهف يضم بين جنباته الحجارة “الأم” التي تشهد على تاريخ هذا المكان وقدمه وقيمته التاريخية، وفضاء خارجي قبالة مئذنة باب الغوانمة، التي بنيت في العهد المملوكي تتوسطه نوافير تقليدية.

وإضافة إلى ذلك تضم الزاوية مقبرة دفن فيها عدد من مشايخ البخارية في القدس، ومكتبة تشمل عددا كبيرا من النسخ القرآنية والمخطوطات العربية والتركية والفارسية، ومقتنيات أخرى مهمة كالنقود والسجادات وأدوات الطهي التي تعود إلى العهد العثماني.

موائد مجانية
واستضافت الزاوية النقشبندية لفترات طويلة في أيام الخميس من كل أسبوع أهالي القدس والزائرين للمدينة على موائد مجانية، لكنها تقلصت بعد نكسة 67، بسبب الاحتلال أولا، ثم بسبب اتخاذ الأوقاف الإسلامية الزاوية وقفا خيريا عاما.

وقد حد هذا الأمر من الاستفادة من ريع تأجير البيوت لصالح الزاوية. وكان عدد الزائرين الأوزبكيين والأتراك والأفغان إلى فلسطين قبل عام 1967 يتراوح من 30 إلى 80 زائرا سنويا.

ويعتبر الشاي المشروب الأساسي في الضيافة، ولكن بالطريقة الأوزبكية، إذ يصب ساخنا من إبريق السماور وفق خطوات معينة وأصول في الشرب بفنجان البايلا الشبيه بوعاء الحساء، مع إضافة قطعة سكر توضع في الفنجان أو أسفل اللسان، ويستقبلك الأوزبكي بلباس بلده الذي يتميز بعباءة مزركشة، وبحسن التعامل والتحدث بهدوء وأدب.

قديما تم بيع جزء من الزاوية النقشبندية وتحول إلى سكن لعائلات مقدسية، كما تم بيع جزء منها لدولة المغرب التي حوّلته إلى مركز ثقافي سمي “بيت المغرب”، ويعرض تاريخ المكون المغربي في القدس.

أما المسجد فقد تحول إلى دور آخر وهو دعوة غير المسلمين إلى الإسلام عبر تزويدهم بكتب بلغات مختلفة تشرح وتوضح تعاليم الدين وأركانه، وإلى جانب المسجد سبيل ماء بارد في الطريق الذي يعبره الآلاف من الحجاج والسياح، والمعروف بطريق الآلام.

وكغيرها من المعالم المقدسية لم تسلم الزاوية النقشبندية من قوات الاحتلال، التي سعت لتفتح من داخل الزاوية بوابة النفق الذي يحيط بسور المسجد الأقصى المبارك، وقدمت الكثير من الإغراءات بهذا الشأن، ولكن الأوقاف الإسلامية وقفت ضد هذه الإغراءات والإجراءات، ولم يستطع الاحتلال السيطرة على المكان ولا تحويله إلى مخرج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى