الضربة الإيرانية ارتفاع لأسهم نتنياهو
الإعلامي أحمد حازم
يوجد نموذجان للحكم في العالم: الدكتاتورية والديمقراطية. لكن هناك أساليب مختلفة في الحكم، فهناك الحاكم الذي يستخدم أسلوب المكر والخداع، وهناك من يستخدم أسلوب القوة للبقاء في سدّة السلطة، والأمثلة على أسلوب القوة كثيرة، العالم العربي، ونظام الأسد خير دليل على ذلك. لكن هناك حاكم يستخدم أسلوب العدل، وربما يكون الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان من أوائل الذين ابتدعوا هذا الأسلوب في الحكم.
وهنا عليّ الاعتراف بأنَّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هو داهية في الخداع السياسي وكيفية البقاء في الحكم. فمهارته في الخداع ودهائه جعلا منه سياسيا جديرا بحمل لقب ثعلب السياسة الإسرائيلية، بدليل انه تمكن من البقاء على كرسي رئاسة الحكومة خمسة عشر عامًا متتالية، وهذا يحدث لأول مرة منذ قيام إسرائيل قبل 76 عاما.
ومن الأمور السياسية المهمة التي انجزها نتنياهو خلال الـ 15 سنة التي حكم فيها وما زال: تعكير أجواء السلام لاتفاقيات وادي عربة وأوسلو خلال فترة رئاسته الأولى، تدمير اتفاق أوسلو وتحويله إلى اتفاق أمني بحت مع السلطة الفلسطينية، وتفجير موجة الاستيطان الكبرى في الضفة الغربية، وأيضًا تكاثر تهم الفساد والرشوة عليه في الفترة الثالثة من حكمه والتي تسببت له بخسارة الانتخابات في شهر يونيو 2020 لصالح تحالف نفتالي بينت ويائير لبيد.
لكن “الثعلب” الماكر عرف كيف يسيطر على الخسارة ويتعلم منها العبر والدروس حيث نجح في تكوين أقوى ائتلاف يميني مع زعيم حزب (العظمة اليهودية) ايتمار بن غفير وزير الأمن القومي، ومع بتسلئيل سموتيرش وزير المالية وزعيم حزب (الصهيونية الدينية).
حتى الهجوم الإيراني الأخير بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل كان لصالح نتنياهو. الأستاذ المساعد في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني الأميركية، ديفيد روش، يرى “أنّ تصرفات إيران الأخيرة عزّزت مرة أخرى موقف الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها نتنياهو على الصعيد الخارجي”.
ويرى بعض المحللين أنّ نتنياهو استفاد من هجوم إيران ليكون تغطية على عمليات القتل المتواصلة في غزة، والإيحاء بأنّ حرب إسرائيل الأساسية هي مع عدوّ كبير وخطير اسمه إيران، وحماس ليست سوى أداة تستخدمها طهران لمآربها الخاصة. ويعتقد محللون آخرون بأنّ نتنياهو استطاع إحراج حركة الاحتجاج على سياساته في الشارع الإسرائيلي، بإعطاء الأولوية للأمن القومي الجماعيّ على حساب الخلافات الداخلية، وأن الهجوم الإيراني أعاد العلاقة الوطيدة بين نتنياهو والرئيس الأمريكي بايدن والتي ساءت في الفترة الأخيرة.
محللون إسرائيليون وحسب موقع “سكاي نيوز عربية”، أكّدوا أنّ نتنياهو قد يستفيد سياسيًا من الهجوم الإيراني الأخير وخاصة على الصعيد الدولي، إذ سيعيد له الزخم والدعم بعد فترة من الانتقادات، كما سيحاول توظيف واستغلال هذا الهجوم لتحقيق بعض المكاسب السياسية “الشخصية”، ومحاولة توحيد الشارع الإسرائيلي المنقسم، آملًا في ذلك البقاء على رأس السلطة لأطول فترة ممكنة. نقطة أخرى لا بد من الإشارة اليها: قبل قيام إيران بعملية الهجوم على إسرائيل، كان العالم مهتما بشكل كبير بالمجاعة والقتل في غزة، وبالفشل الذي مني به نتنياهو في تحقيق أهداف الحرب على غزة (الإطاحة بحماس وإعادة الاسرى الإسرائيليين) بعد مرور سبعة أشهر على بدء الحرب، كما تعرض نتنياهو لضغوط أمريكية، للسماح بدخول مساعدات إنسانية كافية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، إضافة الى مطالبة الآلاف من المتظاهرين الإسرائيليين بإبرام صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين وإجراء انتخابات جديدة.
لكن ما حدث في ليلة السبت 13 نيسان/أبريل الحالي، غيّر كل ذلك على الفور عندما أطلقت إيران مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ على إسرائيل، في ردّ انتقامي على الغارة الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل ضباط عسكريين إيرانيين كبار في العاصمة السورية دمشق، في الأول من نيسان/ أبريل، وفق “فورين بوليسي” الأمريكية، مما يعني أنّ نتنياهو استفاد من صرف أنظار العالم عن غزة.
وأخيرًا.. قطر تهدد بالانسحاب من دور الوساطة بين حركة حماس وإسرائيل بشأن ملف الحرب على غزة، فهل يستوعب نتنياهو ماذا سيحدث لو تمَّ فعلا وقف المفاوضات؟