خطيب الأقصى يحذر من “مفاجآت” إسرائيلية في رمضان
أكد خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري أن أجواء العبادة في الأقصى يجب أن تكون “دون تنغيص وعرقلة وتوتر”، محذرا من “مفاجآت” إسرائيلية خلال شهر رمضان المبارك الذي بدأ الاثنين في معظم الدول، وداعيا إلى شد الرحال إلى المسجد.
وقال صبري، في مقابلة صحفية: “تضاربت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين في موضوع السماح أو عدم السماح للمسلمين بالصلاة (في المسجد) وتقييد الأعمار، فكأن الأقصى ملك لهم، وهذا الأمر المستغرب”.
وأكد أن “الأصل أن المسلم يأتي إلى الأقصى دون إعاقة أو عرقلة، وأن المسلمين بشكل عام حريصون على الصلاة في الأقصى خلال شهر رمضان المبارك. الآلاف، بل عشرات الآلاف، تزحف إلى الأقصى في رمضان في صلوات الفجر والعشاء والتراويح وأيام الجمع”.
ولاحظ أن “العالم بشكل عالم، سلط الأضواء على الأقصى بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، وكأن سلطات الاحتلال تريد أن تعطي تبريرا للتضييق على المصلين في رمضان، امتداد للأشهر التي مضت منذ قيام الحرب على غزة”.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة، خلَّفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا بالبنية التحتية وكارثة إنسانية؛ مما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب “إبادة جماعية”.
وقال صبري: “في رمضانات السنوات السابقة، كان هناك افتعال مشاكل وتوترات من قِبل سلطات الاحتلال؛ لأنه لا يريد أن يشاهد عشرات الآلاف يحتشدون في الأقصى، ولكننا نؤكد على أن رمضان هو شهر العبادة المميزة من قِبل المسلمين وينبغي أن تكون أجواء العبادة مهيئة لهم دون تنغيص ودون عرقلة ودون توتر”.
وأضاف: “هناك مؤشر على أن الاحتلال سيقيد الأعمار (…) لا توجد دولة في العالم تقيد الأعمار في أماكن العبادة إلا سلطات الاحتلال؛ لأنها طامعة بالأقصى وتسعى بكل الطرق لفرض السيادة على الأقصى”.
حكومة متطرفة
صبري قال إن “الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية تخضع للتطرف؛ لأن الجماعات المتطرفة أصبحت مسؤولة في الحكومة”.
ورأى أن “هذا يعني أن الوقت وقتهم في تنفيذ أطماعهم، ولكن المسلمين تخدمهم الأجواء الرمضانية في تثبيت حقوقهم الشرعية المستمدة من الله سبحانه وتعالى وليس من هيئة أمم ولا مجلس أمن، فقرار الله هو الذي يسري، وأن المسلمين ملزمون بتنفيذه”.
وحذر من “مفاجآت (إسرائيلية) قد تحصل هذا الشهر، ولذا ينبغي على المسلمين أن يكونوا متنبهين ويقظين وحذرين، ونداؤنا هو نداء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في موضوع شد الرحال إلى الأقصى”.
وبعد أن حث على شد الرحال إلى المسجد، استدرك: “سبق أن صدرت الفتوى الشرعية بأن كل مَن يُمنع من الوصول إلى الأقصى يصلي حيث يُمنع وله الثواب كثواب مَن يصلي داخل الأقصى”.
شهر عبادة
وحذر صبري من خطورة التصريحات التحريضية من جانب مسؤولين إسرائيليين، بينهم وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير.
واعتبر أن “التحريض متوقع؛ لأن تصريحات بن غفير وغيرهم بدأت منذ أيام لمنع الناس من الوصول إلى المسجد الأقصى”
وشدد على أن “تصريحاته (بن غفير) كانت متطرفة وغير مسؤولة؛ لأنه أصلا لا يحق له أن يصدر مثل هذه التصريحات؛ لأن الأقصى أسمى من أن يخضع لتصريحات أو لقرارات محاكم، فالأقصى للمسلمين بقرار الله سبحانه وتعالى”.
صبري رفض محاولات مسؤولين إسرائيليين شيطنة شهر رمضان بزعمهم أنه شهر عنف، وأكد أن “شهر رمضان المبارك هو شهر عبادة واعتكاف وشهر القرآن الكريم، والتشويش على رمضان مبرمج من قِبل الاحتلال وبعض الدول الغربية لإعطاء فرصة للاحتلال بمنع المسلمين من الوصول إلى الأقصى”.
وأضاف: “لو جاء مليون مسلم إلى الأقصى لما حصل أي إخلال بالأمن ما دام الاحتلال بعيدا عن المسجد، ولكن ما نشاهده أيام الجمع هو أن الأقصى يصبح ثكنة عسكرية وكذلك مدينة القدس وجميع الممرات المؤدية الى المسجد، وهذا المظهر هو الذي يوجد التوتر أصلا ولا مبرر له سوى دب الذعر والخوف في قلوب المسلمين ولمنع أكبر عدد ممكن من الوصول إلى الأقصى”.
وتابع: “لذا نقول إننا لا نلتفت للتشويشات والإشاعات، فينبغي على المسلمين أن يتوجهوا إلى الأقصى، وهناك نداء بإغلاق المساجد الفرعية في مدينة القدس أيام الجمع من أجل ان يتوجه الناس إلى الأقصى”.
القدس حزينة
وبخصوص الحرب على غزة، طالب صبري بضرورة وقف إطلاق النار ووقف الحرب لحفظ الدماء والأرواح، وحتى يتمكن الناس من أداء عبادتهم بكل هدوء وبدون مصائب ونكبات.
وأردف أن الأجواء “حزينة” في مدينة القدس المحتلة بسبب الحرب على غزة، موضحا: “اعتاد الناس أن يزينوا الشوارع والبيوت احتفاء بقدوم شهر رمضان المبارك لإظهار الفرحة والبهجة، ولكن مع أجواء الحرب المحزنة، عزف الناس عن التزيين، ولكن العبادة لا بد أن تُؤدى، فالصوم ركن من أركان الإسلام”.
صبري أكد أهمية إخراج الزكاة خلال رمضان لإغاثة المنكوبين والفقراء نتيجة الحرب.
وقال إن “الأصل أن يكون هناك وسطية في الإنفاق وعدم الإسراف وعدم المبالغة بموائد الطعام؛ لأن الصيام ليس أكل وشرب، وإنما الصوم. هو ابتعاد عن المعاصي والآثام، والتوجه نحو الصلوات وتلاوة القرآن الكريم”.
وأردف: “اعتاد المسلمون ولا يزالون أن يخرجوا زكاة أموالهم في رمضان ليكسبوا ثوابا أكبر، ونقول إن على الأثرياء والمقتدرين أن يقتصدوا بالإنفاق وأن لا ينسوا المحتجين والفقراء والمنكوبين”.
“لا بد أن تزداد نسبة الصدقات والمعونات للمحتاجين؛ لأن الحرب أثرت على كثير من الناس وتأثرت أعمالهم وأُغلقت الكثير من المحال نتيجة توقف الحركة التجارية”، كما زاد.
ومضى قائلا: “نحن بحاجة لأن نتفقد العائلات المنكوبة والفقيرة ويزداد الإنفاق، وبالتالي نؤكد على وجوب إخراج الزكاة، وهي ركن من أركان الإسلام، وهي واجبة على الغني وحق للفقراء”.
اتهام بالتحريض
وتتهم السلطات الإسرائيلية صبري بالتحريض، وقدمت النيابة العامة لائحة اتهام ضده بداعي تقديم العزاء لعائلات شهداء.
وعن هذه الملاحقة، قال: “حسب ما ذكر لي طاقم المحامين فإن الملف التحريضي الذي قدمه متطرفون إسرائيليون هو الآن بيد النائب العام الإسرائيلي لدراسته، وسُيطلب من المحامين الرد على الاتهامات التي يتوصل إليها”.
وأضاف: “حتى الآن لم يحصل شيء عملي، ولكن في كل فترة، تضغط الجماعات المتطرفة، بمَن فيهم أعضاء كنيست، على النائب العام والمستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية للتسريع في موضوع الشكوى المقدمة ضدي”.
وبمناسبة حلول رمضان، وجّه صبري رسالة إلى المسلمين في أنحاء العالم: “أولا: نقول للمسلمين كل عام وأنتم بخير وتقبل الله الطاعات ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا وصلاتنا وتلاوة قرأننا”.
وتابع: “ونقول لهم تذكروا الأقصى وتذكروا الفقراء والمحتاجين، وعليهم كشعوب أن يضغطوا على حكوماتهم ليتحملوا المسؤوليات؛ لأننا لاحظنا أن الدول العربية والإسلامية، كدول، غير فاعلة في موضوع القضية الفلسطينية، رغم أن الشعوب متفاعلة، بما في ذلك الشعوب غير العربية وغير الإسلامية، وبالتالي فإن على الحكومات أن تكون بمستوى الشعوب من حيث الاهتمام بالقضية الفلسطينية”.
المصدر: الأناضول