نتنياهو رئيس حكومة بـ “تسع أرواح” والمطالبة بنفيه لفشله
الإعلامي أحمد حازم
يقولون عندنا في المجتمع العربي (وما أكثر ما يقولون) إنَّ القطط تستطيع النجاة والإفلات من كل خطر يداهمها. وكثيرًا ما نصف شخصًا يتمتع بقدرة غير عادية، على تخليص نفسه من الأذى، بأنه كالقطط له سبع أرواح. ومن هنا يأتي المثل العربي الشعبي “فلان بسبع أرواح مثل القط”.
لكن ما يفعله نتنياهو وما يواجهه في الحياة السياسية، حيث من المفترض وبسبب ممارساته والتهم الموجهة اليه، أن يكون خارج الحلبة السياسية، وان لا يكون في الحكم، إلاّ انه لا يزال باقيًا فيه. فهو فعلا حسب المثل العربي بسبع أرواح مثل القط. لكن الصحافي الإسرائيلي آيريس ليعال ذهب الى أبعد من ذلك في وصف نتنياهو، إذ قال في صحيفة “هآرتس” إنّ “ما فعله نتنياهو كزعيم فاشل يستحقّ عليه النفي إلى جزيرة إلبا. لكن يبدو أنّ لديه تسع أرواح”. ويبدو أنّ الصحفي الإسرائيلي عنده خبرة في الأمثال الإنكليزية. فهناك مثل إنجليزي قديم يقول: “القط بـ 9 أرواح، 3 عندما يلعب، و3 عندما يهرب، و3 عندما يبقى”. وقد أشار المسرحي الإنجليزي “ويليام شكسبير” لخرافة تسع أرواح في مسرحيته الشهيرة “روميو وجولييت”. وعلى الأكثر فإنّ نتنياهو لديه تسع أرواح عندما يبقى. من المواهب المعترف بها لبنيامين نتنياهو أنّه أقدر رؤساء حكومات إسرائيل على التعاطي مع البقاء في الموقع. وحسب رأي بعض المحللين فإنّ مجموع ظهور نتنياهو على وسائل الإعلام المحلّية والأجنبية على مدى أطول سنوات قضاها رئيسًا للحكومة، يؤهّله لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية كرئيس حكومة.
نتنياهو ورغم اختلافنا معه في المواقف، علينا الاعتراف بانه بارع في التحايل السياسي وفي اللعب على كل الحبال، ولو لم يكن كذلك لما حمل لقب أكثر رئيس حكومة إسرائيلية بقي في الحكم. وهو السياسي الإسرائيلي الموجهة اليه العديد من التهم المتعلقة بالفساد والرشاوى، واستطاع الإفلات من القانون ولم يصدر أي حكم عليه، وهو الذي نجا من الخسارة السياسية في انتخابات الكنيست الأخيرة، الأمر الذي فاجأ خصومه والعرب والأمريكان، وهو الذي لغاية الآن وخلال الحرب على غزة يعرف كيف يهرب للتملص من أية صفقة تلوح في الأفق، حتى لو كانت من الأمريكيين.
الجو السياسي بشكل عام هو جو مناسب كليا لـ “بيبي” بعد السابع من اكتوبر. فهو يفعل ما يشاء بحجة الدفاع عن النفس وأمريكا تدعمه بكل شيء بدون حدود. حتى في “مجزرة الطحين” التي ذهب ضحيتها في غزة 112 فلسطينيا، والتي أدانها العالم، منعت الولايات المتحدة مجلس الأمن من اتخاذ قرار يدين إسرائيل بارتكابها هذه المجزرة. لذلك فشل مجلس الأمن الدولي في إقرار بيان يحمل إسرائيل المسؤولية.
صحيفة “هآرتس” العبرية، رأت نفسها مجبرة على الاعتراف بأن “التفسيرات الإسرائيلية بشأن مجزرة المساعدات بحق المدنيين الفلسطينيين شمالي قطاع غزة تأخرت 10 ساعات، ومن الصعب جدا أن تقنع أحدا وأنها تواجه ضغوطا دولية أكبر بعد المذبحة”.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان استعرض الأسبوع الماضي أدلة على تورط جيش الاحتلال في مجزرة الطحين التي وقعت في مدينة غزة، مؤكدًا أنّ العشرات من الضحايا تبين أنهم مصابون بأعيرة نارية وليس نتيجة الدهس أو التدافع كما ادعى الناطق باسم الجيش، الذي تحدث عن رواية الدهس دون أن ينفي عملية إطلاق النار المثبتة في مقاطع فيديو وثقت ما حدث.
أمريكا وحسب العديد من المحللين، قدمت الدعم السياسي والتسليحيّ لنتنياهو والذي وفّر له بقاءً في مركز القرار ووفّر لحربه المدانة أخلاقيًا وسياسيًا من قبل العالم كلّه فيتو أميركيًا يمنع وقفها، وغطاءً متجدّدًا لمواصلتها. أمّا الاختلافات التي يجري الحديث عنها فما هي إلّا تسريبات لا تقدّم ولا تؤخّر في المسار الرئيسي لحربه ومتطلّباتها وأهدافها.
الدول العربية والإسلامية غائبة عن الحرب الوحشية التي تتعرض لها غزة، فلا دم مشترك ولا دين مشترك حتى ولا لغة عربية مشتركة، وكأن غزة لا علاقة لها بهذا الكون. الأمم المتحدة، لا حول لها ولا قوة. ولطالما هاجم نتنياهو وقادة إسرائيل الأمين العام للأمم المتحدة بسبب مواقفه التي لا تتناسب مع موقف إسرائيل فيما يتعلق بغزة.
كل هذه الظروف يستفيد منها نتنياهو، وهو يقوم بدوره على مسرح السياسة الدولية بإخراج أمريكي وجمهور الأنظمة العربية والإسلامية. ومن ينتقد فهو مساند للإرهاب وضد السامية، وهذا ما تعرض له الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما صرّح قبل أيام قليلة، بأن “القانون والعدالة سقطا ضحية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”، وقد سارع وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في شن هجوم عنيف على أردوغان، على خلفية مواقفه من الحرب على غزة.