أخبار رئيسيةعرب ودوليومضات

مؤشرات مثيرة عن “تواطؤ” السيسي ضد المقاومة وأهالي غزة.. ما الثمن؟

اجتمعت خلال الأيام الماضية، عدة مؤشرات تشير إلى “تواطؤ” سلطات الانقلاب المصرية مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتماهيه مع مخططات الاحتلال ضد نحو 2.3 مليون فلسطيني شرّدتهم حرب الإبادة الدموية التي ترتكبها الآلة العسكرية الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وبالتزامن مع أحاديث مسؤولين إسرائيليين عن اقتحام رفح الفلسطينية وترحيل السكان منها إلى رفح المصرية في سيناء، تأتي أول المؤشرات، بعدما أجمع وزيران إسرائيليان على أن إسرائيل ستشن حربا على رفح بالتنسيق مع مصر وأنها ستخلي السكان منها.

وذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أن مسؤولين إسرائيليين، تحدثوا عن خطة يعدها جيش الاحتلال لإجلاء المدنيين من رفح قبل الهجوم المخطط له هناك.

والجمعة، قال الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس: “في شهر رمضان الذي يقترب سيستمر القصف، إما أن تعيدوا لنا مختطفينا أو نوسع القتال في رفح، ونحن نتجهز لذلك، وسوف نفعل ذلك بالتنسيق مع شركائنا ومن بينهم مصر، سنخلي السكان ونتقدم”.

وعلى هامش مؤتمر ميونخ للأمن، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه “سيتم التنسيق مع مصر بشأن عملية عسكرية محتملة في رفح”.

وذلك دون أن يذكر غانتس وكاتس، أية تفاصيل بشأن مزاعم التنسيق مع مصر حول العملية العسكرية المحتملة، ولا عن كيفية إخلاء سكان رفح بحسب قول غانتس.

منطقة عازلة
ثاني المؤشرات، كشفت عنها منظمة حقوقية محلية، وعدد من الصحف والمواقع الأجنبية، مبينة أن السلطات المصرية تقوم بعمل منطقة عازلة على الحدود المصرية الفلسطينية، وسط تكهنات بإعدادها لاستقبال المُهجرين الغزيين.

وكشفت “مؤسسة سيناء” الحقوقية عن بدء السلطات المصرية بإنشاء منطقة معزولة محاطة بأسوار على الحدود مع قطاع غزة بهدف استقبال لاجئين في حال حدوث عملية نزوح جماعي من سكان القطاع.

ونشرت المنظمة، الجمعة، موادا مصورة حصرية، تُظهر استمرار السلطات المصرية في بناء منطقة أمنية عازلة محاطة بأسوار بمساحة 19 كم مربع، في مدينة رفح المصرية شرق سيناء، وتجهيز التربة لوضع الجدار المكون من قوالب أسمنتية جاهزة، بالقرب من السياج الحدودي الفاصل بين مصر وإسرائيل.

ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، تقريرا يؤكد قيام مصر ببناء منطقة عازلة متاخمة لحدودها مع غزة، لاستيعاب المرحلين قسرا من رفح.

وحصلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، على مقاطع فيديو وصور وشهادات، تؤكد أن مصر تبني منذ 5 شباط/ فبراير الجاري، منطقة إيواء عازلة داخل الحدود المصرية مع رفح بعمق 5 كيلومترات وبأسوار عالية.

وكشفت صور ملتقطة من أقمار اصطناعية تابعة لشركة “ماكسار تكنولوجيز”، عن قيام مصر ببناء منطقة عازلة ضخمة بعرض أكثر من ميلين، وجدار على طول حدودها مع غزة.

وأظهرت الصور قيام جرافات مصرية بتجريف جزء كبير من الأراضي على حدود غزة؛ بهدف إقامة المنطقة العازلة التي تمتد من نهاية حدود غزة وصولا إلى البحر المتوسط.

صور الأقمار الصناعية الإضافية التي استعرضتها شبكة “سي أن أن”، كشفت أن الجرافات وصلت إلى الموقع في 3 شباط/ فبراير الجاري، وأن الأعمال الأولية للبناء في المنطقة العازلة بدأت في السادس من الشهر الجاري، وشهدت زيادة كبيرة الأيام الماضية.

من جانبها نفت القاهرة، الجمعة، أنباء إعدادها منطقة لإيواء الفلسطينيين، مشددة على رفضها وعلى عدم مشاركتها في “جريمة التهجير”.

لكن في البيان الذي أعلنه رئيس هيئة الاستعلامات ضياء رشوان، فقد اعترف المسؤول المصري بوجود منطقة عازلة وأسوار في هذه المنطقة، قائلا: “لدى مصر بالفعل، ومنذ فترة طويلة قبل اندلاع الأزمة الحالية، منطقة عازلة وأسوار في هذه المنطقة”.

ورغم النفي المصري فإن وزير الخارجية المصري سامح شكري، وفي مؤتمر ميونخ للأمن، السبت، قال: “ليس لدى مصر نية لتقديم مناطق آمنة بأراضيها للنازحين الفلسطينيين في غزة، ولكن إذا فرض عليها الأمر الواقع فستتعامل مع الوضع، وستقدم الدعم الإنساني لهم”.

سرقة المساعدات
بل إن الصورة تزداد قتامة وتكشف عن حجم التواطؤ، باتهام الناشطة الحقوقية روزا آدم نظام السيسي بسرقة المساعدات الإنسانية المخصصة لغزة وإرسالها إلى كينيا.

مدير مكتب المناصرة في الصندوق الأوروبي للديمقراطية، والناشطة في مجال حقوق الإنسان، قالت عبر موقع “إكس”: “للأسف تم تأكيد المعلومة من سائقي الحافلات على معبر رفح. مصر أخذت جزء كبير من المساعدات المخصصة لغزة وأرسلتها إلى كينيا”.

والأربعاء، أعلنت وزارة الخارجية المصرية أنها سلمت في احتفالية كبيرة بالعاصمة الكينية نيروبي، شحنة من مساعدات الإغاثة العاجلة للحكومة الكينية، عبارة عن 10.5 طن من الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية وخيام الإيواء، للمتضررين جراء فيضانات ضربت البلد الأفريقي في شرق القارة.

وفي المقابل، أكد المتحدث باسم معبر رفح، وائل أبو عمر، لموقع “العربية نت”، السبت، عدم دخول مساعدات إلى غزة عبر معبر رفح البري منفذ القطاع مع مصر “منذ أسبوعين”.

ويشكو الفلسطينيون من غلق معبر رفح وعدم إدخال المساعدات الإنسانية، مع تواصل تحذيرات منظمة “أونروا” من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، مع النقص الحاد في الغذاء والدواء ومياه الشرب، ما يهدد حياتهم ويعرضهم للموت البطيء.

وبفعل عمليات الإبادة الجماعية التي ترتكبها الآلة العسكرية الإسرائيلية بحق 2.3 مليون فلسطيني في غزة، فإنه تم تهجير نحو مليون ونصف فلسطيني إلى رفح جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، حيث يقبعون في ظروف قاسية في مخيمات وأماكن إيواء.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد كشف عن تواطؤ السيسي، مع إسرائيل ورفضه هو ورئيس الوزراء الإسرائيلي فتح معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين ومحاولاته إقناع السيسي بفتح المعبر.

وفي 9 شباط/ فبراير الجاري، قال بايدن: “في البداية لم يكن ’رئيس المكسيك’ السيسي يريد فتح المعبر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وقد تحدثت إليه وأقنعته بأن يفتح المعبر”.

وذلك في تصريح يأتي بعد تحميل محامي ’إسرائيل’ أمام محكمة العدل الدولية نظام السيسي، المسؤولية عن حصار غزة وعدم إدخال المساعدات للقطاع.

وفي 11 كانون الثاني/ يناير الماضي، وخلال دفاعه في الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، قال محامي الاحتلال الإسرائيلي آلان ديرشويتز: “النظام المصري هو وحده المسؤول عن معبر رفح، وبإمكانه إدخال المساعدات، وهو الذي يتحمل تفاقم الأوضاع في غزة”.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كشف المدير السابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” كينيث روث، عن صفقة بين السيسي والإدارة الأمريكية، قائلا على موقع “إكس”، إن “الصفقة القذرة التي تتم مع الرئيس المستبد لمصر هي أن: تتجاهل واشنطن انتهاكات السيسي لحقوق الإنسان مقابل تطبيقه لحصار غزة”.

مخاطر.. ومعرة
وفي تقديره لما تكشفه تلك المؤشرات عن حجم تواطؤ نظام السيسي ضد الفلسطينيين، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير عبدالله الأشعل: “إذا صحت هذه التقديرات والمؤشرات عن تواطؤ الحكومة مع ’إسرائيل’ فإنها تصبح معرة وعار علينا لأجيال قادمة، وجمال عبدالناصر تسبب في حرب 1967، ومات وترك لنا المصائب، والنظام الحالي سيختفي يوما وسيترك لنا العار”.

الأشعل، أشار في تصريحات صحفية، إلى مخاطر تلك الأوضاع على الأمن القومي المصري، مؤكدا أنه “إذا سُمح للفلسطينيين تحت أي مبرر بدخول سيناء فهذا معناه تصفية القضية الفلسطينية، والعمل لصالح ’إسرائيل’ ضد مصالح مصر، وتغليب للكرسي على مصالح الوطن”.

وأضاف: “ولتعلم الأجيال المصرية القادمة أنه إذا صحت هذه التقارير فإن مصر لن تحتمل مطلقا هذا العبث، والجيش المصري بالذات قد يُدفع في صراع دائم مع الفلسطينيين والإسرائيليين، وبالتالي أظنها مؤامرة ضد الجيش المصري ومصر”.

وتابع: “يضاف إلى هذا أن الفلسطينيين لن يصمتوا على حقهم في أرضهم، وبالتالي فستطاردهم ’إسرائيل’ وقد يعقب ذلك تواطؤ مع ’إسرائيل’ ضد الفلسطينيين في سيناء، والمخاطر قد لا يدركها النظام لكنها كبيرة وتتجاوز النظام الحالي بعصور كثيرة وتظل معرة للمصريين وخيانة لمصر وللأمن القومي”.

وأعرب المرشح الرئاسي الأسبق في 2012، عن أمنيته في أن تكون هذه التقارير وتلك الصور غير صحيحة ومن وحي خيال الإسرائيليين، قائلا: “كلنا نرفض رفضا مطلقا أي تواطؤ من القاهرة مع ’تل أبيب’ على أمنها القومي فهو انتحار لمصر وللمنطقة العربية”.

وبين أنه “لكي نقطع الطريق على هذا الاحتمال فيجب أن يبذل النظام أقصى جهده، ولي ورقة بالبدائل لمواجهة ’إسرائيل’ إن أرادها، وأبسطها تجميد معاهدة السلام وسأخبره بالآثار المترتبة على التجميد لكن يكون لديه إرادة لمقاومة الضغوط الأمريكية”.

وقال إن “أمن مصر القومي يقع في فلسطين”، مشيرا إلى أن “أمجاد جيش مصر المملوكي في عهد قطز وبيبرس بمواجهة التتار كانت في جنين بالضفة الغربية، وبالتالي فخط الدفاع الأول عن مصر هو المقاومة الفلسطينية، ولو الأمر بيدي لدعمتها”.

وختم بالقول: “إن ’إسرائيل’ تضمن للنظام كرسي الحكم ولكن الكرسي و’إسرائيل’ زائلان، وستنتصر المقاومة وتقطع دابر العملاء”.

لا يحتاج أدلة
وفي رؤيته قال النائب السابق بالبرلمان المصري عن شمال سيناء، يحيي عقيل، إن “النظام المصري متواطئ ضد غزة ليس من الآن، وأظن أن السيسي يقوم بتسديد فاتورة قدومه للسلطة منذ 2013 وإلى الآن، وأعتقد أنه مريض بفوبيا الإسلاميين عموما، وخاصة كل من له صلة بجماعة الإخوان المسلمين مثل حركة حماس”.

الكاتب المتخصص في الشأن السيناوي، أكد، في تصريحات صحفية أن “التواطؤ ظاهر منذ زمن وأبسط مؤشر عليه هو عدم سماح النظام لسكان رفح والشيخ زويد، المتاخمة للحدود مع غزة، بالعودة إلى أراضيهم ومساكنهم بعد تهجيرهم منها، والنزول بالعدد الإجمالي للسكان من حوالي 395 ألف نسمة في 2012 وفقا لبيانات رسمية، إلى حوالي 118 ألف نسمة الآن تقريبا”.

ويرى أحد رموز قبيلة “البياضية”، أن “هذا التناقص الكبير في عدد سكان شمال سيناء الذي يفوق الـ 60 بالمئة كان تمهيدا لما يجري، ويأتي بعد وعود كثيرة من النظام بعودة المواطنين لبيوتهم وأراضيهم، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وفي المقابل يتم تجريف الأراضي وتجهيزها للمهجرين”.

ويرى أن “القضية هي أن الخطاب الموجه للجمهور غير الخطاب الرسمي الذي يتم تداوله بشأن غزة، وليس أكثر وضوحا من كلمة السيسي، عندما نصح ’إسرائيل’ بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى صحراء النقب، حتى الانتهاء من القضاء على المقاومة وحركة حماس”.

ويعتقد أن “التواطؤ واضح؛ ولكن ليس فقط في فكرة أن المعبر مغلق أو مفتوح”، متسائلا: “من قال إن القضية في معبر عدة مترات، فالحدود بين مصر وغزة 13 كيلومترا، يستطيع إن لم يكن متواطئا أن يُغمض عينيه ويجعل هذه الـ13 كيلومترا معابر تدخل الطعام والدواء والوقود لغزة”.

وختم بالقول: “تستطيع أن تفتح المعبر وتعلن مسؤولية ’إسرائيل’ عن سلامة الشاحنات التي تمر، ولهذا فإن التواطؤ مسألة لا تحتاج إلى التدليل عليها”.

تواطؤ معيب ومشين
ورغم الإعلان الرسمي المصري عن رفض تهجير الفلسطينيين لسيناء مرارا، وتأكيدها على فتح معبر رفح بشكل دائم، وعدم إقامتها منطقة عازلة، فإن تلك التقارير والمقاطع المصورة يرى فيها مراقبون “تواطؤا مكشوفا”.

الأكاديمي المصري حسن نافعة، قال على موقع “إكس”، إنها “خطيرة جدا، وتشي بتنسيق مصري إسرائيلي حول خطة مهاجمة الاحتلال لمنطقة رفح جنوب القطاع”، والتي قد يتبعها تهجير قسري لأهالي القطاع إلى سيناء.

وقال الباحث في الشؤون العسكرية محمود جمال، إن “ما قد تم كشفه عن تجهيزات لأراض داخل سيناء لاستقبال أهل القطاع، ليس سيناريو أسوأ للتعامل مع الأحداث الحالية تم وضعه بل إن له مسميات أخرى معيبة ومشينة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى