التميمي: غطرسة إسرائيل تعميها عن نهاية نظام جنوب أفريقيا العنصري
قال الأكاديمي والناشط البريطاني من أصل فلسطيني، عزام التميمي، إن إسرائيل لا تريد أخذ العبر من هزائم القوى الاستعمارية، معتبرا أن “الصهيونية المتغطرسة محكومة بالهزيمة، عاجلا أو آجلا”.
جاء ذلك في مقابلة صحفية أجرتها وكالة الاناضول مع عزام التميمي، رئيس التحرير ومقدم برامج في تلفزيون الحوار الناطق بالعربية في بريطانيا،، تناول فيها قضايا تتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف الفلسطينيين في قطاع غزّة منذ نحو 4 أشهر.
كما تحدث التميمي عن تجارب عائلته التي شهدت نكبة 1948، وعملية تهجير الفلسطينيين من وطنهم، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال عن الإسرائيليين: “هم لا يريدون أن يأخذوا العبر من هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام، أو هزيمة فرنسا في الجزائر، أو هزيمة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. سيحدث نفس الشيء في فلسطين. فالصهيونية المتغطرسة محكوم عليها بالهزيمة عاجلًا أم آجلًا”.
التميمي من مواليد مدينة الخليل بفلسطين عام 1955، أوضح أنه “عندما تأسست إسرائيل عام 1948، تم طرد والدتي مع عائلتها وإخوتها، من منزلهم في بئر السبع إلى الخليل، المدينة التي ولد فيها والدي”.
وتابع “تعرفت أمي على أبي وتزوجا في هذه المدينة. لذلك أستطيع وصف نفسي بأني من نتاج النكبة”.
وأشار التميمي إلى أن عملية إخراج الفلسطينيين من وطنهم بعد إعلان دولة إسرائيل عام 1948 تسمى بالنكبة، لذلك لا يعترف معظم الفلسطينيين بحق إسرائيل في احتلال أي جزء من الأراضي الفلسطينية.
قال إنه تمكن من العيش في فلسطين حتى سن الثامنة من عمره، مضيفا “النكبة جزء من تاريخنا. وبحسب روايات عائلتي وما قرأناه في مذكرات الأشخاص الذين عاشوا النكبة وخبروها، فإن ما حدث كان كارثة حقيقية”.
الأحداث التي سبقت النكبة
مستذكرا الأحداث التي سبقت النكبة، قال التميمي إن عصبة الأمم، التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى، منحت بريطانيا حق الانتداب على فلسطين عام 1922.
وأضاف: “من خلال استخدام بعض القوانين لصالحها، بدأت بريطانيا بتشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين ومنحهم مزايا غير ممنوحة للسكان المحليين، وكذلك منحهم الأراضي. وهكذا استطيع القول إن الانتداب البريطاني شكل فرصة للحركة الصهيونية لتأسيس نفسها ونقل العديد من مؤسساتها من أوروبا إلى فلسطين”.
تزايدت الهجرة اليهودية، خاصة مع الصعود السريع للحزب النازي في ألمانيا، بحسب التميمي.
مستهجنا تلك الأحداث، مضى التميمي قائلا: فجأة يُؤخذ منك وطنك، ويأتي ناس من الخارج، من بعيد، مدعين أنهم ضحايا فظائع ارتكبها ضدهم شخص آخر، ليس لك به علاقة. بعدها، تجبر على مغادرة وطنك حتى يكون لهؤلاء الناس دولتهم الخاصة”.
وأشار التميمي إلى أن “خطة التقسيم التي أصدرتها الأمم المتحدة، والتي قضت بتقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة يهودية وأخرى عربية، وتم اعتمادها في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947، سرّعت عملية طرد الفلسطينيين من وطنهم”.
يتابع التميمي: “بالنسبة للفلسطينيين، كان هذا اقتراحًا مستحيلًا! كيف يُطلب من الفلسطيني مشاركة منزله وحديقته مع شخص وصل للتو من أوروبا”.
“وفوق كل ذلك، بعد فترة طويلة تم إلقاء اللوم على الفلسطينيين، وقيل لهم: “لو كنتم قبلتم بالأراضي المقسمة، لكان لكم أن تحصلوا على دولتكم الخاصة”، بحسب التميمي.
رفض التميمي تلك المزاعم قائلا “هذا غير صحيح، لأن الحركة الصهيونية كانت وما زالت عاقدة العزم على احتلال فلسطين كلها، لكنهم يفعلون ذلك تدريجياً، ودون الحاجة إلى المسوغات”.
مفاتيح منزل عائلتي في فلسطين كانت دائماً معلقة على الحائط
التميمي نوّه أيضا إلى عمليات التهجير والتطهير العرقي الذي شهدته القرى الفلسطينية، لافتا أنها “شهدت زخمًا ملحوظًا وكبيرًا بعد إعلان إسرائيل استقلالها في 14 مايو/ أيّار 1948”.
واستذكر التميمي كمثال على ذلك ما حصل مع عائلته.
قال: “قيل لجدتي وجدي اللذين طردا من بئر السبع: لا بأس عليكما، يمكنكما الذهاب حاليًا وبشكل مؤقت إلى أي منطقة آمنة، وترك كل ما تملكانه داخل المنزل، فقط أغلقوا الأبواب وخذوا المفاتيح، ريثما نحل المشكلة في غضون أسابيع قليلة، ثم تعودون إلى المنزل.”.
“لقد فعلوا كما قيل لهم. أغلقوا الأبواب وأخذوا المفاتيح وذهبوا إلى الخليل، لكنهم لم يعودوا أبدًا. لقد اعتدنا أن نرى تلك المفاتيح عندما كنا أطفالاً. كانت مفاتيح منزل عائلتي في فلسطين معلقة دائمًا على الحائط”، على حد قول التميمي.
وأشار التميمي أيضا إلى نضال الفلسطينيين لمنع قيام دولة صهيونية على أراضيهم عام النكبة.
أكد أن “العرب الفلسطينيين يناضلون بقوة من أجل حماية وطنهم. ناضل والدي مع عمي في حرب عام 1948 لمنع قيام دولة صهيونية في فلسطين، حيث استشهد عمي”.
وأضاف أن “منذ أن بدأ المهاجرون اليهود بالقدوم من أوروبا واحتلال فلسطين، لم يتوقف الفلسطينيون عن نضالهم أبدًا. نحن نعلم أطفالنا وأحفادنا حقوقهم في فلسطين وأهمية مواصلة النضال من أجل نيل تلك الحقوق”.
لا يأخذون العبر من التاريخ
وحول ما يشهده قطاع غزة من حرب مدمرة خلفت كوارث إنسانية وصحية، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لفت التميمي إلى أن “الصهيونية عاجلا أم آجلا، ستُهزم”
واستنكر صمت المجتمع الدولي رغم استهداف إسرائيل للمدنيين في غزة وقتلها الآلاف منهم وتدميرها منازلهم وبناهم التحتية.
وقال إن “موقف ما يسمى بالمجتمع الدولي، أي القوى الإمبريالية في العالم بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية اليوم، يذكرني بموقفهم في جنوب أفريقيا عندما كان نظام الفصل العنصري، يستعبد الأغلبية السوداء ويحرمهم من حقوقهم بما في ذلك الحقوق الأساسية”.
ومضى “الصهاينة والدول الغربية لم يتعلموا الدروس ولم يستخلصوا العبر من التاريخ، إنهم متعجرفون لدرجة العمى. لا يريدون أن يتعلموا من التاريخ”.
واختتم قائلا “لا يريدون أخذ العبر من هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام، أو هزيمة فرنسا في الجزائر، أو هزيمة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. سيحدث نفس الشيء في فلسطين. وسوف تُهزم الصهيونية عاجلًا أم آجلا”.