حجز حساباتهم ومصادرة ممتلكاتهم.. السلطات الإسرائيلية تصعد من إجراءاتها ضد الأسرى المحررين في الداخل الفلسطيني والقدس
• الشيخ كمال خطيب يدعو إلى الثبات والصمود في مواجهة هذه السياسات التي تطال المحررين وسائر أبناء شعبنا
• القيادي محمد أسعد كناعنة: ملاحقات تهدف لضرب معنويات المحررين وإبعادهم عن النضال السياسي
طه اغبارية
في حربها على الفلسطيني، تستهدف السلطات الإسرائيلية كل شرائح شعبنا، في أنحاء الوطن، غير أنّها تتغول أكثر حين يتعلق الأمر بالأسرى، من في السجون أو تحرروا منها.
ومنذ عام 2020، تقوم السلطات الاسرائيلية بين الحين والآخر بحملة اقتحامات ومصادرة أموال وممتلكات وحجز على حسابات بنكية، لأسرى ومحررين، من القدس والداخل، بحجة “تلقي الأموال من السلطة الفلسطينية، كأجر ومكافأة مقابل ارتكاب عمليات إرهابية، حسب “قانون مكافحة الإرهاب لعام 2019″”، بحجة “دعم الإرهاب”.
ووقع في دائرة الاستهداف الإسرائيلي، العديد من الأسرى المحررين وعائلاتهم في الداخل الفلسطيني والقدس المحتلة، منذ حكومة بينيت-ليبد وتصاعدت هذه الحملة في ظل حكومة بنيامين نتنياهو ووزير “الأمن القومي” ايتمار بن غفير، وزادت حدّتها منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بل بلغت حد البدء بإجراءات سحب “المواطنة” لمحررين من الداخل.
مؤخرا، اقتحمت قوات من الأذرع الشرطية والأمنية الإسرائيلية، منازل عدد من الأسرى المحررين في القدس المحتلة والداخل الفلسطيني والجولان السوري المحتل. إلى جانب تخريب المنازل والعبث بمحتوياتها، صادرت القوات المقتحمة ممتلكات خاصة بالمحررين وعائلاتهم، من: أموال وسيارات ومصاغ وأجهزة حاسوب وكتب ومستندات خاصة، كما لجأت في بعض الحالات إلى تجميد الحسابات البنكية للأسير المحرر وأفراد عائلته والسطو على ما فيها من أموال.
تدفيع الثمن
يوم الاثنين الفائت، اقتحمت قوات من الشرطة وحرس الحدود والوحدات الخاصة، منزل القيادي في الداخل الفلسطيني وعضو لجنة المتابعة العليا، الأسير المحرر محمد (أبو أسعد) كناعنة من مدينة عرابة، وبعد تفتيش البيت جرت مصادر سيارته الخاصة وسيارة نجله، كما صودرت مستندات وملفات خاصة و”فيزا بنك البريد”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها منزل كناعنة للاقتحام، فضلا عن استدعاءاته الكثيرة إلى التحقيق واعتقاله لعدة أيام، علما أن كناعنة أمضى أكثر من 10 سنوات في السجون الإسرائيلية -على فترات- بتهم سياسية.
في حديثه لـ “موطني 48″، أكدّ كناعنة، أنّ ما يحدث للأسرى في السجون وللمحررين منهم، في الآونة الأخيرة، خطير جدا، علما أن الملاحقات والتضييق بحقهم -كما يقول- بدأ قبل سنوات، وذلك بهدف ضرب معنوياتهم وأهاليهم وإبعادهم عن النشاط والنضال السياسي.
وأضاف: هذا الاستهداف للأسرى والمحررين وإن زادت حدّته منذ اندلاع الحرب على غزة، إلا أنه بدأ قبل ذلك بكثير، وهو جزء من القوانين الفاشية الإرهابية التي تتصاعد من خلال الكنيست من سنوات، بهدف تقييد حركتنا في الداخل الفلسطيني بشكل عام، والتضييق على المحررين والمناضلين بصورة خاصة”.
وبخصوص مصادرة ممتلكات المحررين والحجز على حساباتهم وسبل التصدي لذلك، يكمل القيادي كناعنة: “إلى الآن لم تجد المسارات القانونية لوقف هذا الاستهداف الممنهج نفعا، ويجب تحريك هذا الملف على عدة مستويات، شعبية، ودولية، مع مواصلة الجهود في المسار القانوني، كذلك مطلوب من وزارة شؤون الأسرى الفلسطينية أن يكون لها الاهتمام في هذا الجانب”.
ويقرأ كناعنة هذه الحملة، بالقول: “إسرائيل تعتبرنا كفلسطينيين في الداخل “خطأ تاريخي” لأنها لم تتخلص منا بالتهجير القسري، لذلك تسعى إلى تدفيع الثمن لكل فلسطيني له دور في النضال من اجل الحرية، فكم بالحري بالأسرى، كان لهم دور فاعل من أجل الحرية ونصرة قضايا شعبنا؟! المؤسسة الإسرائيلية تريد قمع كل صوت لناشط، لأنها تتعامل معنا كأعداء”.
وختم محمد أسعد كناعنة حديثه لـ “موطني 48″، بالتأكيد على “ضرورة الصمود والثبات رغم الملاحقات الشديد للمحررين خاصة في هذه الفترة العصيبة، فهذا أقل ما يمكن في مواجهة هذه السياسات الفاشية”.
حملة متواصلة
إلى قائمة المُحرّرين المُستهدفين بالحملة الإسرائيلية، انضم الشيخ خالد اغبارية من مدينة أم الفحم، والذي يبلغ مجموع محكومياته في السجون الإسرائيلية 17 عاما، بتهم أمنية.
واقتحمت قوات من الشرطة والوحدات الخاصة منزل اغبارية بتاريخ 3/1/2024، وصادرت سيارته كما استولت على مبلغ مالي بقيمة 22 ألف شيكل.
يقول في حديثه لـ “موطني 48″، إن السلطات الإسرائيلية تطالبه بدفع 320 ألف شيكل بذريعة أنها مخصصات مالية تلقاها من السلطة الفلسطينية. بحسبه، فإن السلطات الإسرائيلية تطالب الأسرى المحررين بدفع مبالغ مالية تزعم أنهم تلقوها من السلطة منذ عام 2016 فصاعدا.
وأضاف أنّ التوجّهات إلى المحامين من أجل اتخاذ إجراء قانوني لاستعادت الممتلكات المصادرة، لم تكلل بالنجاح، وأنّ الدولة تطالب المحررين بدفع كل الأموال التي تدّعي أنهم تلقوها كمخصصات من السلطة، وفي حال عدم قدرتهم على ذلك تقوم بمصادرة ممتلكاتهم لتغطية هذه المبالغ.
وناشد اغبارية، الهيئات القيادية في الداخل الفلسطيني وأعضاء الكنيست العرب بالتدخل لوقف هذه الحملة المتواصلة ضد الأسرى المحررين.
وقال “بعض الأسرى المحررين صادروا ممتلكاتهم وسياراتهم وجمدوا حساباتهم في البنوك، تعطلت أعمالهم وزادت ظروفهم المعيشية ضيقا، وهذا الأمر يتطلب حراكا عاجلا من لجنة المتابعة وأعضاء الكنيست العرب من اجل الضغط لوقف هذه الحملة المسعورة”.
من جهته، ندّد الأسير المحرر إسلام مرعي من قرية الفريديس بالحملة المسعورة التي تشنها السلطات الإسرائيلية ضد المحررين. وقال لـ “المدينة”، إن الشرطة الإسرائيلية وعناصر من المخابرات اقتحموا منزله في تاريخ 3/1/2024، وصادروا سيارته ومبلغ 2000 شيكل كما جرى الحجز على حسابه في البنك والاستيلاء على 7 آلاف شيكل توفرت فيه. وتطالب السلطات الإسرائيلية مرعي بدفع 120 ألف شيكل بذريعة تلقيه مخصصات عن سجنه من السلطة الفلسطينية.
وقضى مرعي 5 سنوات في السجون الإسرائيلية بتهم أمنية، وتحرر عام 2015، واعتبر أن هذه الحملة ضد المحررين غير قانونية وجائرة، مشيرا إلى أنه “بعد خروجي من السجن وفقني الله تعالى لدراسة الخدمة الاجتماعية، وانشغلت في شؤون حياتي وعملي، لكن مثل هذه الحملات المسعورة ضد الأسرى، تعطل الحياة والمعاملات اليومية للشخص، خاصة أن المحامين يقفوا أيضا عاجزين في مواجهة هذه الإجراءات من ناحية قانونية”.
وناشد مرعي القيادات العربية بضرورة التحرك في هذا الجانب، ضد هذا الاستهداف الخطير للمحررين.
وفي الإطار، شملت الحملة الإسرائيلية ضد الأسرى المحررين في الداخل -وفق مصادر موطني 48- كلا من المحررين، خالد سكران من طمرة، وظافر جبارين من أم الفحم، وأمير نفار من اللد، هذا إلى جانب استهداف آخرين في مرحلة سابقة مثل المحررين: كريم يونس وماهر يونس.
كما شنّت السلطات الإسرائيلية، مؤخرا، حملة ضد الأسرى المقدسيين والأسرى المحررين، وداهمت القوات، منازلا للأسرى في عدة بلدات وأحياء في المدينة، وصادرت من العائلات “مركبات، مبالغ مالية، وقطع ذهبية”، بقرار من وزير الأمن الإسرائيلي.
وعلم موقع موطني 48، أن قوات الاحتلال اقتحمت، عدة منازل في بلدات “صور باهر، البلدة القديمة، الطور، سلوان، وجبل المكبر”، لأسرى في السجون ولأسرى محررين، وقامت بعمليات تفتيش وتخريب لكامل محتويات المنازل، وأجرت تفتيشات جسدية للعديد من النسوة والشبان وكبار السن، كما أخضعت البعض لتحقيقات ميدانية خلال عملية التفتيش.
مدير نادي الأسير ناصر قوس أوضح في حديث معه، أنه منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي، هناك حملة ضد الأسرى المقدسيين والأسرى المحررين، بتوقيفهم على الحواجز الطيارة في شوارع المدينة، وبعد فحص الهويات والاحتجاز يتم شطب رخص “مركباتهم أو الدراجات النارية”، وفرض مخالفات مالية.
تعقيب “الحريات”
من جانبه، عقّب الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا على هذه الحملة المسعورة ضد المحررين، لـ “موطني 48″، بالقول: “واضح جدا أنّ هذا السلوك المتمثل بمداهمة بيوت أسرى محررين ومصادرة سيارات وأموال وحتى الذهب الخاص بزوجات وبنات الأسرى المحررين، واضح انه ليس هو السلوك الوحيد الذي يُظهر طبيعة الدور الذي تقوم به الشرطة في ظل رئاسة بن غفير لها، سواء كان هذا الشكل من أشكال التضييق والملاحقة أو ما يجري داخل السجون”.
وأضاف: “الاسرى المحررون كانوا داخل السجن وتلقوا مخصصات من السلطة، وكان هذا بعلم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، أمّا أن يأتي الآن وزير الشرطة ويريد ممارسة العقاب والملاحقة لهم، فهذا يشير إلى طبيعة المرحلة التي يراد أن تفرض علينا، وهو -كما قلت سابقا- حكم عسكري غير معلن، وسياسات تشير إلى شكل المرحلة المقبلة التي بدأت بعد السابع من تشرين الثاني الماضي”.
يتابع الشيخ كمال: “نحن في لجنة المتابعة بحثنا هذا الملف وهو لا يزال قيد التباحث، إلى جانب بحث التضييق الممارس علينا وعلى أبنائنا في الجامعات والعمل. المطلوب منّا الثبات والصبر والقدرة على استيعاب الحدث. وفي تقديري، ستُفرض علينا ظروف أصعب مما نحن فيه، فعلى ما يبدو من يريدون تهجير أهل غزة، لا أستبعد أن هذا نفسه قد يكون مخططا تجاه أبناء الداخل الفلسطيني، بالتالي، خيارنا الوحيد أن هذه أرضنا التي ولدنا فيها ولن نموت وندفن إلا فيها”.