ما أشبه اليوم بالأمس.. اشتباكات إسرائيل مع حزب الله وحربها على حماس
الإعلامي أحمد حازم
بعد وقت قصير من بدء إسرائيل حربها على فطاع غزة، سارعت الولايات المتحدة إلى إرسال أهم وأكبر حاملات طائرات عندها إلى المنطقة وإرسال مستشارين وخبراء عسكريين، إضافة إلى زيارات لأهم قادتها مثل الرئيس بايدن، ووزير الخارجية بلينكن، ووزير الدفاع لويد اوستن. ما يعني دعما عسكريا ومعنويا وسياسيا كاملا للدولة اليهودية كما تسمي نفسها، بدليل انها أقرّت قانون القومية كبرهان على ذلك. إذًا، الولايات المتحدة مشارك رئيس في الحرب والإصرار على عدم وقفها.
في الخامس من الشهر الماضي، شارك ما لا يقل عن 300 ألف شخص في مظاهرة حاشدة بالعاصمة الأميركية واشنطن للمطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، منددين بالسياسات الداعمة لإسرائيل وبدور الرئيس جو بايدن الذي وصفه متظاهرون بأنه “شريك في الإبادة”.
صحيح أنّ إحدى حاملات الطائرات التي وصلت للمنطقة لدعم إسرائيل تحمل اسم الرئيس الأمريكي الأسبق “دوايت ايزنهاور” لكن ابنة العائلة الشابة أماندا آيزنهاور لها موقف آخر، إذ شاركت وفقا لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، في أكبر مظاهرة في العاصمة الأميركية منذ بدء الحرب على غزة قادمة من فرجينيا. ليس هذا فقط فقد صرَّحت ابنة عائلة آيزنهاور بأن “السماح بإزهاق هذا العدد الكبير من الأرواح البريئة أمر مرفوض، ولا نستطيع اعتبار ذلك نزاعا متكافئا وإنها وصمة تصيب تاريخنا ولا يمكنني القبول كمواطنة أنَّ تمول الضرائب التي أدفعها هذا الأمر”.
هنا التاريخ يعيد نفسه. العاصمة الامريكية واشنطن نفسها شهدت في 15 نوفمبر/ تشرين ثاني عام 1969 مظاهرة ضخمة مناهضة للحرب في فيتنام، شارك فيها ما يزيد عن نصف مليون شخص، وتعد بذلك الأكبر في تاريخ المدينة. في تلك المظاهرة أراد مئات الآلاف من الأمريكيين القول لرئيسهم في ذلك الوقت ريتشارد نيكسون، إنَّ الوقت قد حان لوقف تلك الحرب الدموية والوحشية. وقد ردَّد المتظاهرون كلمات أغنية المغني المشهور جون لينون “امنح السلام فرصة”، لكن نيكسون لم يمنح السلام أي فرصة، ولم يعمل على وقف الحرب تمامًا كما يفعل الرئيس الحالي جو بايدن إزاء الحرب على غزة.
ما أشبه اليوم بالأمس. مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق ديفيد شينكر كتب مقالًا في مجلة “ناشيونال إنترست”، شبّه فيه موقف الولايات المتحدة من الحرب على غزة مع ما حدث خلال حرب تموز عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله، ودعا إلى “تعلّم الدرس من حرب تموز التي استمرّت 34 يومًا، حيث تقول المعلومات المتوفرة إنَّ حزب الله اطلق في هذه الحرب أكثر من 4,000 صاروخ على إسرائيل، وأسقطت إسرائيل نحو 7,000 قنبلة وصاروخ على لبنان. وبلغت ذروة الحرب بغزو برّي إسرائيلي واسع النطاق لجنوب لبنان فقُتل في المجموع ما يقرب من 160 إسرائيليًا و1,200 لبناني، ونزح مليون لبناني”.
وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليسا رايس أصدرت في العام 2011 مذكرات لها في كتاب يحمل اسمًا غريبا عجيبًا وهو: “لا شرف أعلى” No Higher Honor تتحدث فيه أيضا عن حرب تموز عام 2006. تقول رايس في مذكراتها “كان المجتمع الدولي ينتقل من اليأس تجاه تزايد الخسائر الإنسانية إلى مرحلة إلقاء اللوم على إسرائيل”. وبعد أسابيع من الحرب، التقت رايس نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك عمير بيريتس وأخبرته بأنّ “الوقت ينفد وأنّها لا تستطيع الصمود والاستمرار في معارضة وقف إطلاق النار لفترة أطول.” وهذا ما يحدث الان في غزة حول استمرار الحرب.
ما أشبه اليوم بالأمس. الدبلوماسي الأميركي شينكر المتخصّص في شؤون لبنان ايضا، يعترف بأنّ أداء إسرائيل “كان ضعيفًا خلال حرب تموز ضدّ حزب الله ولم يكن الجيش الإسرائيلي غير مستعدّ للحرب فقط، بل كان يفتقر إلى المعلومات الاستخبارية والأهداف والتدريب اللازم للمهمة”. ويقارن شينكر ما جرى في الحربين عام 2006 والعام الحالي بقوله: “كما في الأسابيع الأولى من حرب عام 2006، بذلت واشنطن حتى الآن جهودًا غير عادية لتوفير الوقت الكافي لإسرائيل لإضعاف قدرات حماس وتدمير أصولها العسكرية في شمال غزة.