غزة الفلسطينية وإدلب السورية.. وتشابه مواقف نتنياهو وبوتين
هناك العديد من الأمور التي تبرهن على مدى الصداقة الشخصية بين الروسي بوتين والإسرائيلي نتنياهو، أو بصورة أصح بين العلماني الشيوعي بوتين وبين اليميني اليهودي نتنياهو. وهذه الصداقة لا تعتمد فقط على علاقة شخصية بين الإثنين، بل تتجاوزها الى تفاهمات في السياسة وممارستها على صعيد الشرق الأوسط. فهناك قواسم مشتركة في النهج بين الاثنين ولا سيما في عمليات القصف. وعلى سبيل المثال قصف نتنياهو لغزة وقصف بوتين لإدلب السورية.
نتنياهو يريد افراغ غزة من أصحابها الفلسطينيين، وبوتين يريد افراغ ادلب من أهلها السوريين.
نتنياهو أفرغ شمال غزة من السكان، ووصلت اعداد المهجرين الى نحو مليون فلسطيني، وبوتين هجَّر من أهل ادلب نحو مائة وعشرين الفا حتى الآن. نتنياهو في حربه على غزة دمّر مستشفيات ومدارس ومستوصفات ومساجد وكنائس، ومبان سكنية، وبوتين يقصف أسواق إدلب التجارية عمدًا وفي وضح النهار، لإيقاع أكبر عدد من الضحايا.
من يعتقد بأنَّ روسيا بوتين تقف الى جانب الفلسطينيين فهو مخطئ، بدليل أنَّ بوتين لم يتخذ موقفا جديًا من الحرب على غزة. كما أن بوتين له تاريخ مخز على صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. اسمعوا ما تحدثت عنه الصحافة العبرية في الخامس عشر من شهر يونيو/ حزيران عام 2020، ذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، أنَّ الرئيس الروسي بوتين استجاب، لطلب نتنياهو باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مبادرة لإدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، لإصدار قرار في مجلس الأمن الدولي يلزم إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية.
وذكرت الصحيفة العبرية أنَّ نتنياهو، قال في جلسات مغلقة، إن روسيا وافقت على استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار يصدر عن مجلس الأمن يعلن أن المستوطنات غير قانونية، ويلزم دولة الاحتلال بالانسحاب من الأراضي المحتلة، وهي المبادرة التي تمخض عنها القرار 2334. هذا الموقف هو وصمة عار على جبين بوتين الذي طالما يتشدق بدعمه للمواقف الفلسطينية. هذا الموقف من بوتين هو عربون صداقة مع “حبيب قلبه” نتنياهو. موقف مخز آخر على الصعيد السوري، تحدث عنه موقع “مونيتور” الأميركي. ففي السابع والعشرين من شهر فبراير/شباط عام 2021، نشر الموقع تقريرا عن الصداقة بين بوتين ونتنياهو ودور بوتين في صفقة تبادل أسرى جرت بين سوريا إسرائيل من العام نفسه، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنّ نتنياهو تفاخر بصداقته مع بوتين بعدما تمكّن الرئيس الروسي من إطلاق سراح الإسرائيلية نعمة يسخار التي أوقفت عدة أشهر في موسكو لحيازتها مخدرات.
ليس هذا فقط، فقد تحدث تقرير “مونيتور” عن التنسيق الإسرائيلي-الروسي في سماء سوريا، حيث تشن إسرائيل باستمرار غارات على أهداف تابعة لحزب الله وإيران في سوريا. وفي هذا الإطار، ذكّر الموقع بتصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عقب غارة موسعة على مدينة دير الزور، والذي قال فيه: “إذا كانت إسرائيل مضطرة، للرد على تهديدات لأمنها تصدر من الأراضي السورية، فقد قلنا لزملائنا الإسرائيليين عدة مرات: إذا رصدتم مثل هذه التهديدات، فيرجى تزويدنا بالمعلومات المعنية، وسنتخذ جميع الإجراءات لتحييد هذا التهديد”. هذه هي روسيا بوتين الذي لم يتوقف قصفه لإدلب السورية طيلة تصعيد الحرب على قطاع غزة.
في الخامس من شهر شباط/فبراير هذا العام ذكر موقع RT الروسي بأنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، توصل إلى حل مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حول المصالح الإسرائيلية في الشرق الأوسط، وان هذا الحل لا يهدد المصالح الروسية، وفي ذات الوقت يضمن تحقيق المصالح الإسرائيلية. الأمر اللافت للنظر في هذا الموضوع، أن إسرائيل لن تتدخل بالتواجد الروسي في سوريا، مقابل ترك روسيا لإسرائيل وشأنها وعدم التدخل في مصالحها في المنطقة.
ديمتري ترينين المدير السابق لمركز كارنيغي في موسكو، وعضو مجلس السياسة الخارجية والدفاعية الروسي يقول إن ساسة وجنرالات روس إلى جانب إسرائيليين يشتركون في ما وصفه بـ السياسة الواقعية للعالم، وان ثورات الشرق الأوسط، مهدت لقفزة في العلاقة الشخصية والمصالح المشتركة الوثيقة بين بوتين ونتنياهو.