أخبار رئيسيةالضفة وغزةومضات

تعديلات على “خطة شتات” جديدة للفلسطينيين برعاية أميركية

كشفت مصادر مصرية ودبلوماسية غربية في القاهرة تفاصيل تعديلات “خطة شتات جديدة لسكان قطاع غزة”، تسعى الولايات المتحدة لترويجها لدى دول في الشرق الأوسط، وإقناعها بالمشاركة الفاعلة فيها، لضمان غطاء عربي لها، من أجل خلخلة الكتلة السكانية في القطاع البالغ عدد سكانه نحو 2.3 مليون نسمة.

ونقل “العربي الجديد” عن مصدر مصري مطلع على تحركات القاهرة بشأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قوله، إن “صمود المقاومة في القطاع ساهم بقدر كبير في تعديلات متكررة بشأن الخطط الغربية والأميركية المتعلقة بالتعامل مع قطاع غزة ومستقبله”.

ولفت إلى أن “التصور الأولي الذي طرحته حكومة الاحتلال على الإدارة الأميركية وبعض الداعمين الغربيين قبيل بدء العدوان، كان يتضمن تقديرات ميدانية أقل كثيراً مما ظهر في الميدان لقوة المقاومة وحركة حماس وقدرتها على المواجهة، وهو ما تسبب في ارتباك واسع في خطط الإدارة الأميركية”.

وأضاف المصدر أن “حكومة الاحتلال قدمت تصوراً للإدارة الأميركية في بداية العدوان يشير إلى القضاء على الجانب الأكبر من قدرات المقاومة خلال أسبوعين على أقصى تقدير، يُستخدم خلالهما حجم نيران ضخم وغير معتاد”. وأشار إلى أن ذلك التصور “كان يهدف إلى الحصول على الدعم الأميركي إزاء الضغوط التي ستتولد جراء حجم النيران المستخدمة”.

وكشف المصدر أنه “حتى الوقت الراهن، تحرص وفود أوروبية وأممية على التوجّه إلى شمال سيناء” المصرية، مضيفاً أن “مخطط التوطين أو النقل المؤقت لعدد من سكان القطاع إلى سيناء لا يزال يراود بعض الدوائر الغربية”، رغم موقف مصر الرافض للمخطط، “نتيجة موقف ممانع من أجهزة ومؤسسات نافذة في البلاد”.

وأوضح المصدر أنه “لوحظ أن بعض الوفود الأوروبية الموجودة في شمال سيناء حالياً تجمع معلومات تفصيلية عن الوضع في المنطقة، من حيث عدد السكان، وحجم المساحات غير المأهولة، ومقومات المنطقة بشكل عام”.

وذكر أن “مصر كثفت خلال الأيام الأخيرة من وجود قوات حرس الحدود على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة”، كاشفاً عن “زيادة عدد نقاط المتابعة والتمركز على الشريط، البالغ طوله 14 كيلومتراً، بنحو عشر نقاط جديدة”.

وفي هذا السياق، قال دبلوماسي غربي في القاهرة، إن “هناك تقدماً في أحد التصورات المطروحة بشأن سكان القطاع”، مضيفاً أن “الإدارة الأميركية تعمل على تصور يقود في نهاية الأمر لاستيعاب مليون ومائة ألف من سكان القطاع في عدد من الدول العربية، وسط مواطنيها والأجانب العاملين فيها، وليس في صورة مخيمات أو تحديد مناطق محددة لهم”.

وأوضح الدبلوماسي الغربي أن “عدداً من دول بالمنطقة، وخارجها، أبدى استعداداً لبحث الموافقة على الخطة وتحديد أعداد يمكن استيعابها على أراضيه”، موضحاً أن “بعض الدول يمكنها استيعاب 250 ألف غزّي لديها”.

تهجير أهالي غزة هدف استراتيجي
من جهته، عبّر رئيس الدائرة السياسية لحركة “حماس” في غزة باسم نعيم، في حديث صحفي، عن اعتقاده “أن هذا الأمر هدف استراتيجي كان موضوعاً على طاولة العدو، وطاولة الداعمين له، وإن كانت قد تراجعت حماسة الأوروبيين والغربيين له”.

وأوضح أن السبب يعود لأنهم “اصطدموا بتمسك أسطوري لأبناء شعبنا بأرضهم ووطنهم، وبمقاومة شرسة، وبموقف عربي وإسلامي متماسك برفض فكرة التهجير وتكرار مشهد النكبة”.

وأضاف أن “الكل أصبحت لديه قناعة بأن الأمر لا يتعلق بالسابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولا بحركة حماس، بل بقضية سياسية بدأت منذ 75 عاماً”. ولفت إلى أنه “إذا لم يُحلّ هذا الأمر في إطار رؤية سياسية متكاملة، فلن يُحلّ الإشكال ولن يؤدي تهجير الناس أو تغيير معالم قطاع غزة، سواء الجغرافية أو الديمغرافية، إلى الأمن والاستقرار”.

وأشار نعيم إلى أن “العدو حاول أكثر من مرة إعادة ترتيب قواته، وتغيير خطط عمله، مرات بالهجوم البري، ومرات بالقصف الدموي الوحشي لتجمعات سكانية من دون أي مبرر، سواء لمدارس اللجوء، أو للأحياء السكنية المدنية، أو لغيرها”، بالإضافة إلى “حرمان الناس من خدمات تساعدهم على البقاء في المدن، مثل تدمير المستشفيات، وقصف آبار المياه، وتدمير المخابز، والحصار الوحشي على مدار أكثر من 45 يوماً بحرمان الناس من الماء والدواء والوقود والاتصالات”.

واعتبر أن كل ذلك يأتي “في إطار استعمال أقصى ما في يديه من أوراق، لتحقيق هذا الهدف”، لافتاً إلى أنه “حتى هذه اللحظة، فشل في تحقيقه، والدليل على ذلك آخر الإحصائيات التي استمعنا إليها بأنه لا يزال أكثر من 80 بالمائة من سكان شمال قطاع غزة في مناطقهم، يرفضون الخروج رغم كل القصف والدمار”.

نية إسرائيلية مبيّتة لتهجير الفلسطينيين
بدوره، اعتبر أستاذ القانون الدولي العام وخبير النزاعات الدولية محمد محمود مهران، في حديث صحفي، أن “الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة تندرج ضمن محاولات تنفيذ مخططات التهجير القسري الجماعي بحق الفلسطينيين”. وقال إن “الدمار الهائل الذي خلفه القصف الإسرائيلي المتواصل، وقصف المنشآت المدنية والمستشفيات، وتهجير الآلاف من العائلات جراء الرعب والذعر، تؤكد وجود نية إسرائيلية مبيّتة لإجبار أهالي غزة على الرحيل الجماعي عن أراضيهم”.

بالنظر إلى حجم الدمار والخراب الهائل الذي خلفه القصف، وتهجير الآلاف من العائلات، فقد جزم مهران بـ”أننا أمام محاولة إسرائيلية جديدة لتنفيذ مخططات التهجير القسري الجماعي بحق أهالي غزة، عبر إرهابهم وتهديد حياتهم وتدمير بيوتهم وممتلكاتهم بشكل كامل”.

واستذكر “مخططات التهجير الإسرائيلية السابقة منذ نكبة 1948 حتى اليوم، والتي كان هدفها طرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين عن وطنهم وإفراغ فلسطين من سكانها الأصليين لتسهيل السيطرة عليها”.

ولفت مهران إلى أنه “رغم عدم إعلان إسرائيل رسمياً عن أي مخططات تهجير في الوقت الراهن، إلا أن أفعالها وممارساتها الوحشية على الأرض تؤكد وجود نية مبيّتة لدفع الفلسطينيين للرحيل الجماعي عن غزة بأي طريقة كانت، سواء عبر القتل والتدمير أو خلق أجواء من الرعب والذعر الشديد”.

وأشار إلى أن هذه الممارسات “تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب، حيث تحظر المادة 49 منها بشكل قاطع تهجير السكان المحميين أو نقلهم القسري خارج الأراضي المحتلة”.

ورأى أن “سياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها إسرائيل في غزة، والقصف العشوائي المتعمد للمنازل والمستشفيات والبنى التحتية المدنية، يرقيان إلى جرائم حرب وفقاً للمادة 147 من الاتفاقية، والمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.

تحكم إسرائيلي بما يدخل إلى غزة
على صعيد آخر، كشف مصدر مصري آخر أن “عملية إدخال المساعدات من مصر إلى قطاع غزة باتت تحصل بشكل كامل وفقاً للشروط الإسرائيلية”. وقال إن “وفداً تقنياً أممياً يقيم في مدينة العريش (الحدودية) للإشراف على تسلّم المساعدات وتفريغ الطائرات ومراجعة حمولتها”.

وأوضح مسار المساعدات التي تحمّل “على الشاحنات حتى تصل إلى معبر كرم أبو سالم (بين مصر وغزة وإسرائيل) أو العوجة (بين مصر وإسرائيل)، ليتسلمها فريق أممي آخر ويراجعها مرة أخرى ويفتشها بشكل دقيق”.

ولفت المصدر نفسه إلى أن هذه الإجراءات كانت “شروطاً إسرائيلية للموافقة على تمرير القدر البسيط من المساعدات الإنسانية”. وقال إن “هذه هي المرة الأولى، خلال مواجهات الصراع والعدوان من جانب إسرائيل على القطاع، التي يتولى فيها فريق أممي الإشراف على دخول المساعدات من مصر”، موضحاً أنه في السابق “كان يتسلم الهلال الأحمر المصري شحنات المساعدات ويقسمها ويوزعها ويراجعها حتى الدخول إلى الأراضي الفلسطينية”.

ورجّح أن يكون الشرط الإسرائيلي بوجود فريق أممي مشرف في الجانب المصري، “ربما جاء في ظل إشارات بعض الأطراف الرسمية إلى غض طرف مصري عن الأسلحة التي تدخل إلى القطاع، إذ تعد الحدود المصرية مع غزة الطريق الرئيسي لها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى