فلسطيني يتغلب على الاعلام الغربي ويقلب الطاولة على رؤوس محاوريه
الإعلامي أحمد حازم
دبلوماسي فلسطيني يشغل منصب رئيس البعثة الفلسطينية في العاصمة البريطانية لندن، اسمه حسام زملط، هو دبلوماسي من نوع آخر. هو أول سفير فلسطيني في بريطانيا يستطيع حشد آلاف من البريطانيين من مختلف الأديان والاتجاهات السياسية في مظاهرة احتجاجية ضد الحرب على غزة.
زملط، الخمسيني العمر وُلد في عام 1973 ولمع نجمه العام الحالي. هو بريطاني في الدراسات العليا. صحيح أنّه يمثل السلطة الفلسطينية في منصبه، لكنه ليس منهم، لأنه من طينة أخرى، فهو ليس من طينة أوسلو وليس من مجموعة التنسيق الأمني. إنه يمثل فلسطين. انه رجل فلسطيني أكاديمي عالي الثقافة وسياسي بامتياز، فرض قوته الدبلوماسية واسلوبه في التحدث على الإعلام البريطاني واستطاع التغلب عليه.
انه من خارج صندوق سلطة رام الله. انه الأكثر عقلانية وعمقا في الدبلوماسية فلسطينيا وأوروبيًا ودوليًا. فهل نحن أمام اكتشاف جديد غير “غلمان أوسلو”؟ تعودنا أن لا نسمع إيجابيات من قيادة رام الله. حسام زملط، منهم وظيفة، لكنه يختلف عنهم ممارسة. هو لا يتأتئ في اختيار كلمات الدفاع عن الوطن وشعبه جهارة. فإذا كان الغير يحق له “الدفاع عن النفس” باستخدام لغة القصف والقتل، وبدعم دولي، ولا سيما أوروبا وأمريكا، فإن حسام زملط يستخدم لغة الحوار والاقناع بدعم من هم ضد لغة العنف.
الفلسطيني حسام زملط ابن المخيمات الفلسطينية، خرج الينا عبر شاشات الغرب ولا سيما شاشات الفضائيات البريطانية وأثير إذاعاتها، ليخاطب الجمهور البريطاني بلغة انجليزية وكأنها لغته الأم، برع في دبلوماسيته وأظهر قدرة فائقة في تفنيد أكاذيب الاعلام الغربي حول القضية الفلسطينية. في دبلوماسيته وحواره هو فلسطيني الانتماء والممارسة.
الفلسطيني حسام، يعرف انه تولى منصبًا في عاصمة دولة كانت تاريخيًا أول من طالب “بإنشاء وطن قومي لليهود”. ذاكرة الفلسطيني مثل ذاكرة التاريخ. ففي هذا الذاكرة ان لندن هي منشأ وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا في العام 1917، والذي كان السبب الرئيس في النكبة الفلسطينية. كان في منتهى الذكاء والحنكة السياسية والدبلوماسية في مقابلته مع أهم فضائيتين عالميتين قناة بي بي سي BBC وقناة CNN سي إن إن. في مقابلته مع بي بي سي، والتي لاقت اقبالا منقطع النظير، أراد مقدم البرنامج إحراج زملط عندما سأله: “هل تؤيّد ما فعلته حماس؟”. فأجاب زملط بكل ثقة: “هذا ليس السؤال الأهمّ. السؤال الأهمّ هو كيف يمكننا وقف المجازر الإسرائيلية التي تحصل بحقّ المدنيين الفلسطينيين؟ لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تساوي بين الاحتلال والشعب الواقع تحت الاحتلال، هذا لا يخدم العدالة ولن يخدم جمهورك في فهم الصورة الحقيقية”.
وفي مقابلة أخرى على شبكة CNN الأميركية، سألته المذيعة: “أوّلًا وقبل كلّ شيء، هل تدين ما فعلته حماس داخل إسرائيل؟”. فردّ عليها بثقة: “أوّلًا وقبل كلّ شيء، على الإعلام الغربي التخلّي عن هذا الإطار، رجاءً توقّفوا. دائمًا ما تبدأوا مقابلاتكم بطرح هذا السؤال”. وقال لها: “مليونا فلسطيني محتجزون رهائن من قبل إسرائيل لمدّة 16 سنةً، هل حدث أن طلبت من مسؤول إسرائيلي إدانة هذا العمل؟”، وأفهم المذيعة الأمريكية أن لندن مسؤولة عما جرى للفلسطينيين بقوله: “هذا الأمر مستمرّ منذ أكثر من 100 عام ولقد بدأ هنا في هذه المدينة، لندن. لأنّ بريطانيا هي من سلبتنا حقوقنا”.
جدير بالذكر أن حسام زملط، رفض في السابق ادانة العملية التي وقعت في القدس في السابع والعشرين من شهر يناير/ كانون ثاني العام الحالي وقتل فيها 7 مستوطنين وذلك بعد يوم واحد من المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في جنين.
حسام زملط يخوض حربًا إعلامية لا تقل ضراوة عن الحرب على غزة استطاع قلب الطاولة على محاوريه ولقّن الصحافة الغربية درسًا قاسيا، وهو مستمر في تلقين دروس من هذا النوع.