السلطات الإسرائيلية تفتك بالأسرى الفلسطينيين.. ظروف صعبة وشهادات فظيعة
تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات ضخمة في الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني، منذ السابع من أكتوبر الحالي طالت أكثر من 1500 فلسطيني بالإضافة إلى آلاف العمال من قطاع غزة.
يتعرض المعتقلون للضرب المبرح والتنكيل غير المسبوق، من قبل جيش الاحتلال والشرطة ما أدى إلى استشهاد اثنين منهم وإصابة العشرات دون تقديم أي علاج لهم بشهادة من أفراد أسرهم.
وكان القيادي في حركة حماس، الشيخ عمر دراغمة “أبو النمر” من بين الأسرى الذين استشهدوا بعد أن أمضى عدة سنوات في السجون الإسرائيلية وتعرض للاعتقال أكثر من خمس مرات.
في حديثها لوسائل الإعلام قالت عائلة الشيخ عمر، إن طريقة اعتقاله في التاسع من أكتوبر من منزله في مدينة طوباس كانت توحي بعنف غير مسبوق، حيث قام الجنود بتكبيله بوحشية وضرب جسده بالحائط عدة مرات بينما عائلته مجبرة على البقاء أرضا.
لم يكن يعاني الشيخ دراغمة (58 عاما) من أي مشكلة صحية، على العكس فإن عائلته تؤكد أن بنيته قوية ويتمتع بجسد صحي، ما دفعها للجزم بأن استشهاده في الثاني والعشرين من أكتوبر؛ كان نتيجة تعذيب أو ضرب عنيف.
توضح العائلة أن تقريرا طبيا أوليا وصلها من المحامي يظهر أن دراغمة عانى من نزيف في المعدة، وهذا لا يمكن أن يحدث بسبب مرض أو تعب بل بسبب التعرض لضربات قوية.
مع إيقاف الاحتلال لأي وسيلة علاج في السجون تتضاعف خطورة الإصابات وتزداد احتمالية فتكها بأجساد الأسرى، ليصبح المعتقلون أمام طريق مسدود.
تضيف العائلة: “المحامي رأى الشيخ في جلسة المحاكمة ومازحه وضحكا معا وهذا يعني أنه لم يكن يعاني من أي إصابة، بعد ساعات قليلة يأتي خبر استشهاده فما نوع الاعتداء أو الضرب الذي تعرض له بعد الجلسة؟!”.
ما زالت العائلة تعيش في صدمة كبيرة، فالشيخ عمر خرج من منزله بكامل صحته والآن لن يعود له أبدا، ولن تخفف أي محاولات لتبرير استشهاده من وقع الألم الكبير الذي تجرعته.
بعد أقل من 24 ساعة أعلنت إدارة السجون الإسرائيلية عن استشهاد الأسير عرفات حمدان (25 عاما) من بلدة بيت سيرا غربي رام الله بشكل مفاجئ.
مع تأكيد العائلة أن حمدان كذلك يتمتع ببنية صحية ممتازة يتعمق الاتهام للاحتلال بأنه ينفذ قانون إعدام الأسرى دون المصادقة عليه.
ضرب جنوني
في القدس المحتلة شنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات واسعة بعد السابع من أكتوبر طالت حتى الفتيات والمسنّات والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك، إلى جانب عشرات الشبان الذين لم تكن عليهم أي تهمة سوى مكان سكنهم القريب من الأقصى أو لوائح اتهام قديمة حوكموا عليها قبل سنوات.
أحد الشبان من قرية صور باهر جنوبي القدس قال في حديث معه إنه اعتقل في الثامن من أكتوبر من منزله بعد اقتحامه بعشرات الجنود، ثم تم نقله لسجن المسكوبية.
هناك بدأت صنوف العذاب، الضرب المبرح على الظهر والأطراف والدوس على رؤوس الأسرى والتبول عليهم وشتمهم ومحاولة كسر عظامهم بعد التجمع على الأسير بعدة عناصر من السجانين.
وتابع:” كانوا يضربوننا بعصي خشبية وحديدية وبالسلاسل، فقدت الشعور بأجزاء من جسدي من شدة الضرب وتخدرت أطرافي، كانوا يضربوننا كل يوم ولا يتركون لنا مجالا للتنفس حتى”.
وأشار إلى أن شرطة الاحتلال تعمدت إلى جانب الضرب المبرح منع العلاج عنهم وتجاهلت مناشداتهم من أجل التوجه للعيادة الطبية، كان الأسرى يداوون بعضهم البعض من خلال التعاطف فقط فلا يملكون أي وسائل أو أدوية.
وأضاف قائلا: “كان الطعام سيئا للغاية وننام على الأرض ويزعجنا السجانون بالطرق على أبواب الغرف بشكل مستمر كي لا ننام، ثم يبزغ الفجر ويبدأ عد الأسرى ومعه يبدأ الضرب المبرح”.
كل هذه المعاناة ولم يسمح لأي جهة دولية بزيارة الأسرى أو الاطلاع على أوضاعهم الجسدية والنفسية، ولم يسمح لهم حتى بالاتصال مع أهاليهم أو الحصول على إذن برؤية المحامي.
أفرج عن الشاب في العشرين من أكتوبر مع شرط الحبس المنزلي، وفور أن أفرج عنه شاهدت عائلته آثار الضرب العنيف الذي تعرض له.
ظروف كارثية
للمرة الأولى في تاريخ الحركة الأسيرة تكون الأوضاع مزرية بهذا الشكل، هذا ما وصفت به مؤسسات الأسرى الفلسطينية ما يمر به المعتقلون الفلسطينيون سواء القدامى أو الجدد.
وقالت في بيان لها: “إن حجم الجرائم والاعتداءات الجماعية والفردية على الأسرى، التي تتم خلال عمليات الاقتحام للأقسام والزنازين، والتي لا تتوقف على مدار الساعة، في تصاعد خطير للغاية، هذا إلى جانب سياسة التجويع التي تمارسها بحقهم، فلم يعد يملك الأسرى من الطعام، سوى ما تقدمه إدارة السّجون من لقيمات غير صالحة للأكل، والتي لا ترتقي لمستوى تعبير وجبات الطعام، التي قلصتها إلى وجبتين”.
وأوضحت أن إدارة السّجون عملت بكل الأدوات المتاحة، وعبر إجراءات ممنهجة لعرقلة زيارة المحامين للأسرى، حتى بعد إبلاغ المحامي بأنها وافقت على الزيارة، وفعليًا فإن الزيارات التي تمت حتّى اليوم هي زيارات محدودة جدًا، جرت ضمن ظروف صعبة، خاصّة أن إدارة السّجون، تتعمد الاعتداء على الأسرى الذين يخرجون لزيارة المحامي، أو للمحكمة، والتنكيل بهم، عدا عن أنّ العديد منهم قد تعرضوا لإصابات نتيجة للضرب المبرح.
وأضافت: “العدوان على الأسرى لم يبدأ فعليًا منذ السابع من أكتوبر، فالأسرى يواجهون عدوانًا مستمرًا وغير متوقف من عمليات التنكيل والإجراءات الانتقامية التي تشكّل جزءًا من بنية السّجن، إلا أنّ التّحول الأساس على واقع الأسرى اليوم، هو الانقضاض على كل ما تبقى للأسرى من حقوق، وكل ما حاول الأسرى ترسيخه على مدار عقود بالنضال والتضحية، واليوم وصل العدوان إلى ذروته الذي أعاد الأسرى إلى بدايات التجربة الاعتقالية الأولى من حيث مستوى الجرائم والظروف الاعتقالية الراهنة”.