الفلسطينيون من أفضل شعوب الأرض.. باعتراف “هآرتس”
الإعلامي أحمد حازم
مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل (وغيره أيضًا) قام بالترويج لفكرة (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) وهي فكرة نتج عنها إحدى أعظم الكوارث الإنسانية التي حدثت في القرن العشرين وهي تهجير الفلسطينيين. ويقصد بهذه الفكرة أن هناك (أرض بلا شعب) وهي أرض يجب أن تعطى إلى (شعب بلا أرض) وهم اليهود. فكرة كاذبة من أساسها. تعالوا نسأل اليهود بشكل عام وقادة إسرائيل بشكل خاص: ماذا كان اسم الأرض التي احتلتها إسرائيل وماذا كان اسم شعبها؟ الجواب يبين يشكل واضح كذب فكرة الصهيونية. فاسم الأرض فلسطين واسم سكانها فلسطينيون. مما يعني أننا أصحاب الأرض الأصليين وليس من احتلها.
الكل يعرف أنّ صحيفة “هآرتس” العبرية هي أكبر وأهم صحيفة في الإعلام العبري المقروء، إن لم تكن في الإعلام العبري بشكل عام. هذه الصحيفة التي لديها آلاف القراء اليهود (وأيضًا قراء عرب) عرّفت الشعب الفلسطيني بشكل لم تعرّفه الصحافة العربية. تقول الصحيفة في مقال لها: “الفلسطينيون شعب من أفضل شعوب الارض الذين هبوا للدفاع عن حقوقهم وكأنهم رجل واحد”. من الطبيعي إذا تعرضت أي دولة لعدوان يهب جيشها للدفاع عنها، وإذا تعرض أي شعب لعدوان فمن المفترض أن يهب الشعب للدفاع عن أرضه. اسمعوا ما تقول صحيفة “هآرتس” في هذا الصدد: “الفلسطينيون فعلا أصحاب الأرض، ومَن غير صاحب الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده بهذه الشراسة وهذا الكبرياء والتحدي؟”.
الفلسطيني ومنذ سنوات طويلة يتعرض للتنكيل والقهر والعنصرية، لدرجة دفع كاتب المقال للاعتراف بذلك في دفاعه عن الفلسطينيين بالقول: “أتحدى أن تأتي دولة إسرائيل كلها بهذا الانتماء وهذا التمسك والتجذر بالأرض، بعد أن أذقناهم ويلاتنا من قتل وسجن وحصار”.
في كتبهم يتحدثون عن إسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل. جاء في سفر التكوين 15: 18: “في ذلك اليوم قطع الرب مع إبراهيم ميثاقا قائلا: لنسلك أُعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات”. وحسب هذا السفر تشمل حدود أرض إسرائيل كل فلسطين التاريخية ومرتفعات الجولان. فهل يستطيع الجندي الإسرائيلي تحقيق ما ورد في التوراة؟ وما رأي صحيفة “هآرتس” في ذلك؟
اسمعوا ما تقول الصحيفة: “طالما أن تل أبيب ذاقت صواريخ المقاومة، فمن الأفضل أن نتخلى عن حلمنا الزائف بإسرائيل الكبرى فقد سقط القناع عن الجندي الاسرائيلي الذي لا يقهر، وأصبح يُقتل ويُخطف”.
الغريب في الأمر أنّ كاتب المقال غير متأكد من بقاء إسرائيل عشرة أعوام أخرى، ومن الأفضل ان يعمل العالم على تأسيس دولة فلسطينية بمعنى أنه يؤمن بحل الدولتين كضمان لبقاء إسرائيل، إذ يقول بكل وضوح: “يجب أن تكون للفلسطيني دولة جارة تسالمنا ونسالمها، وهذا فقط يطيل عمر بقائنا على هذه الأرض بضع سنين، وأعتقد بأنه لو استطعنا أن نستمر لعشرة أعوام قادمة كدولة يهودية، فلا بد أن يأتي يوم ندفع فيه كل الفاتورة”. ولماذا هذا التشاؤم من الكاتب؟ “لأن الفلسطيني سيبعث من جديد ومن جديد ومن جديد، وسيأتي مرة راكبا فرسه متجها نحو تل أبيب” كما يقول الكاتب.
فلسطين لها تاريخها، والشعب الفلسطيني غير المعترف به (صهيونيا) ورغم ذلك فإن غولدا مئير رابع رؤساء وزراء إسرائيل، رأت نفسها مضطرة خلال توليها رئاسة وزراء إسرائيل، الى التفكير “بإقامة دولة فلسطينية” رغم إنكارها لوجوده. صحيفة “هآرتس” تحدثت عن ذلك في مطلع شهر آب/أغسطس الماضي، إذ كشفت عن وثيقة تعود إلى عام 1970 تتضمن ما فكرت به مائير. الصحيفة وصفت الوثيقة بأنها “سرية” وأنها “تراجع” في مواقف مئير التي أنكرت وجود شعب فلسطيني.
ونقلت “هآرتس” عن مائير قولها بحسب الوثيقة: “أنا مستعدة لسماع ما إذا كان هناك بصيص أمل بالنسبة لدولة عربية مستقلة في يهودا والسامرة (مستخدمة الاسم التوراتي للضفة الغربية)، وربما في غزة أيضا، وإذا أطلقوا عليها اسم فلسطين فليكن”. لكنها رفضت أن تكون القدس عاصمة هذه الدولة.
غولدا مئير التي قالت ذات يوم انها لا يغمض لها جفن كلما يولد طفل فلسطيني، رأت نفسها مجبرة على الإقرار بوجوب إقامة دولة لهذا الطفل الفلسطيني الذي يمنعها من النوم.