الحزب الحاكم في تركيا يسعى لـ”دستور مدني جديد”.. هل يحظى بدعم المعارضة؟
يجري التحالف الحاكم في تركيا، استعداداته لطرح دستور مدني جديد، بدلا من ذلك الذي وضع بعد الانقلاب العسكري الذي جرى عام 1980، وسط تشديد من بعض أحزاب المعارضة على عدم المساس بالبنود الأربعة الأولى.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية ستجتمع مع الأحزاب الأخرى التي لديها مجموعات برلمانية، من أجل توجيه دعوة لوضع دستور مدني، وسواء قبلوا ذلك أم لا سنطرق كل الأبواب.
وأوضح أنه بدءا من الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، سنركز على ذلك في خطاباتنا البرلمانية، ونأمل أن نتخذ الخطوات اللازمة وفقا لذلك.
وأضاف: “يجب على تركيا الآن التخلص من عار الدستور الانقلابي، أمتنا تستحق أن يحكمها دستور يتوافق مع ظروف العصر، مدني حر، يحتضن الشعب بلغته ووحدته، وعلى الرغم من إحراز تقدم من خلال التعديلات التي تمت على مدار سنوات، إلا أن الدستور الحالي لا يتناسب مع القرن التركي”.
من جهته أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش، أن أهم بند على جدول أعمال الدورة البرلمانية الجديدة هو دراسة دستور جديد، يتلاءم مع القرن الثاني للجمهورية.
وتابع بأنه تم تعديل دستور 1982، 19 مرة، ولكن بما أن روح الدستور والمبدأ الأساسي له لا يزالان موجودين، وهناك حاجة ماسة للتعديل، فإن مهمة البرلمان جعل البنود الأربعة أكثر ديمقراطية، وتلاؤما مع الشعب.
وشدد كورتولموش على أنه يجب أخذ بعض القضايا في عين الاعتبار بشأن العملية المتعلقة بالدستور، مضيفا أنه “دستور لا يمثل الأحزاب السياسية فقط بل سيصبح دستورا للأمة”.
وأضاف أن العملية المتعلقة بالدستور الجديد، قد لا تحظى بدعم الجميع، لكن ممكن تحقيق أكبر قدر من توافق الآراء، مشددا على أهمية الحساسية التي يجب أن تبدى تجاه ذلك.
مواصفات ومزايا الدستور الجديد
وحول مواصفات الدستور، أكد كورتولموش أنه أولا يجب أن يكون دستورا جديدا، بروحه وبمضمونه وبفهم جديد.
وثانيا، يجب أن يكون مدنيا، بفهم يرتكز على الإرادة والسيادة الوطنية، ويتضمن القضايا التي بحاجتها تركيا، وهي عملية يجب أن تشارك فيه كافة شرائح المجتمع والمجتمع المدني.
وثالثا، يجب أن يكون دستورا ليبراليا، يوسع ويضمن الحقوق والحريات الفردية، وغير مقيد كما دستور 1982.
رابعا، أن يكون شاملا وتعدديا، يتضمن نصا يمثل جميع شرائح المجتمع المختلفة، يقبل فيه الغالبية، وينقل تركيا إلى قرنها الثاني.
وخامسا، صياغة دستور يستند على القيم الحضرية، ويتناسب مع أهداف تركيا المستقبلية ويركز على الفرد.
ما هي المواد الأربع الأولى في دستور 1982؟
المادة الأولى في الدستور تنص على أن “تركيا دولة جمهورية” وهي التي تشكل شكل الدولة.
أما المادة الثانية، فهي تحدد سمات الدولة، وتقول: “الجمهورية التركية جمهورية ديمقراطية علمانية اجتماعية، تقوم على سيادة القانون؛ في حدود مفاهيم السلم والعلم والتضامن الوطني والعدالة، مع احترام حقوق الإنسان، والولاء لقومية أتاتورك، وتقوم على المبادئ الأساسية الواردة في الديباجة”.
المادة الثالثة من الدستور، تؤكد على سلامة أراضي الدولة واللغة الرسمية والعلم والنشيد الوطني والعاصمة.
وتنص المادة الثالثة على أن “دولة تركيا بأمتها وأراضيها، كيان غير قابل للانقسام، ولغتها هي اللغة التركية.
وتتضمن المادة الثالثة أن علمها، والذي يحدد شكله القانون المعني، يتكون من هلال ونجمة أبيضين على خلفية حمراء، والنشيد الوطني هو “مسيرة الاستقلال”، والعاصمة هي أنقرة.
أما المادة الرابعة، فهي أحكام غير قابلة للتغيير، وتنص على أنه “لا يجوز تعديل أحكام المادة الأولى من الدستور التي تحدد شكل الدولة كجمهورية، وأحكام المادة 2 بشأن سمات الجمهورية، وأحكام المادة 3، ولا يجوز التقدم بمقترح لذلك”.
خطة من مرحلتين
صحيفة “ملييت” ذكرت أن شركاء “تحالف الجمهور” طوروا صيغة تهدف إلى إحياء المقترح الدستوري المتعلق بالحجاب، و”تعريف الزواج”، وسيتم السعي لاتفاق في الآراء مع أحزاب “الجيد” و”ديفا” و”المستقبل”.
وأشارت الصحيفة إلى أن العمل على دستور جديد سيستغرق وقتا طويلا، ولذلك فإن حزب العدالة والتنمية سيضع حزمة التعديلات الدستورية بهذا الشأن، على أن تتم مناقشتها بعد الانتهاء من مفاوضات الميزانية 2024 في البرلمان.
وفي تقرير سابق لـ”بي بي سي” التركية، فإن خطة التغيير الدستوري للحزب الحاكم مكونة من مرحلتين، أولا: سيتم عرض المقترح المتعلق بالحجاب، وثانيا، مناقشة دستور جديد.
وأضاف التقرير، أن هدف “تحالف الجمهور” الذي يخطط لطرح اللائحة المتعلقة بالحجاب، على البرلمان قبل الانتخابات المحلية، هو جلب المعارضة إلى طاولة “الدستور الجديد”.
وتشير التوقعات إلى أن صياغة دستور جديد ستستغرق وقتا طويلا، ويجري البحث عن أرضية للتصالح مثل تشكيل “لجنة مصالحة دستورية” تضم الأحزاب السياسية بتمثيل متساو.
ويملك “تحالف الجمهور” 323 مقعدا في البرلمان، ولا تكفي لإجراء التعديلات الدستورية، ويرى الجناح الحاكم أن هناك أرضية أكثر ملاءمة للتغيير الدستوري، بسبب زيادة ثقل التيار القومي المحافظ في البرلمان بعد انتخابات 14 أيار/ مايو. وإذا لم تدعم المعارضة التعديلات الدستورية، فإنه يخطط للتلويح باستخدام “الاستفتاء” مرة أخرى قبل الانتخابات البلدية.
وفي الخطوة الثانية المتعلقة بـ”الدستور الجديد”، يشير حزب العدالة والتنمية إلى أن التوصل إلى إجماع واسع النطاق في البرلمان ضروري لذلك، ويذكرون أنه قد تكون هناك آلية جديدة على جدول الأعمال لهذا الغرض.
يذكر أنه تم الاتفاق على 60 مادة في “لجنة المصالحة الدستورية” التي تشكلت عام 2011 بتمثيل متساو لجميع الأحزاب السياسية، ويمكن استخدام ذلك كأساس للدستور الجديد.
ما موقف الأحزاب بشأن الدستور الجديد؟
وفي تعليقه على الدستور الجديد، ذكر المتحدث باسم حزب الجيد كورشات زورلو في مؤتمر صحفي، أن موقف حزبه يتمثل في أن المناقشات حول هذا الأمر الآن، ستخلق خللا في المنافسة قبل الانتخابات المحلية، ما يثير القلق من استخدامها كأداة لذلك، مؤكدا أنه يجب ترك هذه المسألة لبعد الانتخابات التي ستجرى في آذار/ مارس المقبل.
وقال غوكهان قونايدن، نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، إنه من غير الممكن العمل على وضع دستور مع حزب العدالة والتنمية، “الذي من الواضح أنه ليس لديه هدف السعي إلى الديمقراطية” على حد قوله.
وتابع بأن حزبه يريد إضفاء الطابع الديمقراطي على الدستور والقوانين والإجراءات التنظيمية العامة، وأن تكون البلاد بعيدة عن الوصاية المدنية والعسكرية.
وزعم أن جهود الحكومة تنصب في حل الكتلة الديمقراطية قبل الانتخابات المحلية، مستدركا بالقول: “نريد دستورا مؤهلا وحديثا وديمقراطيا، وسنفعل ذلك مع شعبنا”.
ونقلت “بي بي سي” بالنسخة التركية عن مصادر في حزب اليسار الأخضر الكردي، أنه بعد تغيير اسم الحزب ليصبح حزب الحقوق الديمقراطية، فقد يعلن المسؤولون التنفيذيون ونواب البرلمان إعلانا يتضمن شروط الجلوس على الطاولة بشأن الدستور الجديد، وتتضمن الشروط رفع العزلة عن عبد الله أوجلان، وإنهاء ممارسة الوصاية على البلديات.