“المسجد الأقصى”.. 56 عامًا من الصراع مع الاحتلال أفشله صمود المقدسيين
يواجه المسجد الأقصى صراعاً طويلاً بدأت ملامحه منذ أن وطأت أقدام الاحتلال الإسرائيلي الغاشم المدينة المقدسة عام 1967، ولا يزال مستمراً بل يأخذ أشكالاً أكثر تصعيداً، ضمن مخطط ممنهج الهدف منه السيطرة الكاملة على الأقصى وبناء الهيكل المزعوم.
ورغم مرور حوالي 56 عاماً على حالة الصراع، إلا أن مخططات الاحتلال أُفشلت وتحطمت على صخرة صمود المقدسيين الذين لم يتوانوا بالدفاع عن المسجد الأقصى في كل المحطات النضالية التي مرّ بها منذ ذلك الوقت، ما أسفر عن ارتقاء مئات الشهداء وإصابة آلاف الجرحى، واعتقال أعداد كبيرة في سجون الاحتلال.
ومرّ الأقصى بمحطات مهمة في الصراع كان أولها عام 1967، حينما استباح جنود الاحتلال المسجد بشكل كامل ومارسوا كل أنواع الرذيلة والفساد ورفعوا العلم الإسرائيلي فوق قبة الصخرة، إلى أن تدخل المقدسيون والحكومة الأردنية والسفارة التركية وغيرها، وجرى الاتفاق على إخراجهم.
والمحطة الثانية هي احراق المسجد الأقصى عام 1969، حينما هبّ المجتمع المقدسي لإطفاء النيران وإعادة إصلاح الخراب الذي حلّ به، والثالثة المذبحة التي وقعت داخل المسجد وراح ضحيتها 27 شهيداً وعشرات الإصابات.
هبة النفق
وفي 25 سبتمبر/ أيلول 1996، اندلعت “هبة النفق” احتجاجا على حفر وافتتاح الاحتلال للنفق الغربي أسفل المسجد الأقصى المبارك.
وفي يوم 28 سبتمبر/أيلول عام 2000، اقتحم رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق أرئيل شارون وحراسه باحات الأقصى، وقال حينها “إن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية”، لكن الفلسطينيون تصدوا له بكل قوة، فاندلعت انتفاضة عارمة سُميت “الأقصى”.
وفي النصف الثاني من عام 2015 تواترت الأحداث في القدس من اقتحامات متلاحقة من جيش الاحتلال لساحات الأقصى، وتكرر الاعتداء على “مرابطي الأقصى” الذين يعتكفون في المسجد دفاعا عنه.
أما في 16 يوليو/ تموز 2017 فقد انطلقت “هبة الأقصى” واستمرت حتى 25 يوليو/تموز2017 ، وكانت تحركا شعبيا حاشدا وواسعا تميز باعتصامات متواصلة على بوابات الأقصى التي وضعت عليها سلطات الاحتلال بوابات إلكترونية لتفتيش وفحص المصلين، وذلك إثر هجوم مسلح انتهى بمقتل اثنين من عناصر شرطة الاحتلال على باب حطة.
وفي 22 فبراير/شباط 2019، تمكن المقدسيون من إعادة فتح مصلى باب الرحمة، شرقي المسجد الأقصى، بعد هبّة انطلقت حينها عُرفت باسم “باب الرحمة” بعدما اغلقته شرطة الاحتلال الاسرائيلي عام 2003.
وفي شهر مايو/ أيار 2021 اندلعت معركة “سيف القدس” التي خاضتها المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة رداً على اعتداء الاحتلال للمسجد الأقصى وتدنيسه من المستوطنين.
قوة المقدسيين
وقال نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس د. ناجح بكيرات، إن المجتمع المقدسي استطاع بصموده افشال مخططات الاحتلال في المسجد الأقصى.
وبيّن بكيرات في حديث صحفي، أن ثلاثة عوامل ساعدت المقدسيين بالتغلب على الاحتلال ومخططاته أولها أنه يتمتع بقوة وعصامية في الدفاع عن الأقصى، والثاني تأثره ببيئة الأقصى جعله يتمتع بالثبات وثقافة الرباط الدائم في باحاته.
والعامل الثالث وفق بكيرات، أن المجتمع المقدسي عاصر الاحتلال ولا يزال يعيش تحت انتهاكاته، وهو ما خلق له حالة من النهضة والوعي والانتباه يستطيع من خلالها مجابهة مخططات الاحتلال.
وشدد على أن “الصراع لا يزال مستمراً إذ يحاول الاحتلال تمرير مخططاته وزيادة اعداد المقتحمين بحماية عسكرية خاصة في فترة الأعياد المزعومة وابعاد الشخصيات الدينية المؤثرة”.
وأضاف “الأقصى ما زال اسلامياً وسيبقى كذلك، فهو عنوان للفلسطينيين والأمة الإسلامية، فقد قارب المشروع الصهيوني على الانتهاء بإذن الله، بفعل تلك العوامل”.
مخطط تاريخي
بدوره، أكد الباحث والناشط المقدسي ماهر الصوص، أن الاحتلال يسعى منذ احتلاله للقدس لتنفيذ مخططه التاريخي المبني على عقيدة أنه “صاحب الأرض وهناك هيكل مكان الأقصى”.
وأوضح الصوص في تصريح صحفي، أن الاحتلال يواصل مساعي التهويد لجعل القدس ذات طابع يهودي، وذلك عبر تكثيف الهجمات العنصرية والاقتحامات، مؤكداً رفض المقدسيين لهذا المخطط “جملة وتفصيلا”.
وقال: “المسجد الأقصى خط أحمر بالنسبة للمقدسيين الأمر الذي يجعلهم يواصلون الدفاع عنه بكل ما لديهم من قوة”، محذراً من أن الأقصى يعيش في “خطر محدق” بفعل سياسات الاحتلال التهويدية والعنصرية.
وبيّن أن الاحتلال انتقل لمرحلة تهويدية أخرى تطال كل ما يحيط في الأقصى مثل استهداف المناطق المجاورة له وتغيير أسماء الشوارع وتهويد المنهاج، من أجل الوصول لهدفه بتحويل الأقصى لطابع يهودي.
وجدد تأكيده ان الوجود المقدسي يشكل القلب النابض للمسجد الأقصى الذي عطّل تنفيذ المشروع الصهيوني، مشيراً في الوقت ذاته إلى دور المقاومة في مساندة المقدسيين والذي شكّل رادعاً قوياً للاحتلال.