الثروة المائية العالمية تواجه خطر الإجهاد إثر تغير المناخ
–خبيران تركيان يحذران من التداعيات السلبية لتغير المناخ الذي بدأ يُنذر بمخاطر الإجهاد المائي.
–محمد أمين أيدين، محاضر في جامعة أربكان: تركيا هي الأوفر حظا بالموارد المائية مقارنة بدول الجوار.
–الإجهاد المائي ظهر بسبب تزايد الطلب على المياه والاحتباس الحراري.
–دوغان يشار، مدير معهد التكنولوجيا بجامعة 9 إيلول: يجب استخدام وسائل أكثر كفاءة بالري وإعادة الاستفادة من مياه الأمطار.
حذر خبيران تركيان من الآثار السلبية لتغير المناخ حول العالم، لاسيما أن تغير المناخ بدأ فعليا بدفع بعض البلدان باتجاه الإجهاد المائي.
جاء ذلك على لسان المحاضر في قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة والعمارة في جامعة نجم الدين أربكان التركية محمد أمين أيدين، ومدير معهد العلوم والتكنولوجيا في قسم علوم الأرض البيئية بجامعة 9 إيلول التركية دوغان يشار.
ولفت الخبيران إلى أن تركيا تحتل المرتبة 39 بين الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، وأن البلاد تمتلك كمية مياه متجددة سنوية قابلة للاستخدام تبلغ 112 مليار متر مكعب، وأن هذا الرقم قد ينخفض بسبب تغير المناخ.
ووفقا لبيانات تطبيق (Aqueduct)، وهو تطبيق لتقييم مخاطر المياه جرى تطويره من قبل معهد الموارد العالمية، فقد تضاعف الطلب على المياه في جميع أنحاء العالم منذ 1960.
وتعاني البلدان التي تشكل ربع سكان العالم وتستهلك 80 بالمئة من مواردها المائية المتجددة في مجالات مثل الزراعة والري وتربية الحيوانات، من إجهاد مائي، بسبب ضعف وسائل استغلال المياه والنمو السكاني وتغير المناخ.
ويقضي نحو 4 مليارات شخص ( 50 بالمئة) من سكان العالم، شهرا واحدا على الأقل من العام تحت ضغط مائي مرتفع، فيما يعاني 83 بالمئة من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و74 بالمئة من سكان جنوب آسيا من إجهاد مائي شديد.
وبالتزامن مع زيادة درجات الحرارة العالمية، وتوقعات بارتفاعها 2.4 درجة مئوية بحلول 2100، فمن المتوقع أن يعاني مليار شخص من إجهاد مائي شديد بحلول عام 2050.
وتشير التوقعات إلى ارتفاع الطلب العالمي على المياه بنسبة بين 20 و 25 بالمئة بحلول 2050، وسيعاني جميع سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الإجهاد المائي.
ووفق بيانات التطبيق، تعتبر الكويت على رأس قائمة الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، يتبعها الشطر الرومي (اليوناني) من جزيرة قبرص (جنوب قبرص)، وسلطنة عُمان وقطر والبحرين ولبنان والإمارات، بالإضافة إلى السعودية وإسرائيل ومصر، فيما تحتل تركيا المرتبة 39 في القائمة.
تركيا الأوفر حظا من حيث الموارد المائية مقارنة بدول الجوار
من جانبه، قال المحاضر في قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة والعمارة في جامعة نجم الدين أربكان التركية محمد أمين أيدين، إن الموارد المائية في العالم تنقسم إلى مجموعتين رئيسيتين هما المياه الجوفية والسطحية.
وأضاف لوكالة الأناضول “تغطي المياه نحو 71 بالمائة من العالم، ومع ذلك لا يمكن استخدامها على نطاق واسع بسبب ملوحتها”.
وأشار إلى أن إجمالي الإمكانات المائية في العالم ثابت، وحوالي 97.5 بالمئة منها عبارة عن مياه مالحة، والـ 2.5 بالمئة المتبقية مياه عذبة.
وتابع “ما يقرب من 68.7 بالمئة من المياه العذبة هي على شكل أنهار جليدية، في حين أن 30 بالمئة منها موجود في جوف الأرض وتعرف بالمياه الجوفية، و25 بالمئة منها تكون عبارة عن مياه متراكمة في البحيرات والسدود، وتسمى مياه سطحية.
وأوضح أيدين أن معدل الإجهاد المائي لبلد ما، يتم حسابه من خلال الأخذ في الاعتبار إمكاناته المائية المتجددة والصالحة للاستخدام، وأن حصول الفرد على كمية مياه أكثر من 1700 متر مكعب، تعني أن البلد لا يعاني من إجهاد مائي.
وتابع: “أما إذا كان العدد بين 1000 و500، فهذا يسمى ندرة المياه، وإذا كانت كمية المياه للفرد أقل من 500، فهذا يعني وجود شح مطلق في المياه.
ولفت إلى وجود دول مجاورة لتركيا مثل الأردن ومصر تقل فيها كمية المياه للفرد عن 500 متر مكعب، فضلا عن أن الصحراء تشكل غالبية مساحة تلك البلدان.
وقال “تركيا هي الأوفر حظا من حيث الموارد المائية مقارنة بدول الجوار، إذ تبلغ الكمية السنوية من المياه المتجددة المتوفرة في تركيا 112 مليار متر مكعب”.
وفي حديثه عن حصة الفرد المائية في تركيا، قال “كمية المياه للفرد في تركيا تبلغ حاليا حوالي 1300 متر مكعب، وهو ما يعني وجود إجهاد مائي، ومع ذلك يمكن القول أن تركيا هي الأوفر حظا بين الدول التي تعاني من الإجهاد المائي.
ارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ يزيد من التبخر
وعن النسبة وأعداد السكان، قال أيدين “عدد سكان العالم الذي كان 3 مليارات في الستينيات، وصل إلى 8 مليارات بحلول عام 2022، وأن عدد سكان تركيا ارتفع من 27 مليونا في 1960، إلى نحو 85 مليونا في 2022، وأن استخدام المياه يرتبط بشكل مباشر بالنمو السكاني”.
ولفت أيدين إلى أن الإجهاد المائي ظهر مع زيادة الطلب على المياه، وأن ظاهرة الاحتباس الحراري تعتبر أحد أهم العوامل التي تهدد موارد المياه، بصرف النظر عن الزيادة السكانية.
وأشار إلى أن الارتفاع المفاجئ في درجات الحرارة مع تغير المناخ يزيد من التبخر وهذا يزيد من الإجهاد المائي.
وذكر أيدين أن مابين 74 و75 بالمئة من المياه في تركيا تستخدم في الزراعة، و مابين 15 و20 بالمئة تستخدم في الصناعة، و مابين 10 و12 بالمئة تستخدم ضمن الاحتياجات المنزلية.
وأشار أيدين إلى أن تركيا قد تتأثر أكثر بالجفاف لأنها تقع في المنطقة المناخية المتوسطية، داعيا المواطنين إلى التصرف بوعي أكبر خلال استخدام المياه.
حروب المياه ستندلع في المستقبل
بدوره، قال مدير معهد العلوم والتكنولوجيا في قسم علوم الأرض البيئية بجامعة دوقوز إيلول التركية.دوغان يشار، إن أزمة المياه الناجمة عن الاستخدام غير الواعي يمكن أن تتحول إلى حروب إقليمية.
وأضاف، “إن الاستهلاك الواعي للمياه مهم لحماية الموارد المائية، وخاصة في القطاع الزراعي”.
ودعا إلى إيقاف إنتاج الخضار والفواكه خلال فترات الجفاف لأن هذه المحاصيل تتطلب كميات كبيرة من المياه خلال مرحلة الإنتاج.
وأكد يشار على أهمية التخلي عن الوسائل التقليدية في الري، واستخدام الثروة المائية بطرق ووسائل أكثر كفاءة مثل التقطير، وكذلك فصل مياه الأمطار عن مياه الصرف الصحي في المدن وإعادة الاستفادة من مياه الأمطار بعد تحليتها.