توأما الإجرام بحق فلسطين.. الصهيونية احتلت وبريطانيا وعدت ونهبت
الإعلامي أحمد حازم
تاريخ الاجرام والقتل والتشريد والنهب وسرقة البنوك وأموال الناس بحق فلسطين، له عنوان مزدوج مثل الميدالية ذات الوجهين: الوجه الأول الصهيونية والوجه الثاني بريطانيا، بمعنى أن الصهيونية وبريطانيا توأما احتلال وسرقة. الصهاينة حرامية الأرض لأنهم سرقوا وطنا، والبريطانيون الذين خططوا لدعم الصهاينة في اغتصاب فلسطين (وعد بلفور) هم أيضًا حرامية المال لأنهم نهبوا أموال فلسطين بعد تسليمها للصهاينة عام 1948. المعلومات المتوفرة، وحسب وثائق أرشيفية رسمية، تقول إنَّ بريطانيا بعد انتهاء احتلالها لفلسطين عام 1948 نهبت 138 مليون جنيه فلسطيني، ويتوجب عليها أخلاقيًا وسياسيا إرجاع هذا المبلغ إلى أصحابه الأصليين الفلسطينيين. لكن كيف حصل ذلك؟
بعد انهيار الدولة العثمانية عام 1917 احتلت بريطانيا فلسطين وقامت بإلغاء العملة التركية واستخدام العملة المصرية والانجليزية مؤقتًا أي لفترة محددة. وفي عام 1927أصدر الحاكم البريطاني لفلسطين (الذي كان يسمى المندوب السامي) مرسومًا باستبدال الجنيه المصري بالجنيه الفلسطيني، حيث ظل التعامل به مستمرًا في البلاد حتى سنة 1948، عام الاحتلال الصهيوني لفلسطين. البنك المركزي الفلسطيني الذي تم تأسيسه في تلك الحقبة الزمنية كان يضع في احتياطه جنيهًا ذهبا مقابل كل جنيه فلسطيني يتم صكه. تقول المعلومات إن بريطانيا جمّدت جميع الأموال الفلسطينية التي كانت موجودة في البنك المركزي الفلسطيني وحظرت خروجها بموجب قانون في بريطانيا اسمه “الدفاع المالي البريطاني”.
وبما أن بريطانيا كانت هي المحتلة، استولت على كل الأموال التي كانت موجودة في البنك قبل تسليمها فلسطين للعصابات الصهيونية. وقد بلغ ما نهبته بريطانيا من أموال فلسطين 138 مليون جنيه فلسطيني وهذا المبلغ يساوي آنذاك، حسب تقدير المختصين، ألف طن من الذهب الخالص، وقامت بإرسال الأموال إلى لندن. المعلومات تفيد بأن قيمة هذه الأموال في الوقت الحالي تساوي 80 مليار دولار. لكن هذا ليس كل شيء. فهذه الأموال ظلت محتجزة أو بالأحرى منهوبة ولا تزال لغاية الآن منذ 75 عاما بمعنى أن قيمتها التراكمية طيلة تلك الفترة وحسب الخبراء تصل إلى 7 تريليون دولار. الخبير الفلسطيني في الشؤون الاقتصادية والسياسية، سمير الدقران يقول إنه يمتلك وثائق تؤكد هذه الحقائق وان “التقارير التسلسلية لمجلس النقد الفلسطيني تثبت ذلك، وهذه الأموال هي حق للشعب الفلسطيني وودائع فلسطينية استولت عليها بريطانيا كقوة احتلال ويجب أن تعاد لفلسطين”.
الغريب في الامر، ان الجانب الفلسطيني الرسمي يركز على الاعتذار البريطاني وليس على التعويض. ففي عام 2017، هددت السلطة الفلسطينية بمقاضاة بريطانيا إذا لم تعتذر عن وعد بلفور الذي صادفت مئويته في ذلك العام. فماذا كان الردّ البريطاني آنذاك؟ رئيسة وزراء بريطانيا في تلك الفترة، تيريزا ماي، ردت على التهديد الفلسطيني بكل وضوح بإعرابها “عن فخرها بوعد بلفور وبدور بريطانيا في إقامة دولة إسرائيل على أنقاض فلسطين والفلسطينيين”. وهذا يعني أن التهديد والتنفيذ لا يساويان شيئا لدى بريطانيا.
المفروض بالجانب الفلسطيني ليس المطالبة بالاعتذار فقط بل بالتعويض أيضا عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها بريطانيا بحق الشعب الفلسطيني خلال ثلاثة عقود من الاحتلال. المعلومات المتوفرة تقول: منذ بداية قمع البريطانيين للثورة حتى إخمادها بالكامل في ربيع عام 1939، قُتل ما يقرب من تسعة آلاف فلسطيني، منهم ما لا يقل عن عشرة في المائة من السكان الذكور الفلسطينيين البالغين.
من المفروض الى جانب مطالبة الحكومة البريطانية بتعويضات، أن يتم رفع دعاوى قضائية ضد الشركات والبنوك وشركات التأمين التي كانت متواطئة مع بريطانيا في الجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني.
وأخيرًا… السؤال المطروح الآن: لماذا لم يقم الجانب الفلسطيني لغاية اليوم بتشكيل هيئة موسعة من الأخصائيين في هذا الشأن من اجل استرداد ما نهبته بريطانيا.