باحث إسرائيلي يدعو لتأسيس “دولة جديدة” وتلافي الأخطاء السابقة
قال الباحث في شئون الأمن القومي الإسرائيلي، إيهود عيلام، إن “الأوضاع الحالية هي الأنسب لإقامة جمهورية إسرائيلية ثانية، لأنها تجد نفسها في وضع يتعيَّن عليها إعادة اختراع نفسها فيها حتى لا تتلاشى، وهي تحتاج لعلاقات مع دول أخرى، وبالتأكيد مع الولايات المتحدة”.
وأوضح الباحث، عبر مقال نشره موقع “زمن إسرائيل”، بأن “الأزمة الحالية في إسرائيل داخلية في الأساس، ولا يجب على الإسرائيليين أن يتفاوضوا مع العرب والدول الأخرى، بل في الأساس أن يتفاوضوا مع أنفسهم، من خلال وضع الأسس المطلوبة لهذه الجمهورية الثانية” مشيرا إلى أن رغم محاولة مختلف الأوساط خفض مستوى اللهب في دولة الاحتلال، إلا أن الاضطرابات الراهنة لا تزال مقلقة، والضغط على الكوابح لم يعد”.
وأردف: “لكن رغم كل الصعوبات الموجودة الآن، فمن الممكن أن يصل الاحتلال لأعمق نقطة في هذه الأزمة، وقد لا ينجو على أي حال منها، وسيخرج منها أضعف بكثير، ومثل هذا الضعف سيؤثر عليه لسنوات عديدة، ويؤدي لتدهور وضعه الأمني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي، مع كل ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة”.
وأضاف أن “أولى الأسس المطلوبة أن تنشئ إسرائيل مؤسسات جديدة، وتغير المؤسسات القائمة من أجل تعزيز نظامها السياسي، من خلال تعزيز الضوابط والتوازنات، وحصول الرئيس على مزيد من الصلاحيات، باستخدام حق النقض ضد بعض إجراءات الحكومة، وحتى لا يكون الرئيس قوياً للغاية، يمكن أن يبطل حق النقض هذا بأغلبية كبيرة من أعضاء الكنيست، ربما الثلثين، ويمكن أن يكون هناك مجال لتأسيس برلمان آخر، كنوع من مجلس النواب، وبقاء الكنيست كمجلس الشيوخ، ووضع دستور، رغم أنه ليس حلاً سحرياً”.
وأكد أن “ثاني الأسس المطلوبة تتعلق بتقسيم إسرائيل إلى كانتونات خطوة معقدة وصعبة للغاية، بسبب المصالح المشتركة للجميع مثل الأمن القومي، وصغر حجم الدولة، واندماج مختلف سكانها، وزيادة صلاحيات الهيئات المحلية، وثالثها إنشاء وضع قائم جديد يتعلق بالدين، بحيث تتفق اليهودية الدينية مع اليهودية العلمانية، بحيث يستطيع الأرثوذكس والرعايا المتدينين والتقليديين والعلمانيين واليهود الملحدين مع أتباع الديانات الأخرى، صياغة مفهوم جديد في هذا الصدد”.
وأوضح أن “الأساس الرابع يستدعي مواصلة تنمية العلاقات مع مختلف البلدان، بما فيها الصين، خاصة على المستوى الاقتصادي، مع بقاء العلاقة الأهم على المستوى الاستراتيجي العسكري مع الولايات المتحدة، بحيث تستثمر إسرائيل تعزيز علاقاتها مع الراعي الأمريكي، وهو أمر ليس من السهل القيام به في ظل التغيرات الداخلية الجارية، بما فيها ابتعاد الجالية اليهودية عنها”.
وأضاف أن “الأساس الخامس يتطلب تفعيل مزيد من اتفاقيات السلام مع الدول العربية، رغم أن السلام مع مصر مازال باردا إلى حدّ ما، مع وجود مؤشرات إيجابية من سوق الطاقة التي قد تعمل على تدفئة علاقاتهما، مع استمرار هذا السلام “المصطنع” قد يستمر في التعثر إلى حد ما، لكنه مستمر لأكثر من أربعين عامًا، أطول مما سار عليه اليهود في الصحراء تائهين”.
ويؤكد المتحدث نفسه، خلال المقال أنه “كذلك فإن السلام مع الأردن بارد مثل الصحراء ليلًا، لكن المفارقة أن السلام مع الإمارات العربية المتحدة، يؤتي ثمارًا كثيرة في المجال الاقتصادي، مما سيجعل من السلام الجديد القديم مع الدول العربية عنصرين أساسيين في السياسة الخارجية لجمهورية إسرائيل الثانية”.
وأوضح أن “الأساس السادس يرتبط بضرورة حل الصراع مع الفلسطينيين، باعتباره المعضلة التاريخية، وسيكون من الخطأ تجاهل القضية الفلسطينية، ويجب على الجمهورية الإسرائيلية الثانية أن تواجه التحدي الفلسطيني، من خلال الاستثمار ببناء جسور صغيرة، وتعزيز أكبر قدر ممكن من العناصر التي ستساعد تؤدي في مرحلة ما لمفاوضات مع الفلسطينيين لإنهاء الصراع معهم، عبر توطيد التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية، بجانب ردع حماس، وبناء اقتصاد فلسطيني مستقل لا يعتمد على الاقتصاد الإسرائيلي، وتشجيع العناصر المعتدلة بين الفلسطينيين”.
وأشار أن “الأساس السابع يتعلق بإعداد جيش قوي، لأنه في ضوء الأزمة الحالية، والتحديات القائمة لفترة طويلة، سيكون هناك إصلاح هيكلي فيه مع إنشاء جيش الشعب” مذكرا أنه “في ضوء التحديات الداخلية، هناك مجال لتعزيز الشرطة بشكل كبير، وبناء مستشفيات جديدة، وتحسين المستشفيات القائمة، لأن آلاف الإسرائيليين يموتون، ويقتلون كل عام في الحرب البيولوجية الجارية في المستشفيات بسبب العدوى والبكتيريا من جميع الأنواع، والخلاصة هي إعادة بناء المشروع الصهيوني من خلال إقامة جمهورية إسرائيلية ثانية”.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الأسس السبعة تكشف أن دولة الاحتلال سقطت في نقاط ضعف خلال الفترة الماضية، ولم تتمكن من الخروج منها، وهي اليوم أمام أزمة خطيرة، مما يزيد من المشاكل والعيوب التي تزعجها منذ سنوات عديدة، وساهمت باشتعال الأزمة الحالية، وتفاقمها، مما يعبّد الطريق أمامها لتأسيس مملكة إسرائيل الثانية، بعد أن تم تأسيس المملكة الأولى في 1948، مع أن البعض ذكر أن المملكة الثانية تأسست عقب صدمة حرب 1973، وآخرون ذكروا أنها تأسست عقب الانقلاب الانتخابي في 1977.