ما العوامل التي تساعد “داعش” على تكثيف نشاطه في سوريا؟
كثف تنظيم الدولة “داعش” في الفترة الأخيرة هجماته ضد قوات النظام السوري في البادية السورية مستهدفاً الحواجز والنقاط العسكرية والقوافل التي تنقل النفط من مناطق سيطرة ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية “قسد” إلى مصفاة حمص التابعة للنظام السوري.
وأسفر آخر هجوم نفذته خلايا تابعة للتنظيم، عن مقتل 10 عناصر من قوات النظام مساء الاثنين، في ريف الرقة الشرقي، في هجوم على حواجز عسكرية تابعة لقوات النظام.
وقبل الهجوم الأخير بيوم، قتل خمسة عناصر من قوات النظام في بادية ريف حماة الشرقي جراء هجوم استهدف قافلة نفط قادمة من حقول النفط شرق سوريا.
وفي أواخر تموز/ يوليو الماضي، تعرضت قافلة صهاريج كانت تنقل النفط على طريق سلمية-الرقة لهجوم مسلح من قبل خلايا التنظيم، أسفر عن مقتل عناصر في قوات النظام السوري وإحراق الصهاريج.
ووفقا لحسابات التنظيم، فقد نفذت الخلايا 8 عمليات في سوريا قتل خلالها 76 شخصاً، وذلك خلال الفترة الممتدة من 27 تموز/ يوليو، وحتى 2 آب/ أغسطس، وذكرت صحيفة “النبأ” الناطقة باسم التنظيم، أنهم نفّذوا 3 عمليات في محافظة حماة، وعمليتين في دمشق، ومثلهما في دير الزور، وعملية في الحسكة.
وأضافت أن العمليات أدت إلى مقتل 76 شخصاً من الزوار الشيعة وقوات النظام السوري، بينما الباقون من عناصر “قسد”.
وعن العوامل التي تساعد خلايا التنظيم على النشاط في البادية السورية المترامية الأطراف والتي انكفأ إليها عناصر التنظيم بعد خسارتهم السيطرة الفعلية في آذار/ مارس 2019، يشير الباحث والخبير بشؤون الجماعات الجهادية، حسن أبو هنية إلى “اللامركزية” التي ينشط على أساسها التنظيم.
وقال إن تكتيك “اللامركزية” يساعد خلايا التنظيم في سوريا على شن حرب عصابات استنزاف، ينفذها عناصره الذين يقدر عددهم بنحو 10 آلاف مقاتل في سوريا والعراق.
تراجع الاهتمام الدولي بملف الإرهاب
وبحسب أبو هنية فإن تراجع عمليات “التحالف الدولي” في مكافحة “الإرهاب وتحديداً من جانب الولايات المتحدة، نتيجة التحولات الجيوسياسية، أي الانشغال بقضايا وأولويات أخرى، جعل التنظيم يعيد تنظيم صفوفه.
وتابع الباحث بالإشارة كذلك إلى انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، وقال: “لم تعد سوريا أولوية لروسيا”، مضيفاً أنه “بذلك فقد بات أمر مكافحة خلايا التنظيم بيد القوى المحلية (قسد، النظام السوري) التي تواجه المشاكل وتعاني من نقص الدعم”.
وفي السياق ذاته، لفت أبو هنية إلى استغلال التنظيم لـ”الأزمات”، مستدركاً بالقول: “خلايا التنظيم لم تغير من تكتيك حرب العصابات، ما يعني أن احتمال التحول الكبير لدى التنظيم ليس وارداً الآن”.
بدوره، يعدد الباحث المختص بشؤون الجماعات الإسلامية عباس شريفة أكثر من عامل يساعد التنظيم في استعادة نشاطه، أو المحافظة عليه، وقال: “يستفيد النظام من وجود خزان بشري وموارد مالية في شرق سوريا”.
منطقة مفتوحة
وإلى جانب ذلك، يتحدث شريفة عن نشاط خلايا التنظيم في منطقة مفتوحة جغرافيا (البادية السورية) يصعب ضبطها، ويقول: “لا بد من الإشارة كذلك إلى تضارب المصالح بين الأطراف الدولية، فعلى سبيل المثال لا تنشط الولايات المتحدة ضد خلايا التنظيم في البادية، على اعتبار أن التنظيم يستهدف المليشيات المدعومة من إيران، ومصالح طهران”.
من جانب آخر، أشار شريفة إلى أن عدم تمسك التنظيم بالسيطرة الجغرافية، تجعل تحركاته أسرع، وتعطيه عنصر السرية، وعدم إمكانية مراقبة تحركاته، علماً بأن المنطقة مفتوحة.
ويتوج كل ذلك، بحسب شريفة ظروف المنطقة، أي الصراع بين “قسد” و”الجيش الوطني” الذي يصارع النظام من جانب وروسيا والولايات المتحدة من جانب آخر، وقال: “أدى كل ذلك إلى تراجع قتال التنظيم في سلم أولويات كل الأطراف الموجودة في سوريا، ليمُنح التنظيم عوامل للحياة وبناء القوة”.
وقبل أيام، أعلن تنظيم الدولة في تسجيل صوتي، عن مقتل زعيمه “أبي الحسين القرشي”، في اشتباكات مع “هيئة تحرير الشام”، وأكد تنصيب أبي حفص الهاشمي القرشي مكانه، ليكون الأخير الزعيم الخامس للتنظيم.