قمة فيلنيوس.. بداية جديدة للعلاقات التركية الأمريكية
– اللقاءات التي عقدها الرئيس أردوغان أصبحت محط أنظار الصحف الدولية.
– جيفري مانكوف: أردوغان تمكن من الحصول على كل ما أراده.
– لوك كوفي: موقف أنقرة من انضمام كييف للناتو استمرار لسياستها الرامية لتوسيع الحلف.
تصدرت السياسة التركية عناوين الصحف العالمية في الوقت الذي اجتمع فيه 31 من قادة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي “الناتو” في ليتوانيا الأسبوع الجاري، من أجل تمهيد الطريق لضم السويد.
كما سُلطت الأضواء أيضا على لقاءات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة الليتوانية فيلنيوس مع زعماء ومسؤولين دوليين، لا سيما محادثاته مع نظيره الأمريكي جو بايدن، والتي وصفتها أنقرة بأنها بداية “مرحلة جديدة” مع واشنطن.
وكان الاجتماع بين أردوغان وبايدن تتويجا لسلسلة من الاتصالات الدبلوماسية رفيعة المستوى بين تركيا والولايات المتحدة في الفترة التي سبقت قمة فيلنيوس، بما في ذلك ثلاث مكالمات هاتفية بين وزير الخارجية هاكان فيدان ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في غضون 5 أيام فقط، إضافة إلى مكالمة هاتفية بين أردوغان وبايدن، الأحد الماضي.
وتعليقا على هذا التطور في العلاقات الثنائية بين أنقرة وواشنطن، أعرب لوك كوفي، الباحث البارز في معهد هدسون بواشنطن، عن “تفاءل حذر” في هذا الشأن.
وقال في تصريح صحفي: ” يمكننا استغلال الوضع الآن لتعزيز العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا”.
وأضاف: “نشهد حاليا فرصة لبناء الثقة، سواء بانضمام السويد إلى “الناتو”، أو بيع الولايات المتحدة طائرات إف 16 إلى تركيا”، واصفا تلك التطورات بأنها “إيجابية”..
ورأى كوفي أن ستوكهولم عالجت “الشكاوى المشروعة والمخاوف التي أثارتها تركيا بشأن دور تنظيم بي كي كي (منظمة إرهابية) داخل السويد”، مشيرا إلى أن هذا التطور “يوفر فرصة لعلاقة جديدة أخرى” بين البلدين.
بدوره اعتقد جيفري مانكوف، كبير المساعدين في برنامج روسيا وأوراسيا التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن الرئيس أردوغان “ربما ضمن الحصول على ما أراد الحصول عليه” دون مزيد من التفاصيل.
وقال: “صمد الرئيس أردوغان حتى اللحظة الأخيرة للحصول على أكبر قدر من الامتيازات، سواء من السويد عندما يتعلق الأمر باستهداف نشاط تنظيم بي كي كي أو الجماعات ذات الصلة، ومن الولايات المتحدة وأعضاء آخرين فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة والعقوبات”.
كما اعتبر أن الرغبة في تحسين العلاقات مع الناتو والقوى الغربية على نطاق أوسع بعد الحرب في أوكرانيا “لعبت أيضا دورا” في هذه التطورات.
– أوكرانيا وحلم الانضمام للناتو
وبالحديث عن حلم أوكرانيا بالانضمام إلى التحالف العسكري وانتقاد رئيسها فولوديمير زيلينسكي تردد دول الناتو في توجيه الدعوة لبلاده من أجل بدء عملية الانضمام، اعتبر كوفي الباحث في معهد هدسون أن رغبة قادة الناتو “محدودة” في ضم دولة إلى التحالف وهي تعيش حالة حرب مع دولة أخرى.
وكان البيان الختامي لقمة فيلنيوس أشار إلى أن انضمام أوكرانيا إلى التحالف “مؤكد بعد توافق الأعضاء واستيفاء الشروط المطلوبة” دون تحديدها.
وأضاف كوفي في حديث صحفي: “أعتقد أن هناك إجماعا على أن أوكرانيا يجب أن تكون في الناتو يوما ما، وينص البيان بوضوح على ذلك، لكن لا يمكن أن يحدث هذا الأمر الآن، لأن أوكرانيا منخرطة في حرب”.
وأوضح الباحث في معهد هدسون أن أهم ما حمله بيان فيلنيوس بالنسبة لكييف هو “تخلي أعضاء الناتو عن خطة العمل الخاصة بقبول العضوية”.
وفي هذا الشأن شدد الرئيس التركي خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأوكراني في إسطنبول، على أن أوكرانيا “تستحق عضوية الناتو”.
وبحسب كوفي، يعد موقف أنقرة من انضمام كييف “استمرارا لسياسة تركيا طويلة الأمد لدعم توسع الناتو”.
وتابع: لقد كانت تركيا واحدة من أكثر المؤيدين لتوسيع الناتو سواء عندما يتعلق الأمر بمقدونيا الشمالية أو جورجيا أو أوكرانيا، وهذا مثال رائع على الدور القيادي لتركيا داخل التحالف”.
وفي معرض الحديث عن المسألة ذاتها، أيّد مانكوف موقف الناتو من أن ضم أوكرانيا حاليا “يجعل الحلف وأعضاءه أطرافًا في النزاع الحالي (مع روسيا)”، ووصفه بأنه موقف “معقول”.
كما أشار إلى أن البيان الخاص بقمة فيلنيوس “يعكس حقيقة عدم وجود إجماع داخل الناتو حول توقيت أو آلية عضوية أوكرانيا”.
وأردف: “هناك إجماع على أن أوكرانيا يجب أن تكون عضوا، وهو موقف قائم من حيث المبدأ منذ عام 2008، ولكن حتى الآن لا يوجد إجماع حول الوصول إلى هذه المرحلة”.
وبشكل عام، اتفق الخبيران خلال حديثهما للأناضول على أن مسألة توسع الناتو، مع انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف واقتراب أوكرانيا على الأقل من بداية مسار العضوية، تشير إلى أن الحسابات الاستراتيجية التي أجرتها روسيا عند خوضها الحرب ضد كييف أثبتت خطأها بشكل كبير.
وأفاد كوفي بأن أوكرانيا “لم تكن قريبة” من أن تصبح عضوا في الناتو عندما بدأت الحرب في فبراير/ شباط من العام الماضي.
وتابع: “أصبحت نتيجة ما آلت إليه الأوضاع (نتائج الحرب) مروعة بالنسبة لروسيا، إذا كانت موسكو في الواقع جادة بشأن وقف توسع الناتو”.
واتفق قادة حلف شمال الأطلسي “ناتو” في قمتهم التي انعقدت في العاصمة الليتوانية فيلنيوس على أن مستقبل أوكرانيا يقع داخل الحلف، كما تعهدوا “بالعمل للتصدي للتهديدات والتحديات التي تشكلها روسيا”، وفق بيان صدر الثلاثاء عن القمة.
وبحسب البيان، لم يحدد القادة جدولا زمنيا لكييف لانضمامها الذي تسعى إليه، لكن الحلف ألغى “خطة عمل العضوية” كمطلب من أوكرانيا، مما يزيل فعليا عقبة كانت في طريق كييف للانضمام إليه.