لوموند: قطاع غزة على شفا جرف هار
في ظل الحصار وغارات الاحتلال الإسرائيلي بين الفينة والأخرى، لم يعد في قطاع غزة شيء يسير على ما يرام، فلا رواتب تدفع ولا سيولة توجد، ولا وظائف تخلق، بل فقر وفقر فاق كل التوقعات.
“فقطاع غزة لم يعد يتداعى فحسب وإنما بدأ ينهار، قطاعا بعد قطاع، عائلة تلو الأخرى، إنه ينزلق إلى أسفل الهاوية، وكل المراقبين مقتنعون بأن هذه الأراضي الفلسطينية على شفا جرف هار بعد أن أنهكتها ثلاث حروب وحصار مزدوج مصري إسرائيلي (يخنقها) منذ العام 2007” على حد تعبير صحيفة لوموند الفرنسية.
وتسارعت وتيرة هذا التدهور منذ نهاية العام 2017 بشكل دق ناقوس الخطر حتى بين المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، فغزة تبدو كما لو كانت تجربة غير مسبوقة في مختبر كبير، الغرض منها هو قياس صبر وجلد مليوني شخص داخل سجن محكم الإغلاق.
الشرارة
والجديد في الأمر أنه لم يعد هناك مال، ومعدل البطالة يحوم حول 50٪، مع انسداد في الأفق، فالمصالحة لا تزال بعيدة المنال بين حركتي فتح وحماس، ولا وجود لحكومة حقيقية في غزة، كما خفضت السلطة الفلسطينية رواتب موظفي الخدمة المدنية بنسبة 30٪ منذ مارس/آذار 2017، أضف إلى ذلك الحصار وهجوم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كل هذا ساهم في تفاقم أزمة السيولة في القطاع.
ونتيجة لكل ذلك، تستبد حالة يأس وخوف بسكان غزة، فلم يعودوا يشترون سوى الحد الأدنى مما يسدون به الرمق للبقاء على قيد الحياة، ولم يعد بإمكان التجار سداد ديونهم، فتركوا الأبواب المعدنية تنسدل، وأغلقت 50 شركة بناء أبوابها خلال عام، كما تستعد عشرات الشركات الأخرى لمصير مشابه، وفقا لما صرح به للوموند رئيس اتحاد مقاولي البناء بغزة علاء الدين الأعرج.
يقول الأعرج “قبل أربعة أشهر، كنا متفائلين بأن السلطة الفلسطينية ستتولى السيطرة على القطاع وأن المواد ستدخل غزة دون قيود وأن الضرائب المزدوجة التي نتحملها ستتوقف.. لكن الحلم تلاشى”.
وتتبادل حماس وفتح اللوم في المسؤولية عن تلاشي هذا الحلم، ولا تهم مبررات الحركتين الغالبية العظمى من أهل غزة، فهم منشغلون بمعالجة وضعهم البائس بكل ما يمكنهم أن يحصلوا عليه من إمكانيات.
ولئن كانت الأونروا هي حبل النجاة الأخير لكثير من أهل غزة، فإنها تواجه أزمة حادة بعد أن قلصت إدارة ترمب المخصصات المالية التي كانت أميركا تقدمها لها، ويخشى رئيس الأونروا ماتياس سشميل من “العواقب الوخيمة” لتلك التخفيضات، خصوصا في النصف الثاني من العام 2018.
ويحذر المدير من أن الأونروا لن تتمكن بعد يونيو/حزيران القادم من توفير الغذاء لمليون من سكان غزة، مما ينذر باندلاع أعمال شغب بسبب شبح الجوع، “فزعزعة استقرار الأونروا يمكن أن تمثل الشرارة التي ستؤدي إلى انفلات الأمور”، وفق تعبيره.
المصدر: لوموند