الحلقة 27 من “هذه شهادتي” مع فضيلة الشيخ رائد صلاح مع الإعلامي عبد الإله معلواني
في حلقة جديدة من “هذه شهادتي” مع الشيخ رائد صلاح:
- وسائل الإعلام الإسرائيلية تبنت خطابًا واحدًا نعتتنا فيه بمصطلح “الخمينيين” (نسبة للخميني في إيران) وطبعًا هذا مصطلح خاطئ ولا أصل له، لأنَّ الصحوة الإسلامية بدأت قبل سنوات طويلة من ثورة الخميني في إيران
- لجأت المؤسسة الإسرائيلية إلى أسلوب استدراجنا من خلال إقبال وسائل إعلام عبرية علينا لعقد لقاءات صحفية معنا، وبطبيعة الحال فإن المسؤول حين تُجرى معه مقابلة صحفية مع أية وسيلة إعلام قد ينسى نفسه ويأخذ راحته
- بعض السياسيين تصرفوا وفق عقلية “أنا وأنا فقط ولا يوجد غيري” وهذا الأمر جعلهم يتصرفون كأوصياء على الآخرين في كافة النشاطات الجماهيرية
- حاولت المؤسسة الإسرائيلية من خلال شخصيات من بني جلدتنا أن تغرينا بعروض مختلفة منها تسهيل عملنا في الأقصى بشرط التعامل مع المؤسسة الإسرائيلية وأنّها ذات سيادة في الأقصى
- “أم عمر” امرأة نادرة في قدرتها على التحمل ومواصلة هذا التحمل، جزاها الله خيرًا وعوضها عن كل تقصير منّي هي والأبناء والبنات
- أقول لأبناء المشروع الإسلامي بدون استثناء، إنّ التواصل مع الأسرة والبيت هو أهم ركيزة في المشروع الإسلامي وإلى جانبه تأتي بقية المهمات
طه اغبارية، عبد الإله معلواني
تواصل صحيفة “المدينة” وموقع “موطني 48” التوثيق المكتوب لشهادة الشيخ رائد صلاح المتلفزة ضمن برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني. تُبثّ الحلقات على موقع “موطني 48” عبر “يوتيوب”، وصفحة “موطني 48” على “فيسبوك”.
في الحلقة (27) تطرق رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا، ورئيس لجان إفشاء السلام في الداخل الفلسطيني، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، إلى تعاطي المؤسسة الإسرائيلية بأدواتها المختلفة مع الصحوة الإسلامية من خلال التحريض والاتهام، وتوقف عند مشاهد من التضييق والملاحقات التي تعرض لها.
في دائرة الاستهداف الإسرائيلي
في حديثه عن بدايات التحريض الإسرائيلي على الصحوة الإسلامية، قال الشيخ رائد صلاح: “كان ردّ الفعل الأساسي للمؤسسة الإسرائيلية على الصحوة، هو أنّ وسائل الإعلام الرسمية الإسرائيلية والعبرية بشكل عام تبنت خطابًا واحدًا نعتتنا فيه بمصطلح “الخمينيين” (نسبة للخميني في إيران) وطبعًا هذا مصطلح خاطئ ولا أصل له، لأنَّ الصحوة الإسلامية بدأت قبل سنوات طويلة من ثورة الخميني في إيران، ولكن اختاروا (في المؤسسة الإسرائيلية) هذا المصطلح لإلصاق صفة التحريض والتطرف- سلفًا- بالصحوة الإسلامية. وأودّ هنا الإشارة إلى نقطة مهمة وهي أنَّ المؤسسة الإسرائيلية- في حينه- لجأت إلى أسلوب استدراجنا من خلال إقبال وسائل إعلام عبرية علينا لعقد لقاءات صحفية معنا، وبطبيعة الحال فإن المسؤول حين تُجرى معه مقابلة صحفية مع أية وسيلة إعلام قد ينسى نفسه ويأخذ راحته ويبدأ بالحديث بكل ما أوتي من قوة، والمؤسسة الإسرائيلية- بقناعتي- أرادت من خلال تلك المقابلات الإعلامية أن تستدرجنا، أن تعلم ما في صدورنا وإن كان هناك ما نحتفظ به لأنفسنا أم لا، وهذه وسيلة ملغومة أُحذّر الجميع من الوقوع فيها. لأنَّ هذه اللقاءات تحت عنوان “مقابلة إعلامية” قد تكون في حقيقتها عبارة عن تحقيق كما لو كنتَ في مكتب تحقيق عند المخابرات. هذه كانت إحدى وسائل مطاردة الصحوة الإسلامية، ولذلك يجب على الجميع أن يحافظ على كلامه الموزون في كل المواقع”.
إذًا كيف تصرف أبناء الصحوة الإسلامية مع الإعلام الإسرائيلي في تلك المرحلة؟ يتابع الشيخ رائد: “مرّ هذا الأمر بمرحلتين، مرحلة ما قبل محنة أسرة الجهاد، ففي الغالب كنّا نعتذر عن عقد لقاءات إعلامية، وأنا شخصيًا لا أذكر أنني عقدت- حينها- لقاء إعلاميًا واحدا مع أية وسيلة إعلام. لقاءاتي الإعلامية بدأت في الفترة التي بدأت استعد فيها- كجزء من الكتلة الإسلامية في أم الفحم- لخوض انتخابات بلدية أم الفحم، رئاسة وعضوية، ففي تلك الأيام بدأت وسائل الإعلام- بدون مبالغة- تنهمر علينا، وسائل إعلام محلية، عربية، عبرية وحتى أجنبية من الخارج، وبعض المحطات الأجنبية رافقتني يومًا كاملًا عندما خرجت من البيت وكيف كنت ألتقي مع الناس وأصافحهم وأدخل إلى المسجد وأشارك في المهرجانات. بالتالي، لقد تعاملنا مع الموضوع بحذر شديد جدًا”.
وأردف: “إلى جانب نعتنا بالـ “خمينيين” ظلّت نغمة الإعلام العبري التحريض علينا. وأذكر أنه خلال مشاركتي في تلك الأيام في مهرجان بمدينة عكا في ساحة مسجد الجزار- وكان من ضمن المتحدثين المرحوم الشيخ عبد الله نمر درويش، وقد تمحورت كلمته في الردّ على تحريض الإعلام العبري على الصحوة الإسلامية”.
في تعقيبه على تحريض بعض الحركات السياسية العربية في تلك الفترة على الصحوة الإسلامية، واصل- الشيخ رائد-: “مع شديد الأسف حاول بعض الإعلام العربي الذي كان يومها قد نعتنا بصفة “الخمينيين” والهجوم علينا كما حدث حين نظّمنا- في بدايات الصحوة- فعالية لتوديع حجاج بيت الله الحرام من أم الفحم، فكتب أحد الإعلاميين في صحيفة “الاتحاد” مقالًا فيه نغمة هجوم على الصحوة. للأسف بعض السياسيين تصرفوا وفق عقلية “أنا وأنا فقط ولا يوجد غيري” وهذا الأمر خوّلهم للتصرف وكأنهم أوصياء على الآخرين في كافة النشاطات الجماهيرية. لذلك كان يحدث نوع من التصادم في بعض المناسبات العامة مثل “إحياء يوم الأرض”. في أحد المهرجانات كنت ألقي قصيدة، فحاول البعض إسكاتي خلال كلمتي ووقعت مشادات كلامية وصلت إلى حد الصدام. علمًا أن نفسية “أنا وأنا وحدي” التي اتبعتها بعض القوى وبعض السياسيين بدأت مع الأيام تذوب، وحسب رأيي بسبب ظهور شخصيات قيادية من الجيل الثاني لبعض القوى السياسية والتي اقتنعت بضرورة استيعاب الآخر واحترامه”.
مكملًا، بخصوص التحريض الإسرائيلي ضد الصحوة، يؤكد الشيخ رائد صلاح أنّ أبواق التحريض الإسرائيلية تصاعدت، مشيرًا إلى أنه في أحد المهرجانات في بلدة كابول وبعد إلقائه كلمة تمحورت حول “إثبات وجود الله”، تفاجأ بعد أيام من المهرجان باستدعائه إلى التحقيق في مركز شرطة شفاعمرو، وهناك زعم المحقق أنّ كلمة (الشيخ رائد) في مهرجان كابول كانت تحريضية!! فردّ عليه الشيخ رائد بأن الكلمة كانت عن إثبات وجود الله! ولم تحمل أية مضامين تحريضية. وأضاف أنه بعد التحقيق جرى اعتقاله لمدة يومين كما جرى- على خلفية المهرجان- اعتقال الشيخ هاشم عبد الرحمن والشيخ إبراهيم عبد الله والشيخ صالح أشقر والشيخ علي صالح، وكان لجميع من اعتقلوا مشاركات (فنية، كلمات) خلال المهرجان المذكور.
ولفت إلى أن التضييق على أبناء الصحوة تواصل، حيث استدعي هو وآخرون من أبناء المشروع الإسلامي إلى مركز شرطة عارة وطُلب منهم التوقيع على تعهد بعدم مخالفة القانون، فرفضوا التوقيع لأنّ الطلب مستهجن وغريب. وقال إن التضيق عليه استمر دون توقف لدرجة أن أحد المحققين قال له بلهجة تهديد: “سنتابعك حتى في غرفة نومك”. واستطرد الشيخ رائد قائلًا: “توسعت دائرة استهدافنا ووصلت مرحلة المنع من السفر أو دخول الضفة الغربية بالاستناد إلى أنظمة الطوارئ”.
الصمود والاستمرار.. والتحذير من الوهن
يرى الشيخ رائد أنَّ المؤسسة الإسرائيلية ظنّت بعد محنة أسرة الجهاد أن الصحوة الإسلامية في طريقها إلى التلاشي، فلمّا كان عكس ذلك وأخذ زخم الصحوة يزداد يوما بعد يوم، كثّفت السلطات الإسرائيلية من ملاحقة وتتبع أبناء المشروع الإسلامي، موضحًا (الشيخ رائد) أنه تعرض شخصيًا للعديد من المواقف من بينها تهديده بتوجيه لكمة له في أحد التحقيقات، أو مراقبته خلال تجواله وسيره في شوارع أم الفحم.
يضيف: “مع كل هذه الأجواء واصلنا العمل، لم ننكسر لم نستسلم لم نتخل عن مشروع الصحوة الإسلامية، بالعكس هذا دفعنا إلى العمل الجاد أكثر وزادت همّتنا. ونصيحتي لأبناء المشروع الإسلامي: التمسك بالفهم السليم للواقع والحفاظ على الهمّة العالية وحمل الهم العام لمجتمعنا في الداخل الفلسطيني وسائر همومنا بأبعادها الإسلامية العروبية الفلسطينية. بمعنى أن ننزل من البرج العاجي ونبدأ بعلاج مشاكل مجتمعنا والنهوض به بكل مركباته، شريطة أن نبعد أنفسنا عن الربح الشخصي والتنافس السلبي، بمعنى العمل بتجرد شخصي وصفاء وترك مغريات الدنيا ووساوس الشيطان”.
وقال: “منذ وقعتُ في امتحان رئاسة بلدية أم الفحم، وهو فعلًا امتحان صعب، قضيت سنوات كثيرة في اللجنة القطرية ولجنة المتابعة، واكتشفت أنَّ عندنا “عقدة خفية” وهي أنَّ الإنسان عندما ينتمي لحزب يصبح مؤطرًا، يكون همّه- إلا من رحم ربي- حول ماهية المنصب أو الربح الذي سيصله في حزبه، ثمّ يكون همه مصلحة حزبه في مسيرة مجتمعنا والهمّ الثالث يكون المصلحة العامة. وهذه الظاهرة- بكل أسف- مستشرية وقد أصابت الكثير منّا، أحزابًا وقيادات، وهذا واقع مر نعاني منه”.
وبيّن أنَّ بعض المظاهر السلبية والفلتات كانت موجودة في بعض محطات المشروع الإسلامي، مبيّنًا: “لم يخل الأمر من وجود حسد سلبي في بعض محطات الصحوة الإسلامية، ولاحظت ذلك في تعامل البعض مع الحركة الإسلامية قبل حظرها، وكتبت عدة مقالات عن الموضوع بنصيحة ودعوة الجميع إلى التنافس في العطاء والإبداع في المشاريع والمؤسسات ودورها، والابتعاد عن افتعال التجريح والرؤية السلبية”.
من الأمثلة على التنافس السلبي، ذكر الشيخ رائد: “البعض وقف موقفًا سلبيًا من عطائنا ومشاريعنا في القدس والاقصى، وحاولوا التقليل من حقيقة أن “الأقصى في خطر”. حاولت المؤسسة الإسرائيلية من خلال شخصيات من بني جلدتنا أن تغرينا بعروض مختلفة منها تسهيل عملنا في الأقصى بشرط التعامل مع المؤسسة الإسرائيلية أنّها ذات سيادة في الأقصى، فطبعًا رفضنا ذلك وحفظنا ديننا وآخرتنا وحفظنا الأقصى كما ورثناه وكما يجب أن يبقى في أنه لا يوجد لهم فيه (لليهود) ولو ذرة تراب واحدة”.
ونصح الشيخ رائد بتقوية نشاط المشروع الإسلامي على الصعيد المحلي أولًا قبل الطمع بالنشاط القُطري، كما نصح بضرورة أن يجمع أبناء المشروع الإسلامي بين العلم والإيمان واحترام التخصصات الفقهية والعلمية الأخرى على درب علماء وقادة الأمة في التاريخ الإسلامي، تطبيقًا لما ورد من آيات في القرآن الكريم والسنة المطهّرة.
وحذّر من الوهن، وقال: “هذا مرض من الأمراض التي نعاني منها اليوم مع كل أسف، ونحن خلال عملنا في لجان إفشاء السلام وتجوالنا في كل بلداتنا وطرح المشروع على أهلنا بكل أبعاده، دعونا الأهل من كل التعدديات السياسية والدينية إلى الانضمام إلى لجان إفشاء السلام، فلاحظنا وجود وهن بامتناع البعض عن الانضمام، ووجدنا أن البعض لا يصبر على العطاء وينسحب سريعا. هذا وجدناه على صعيد لجان إفشاء سلام محلية ونسائية وشبابية، ومرد ذلك- برأيي- هو الوهن وغياب النفس الطويل، وهذا الأمر مع شديد الأسف دخل إلى أبناء المشروع الإسلامي بنسب متفاوتة، وطبعًا أنا لا أُعمّم سواء على مستوى الأهل جميعًا أو على مستوى أبناء المشروع الإسلامي. لذلك نحذّر من هذه الظاهرة الخطيرة جدًا لما فيها من تأثير مدمر على مجتمعنا”.
الزواج
في سياق آخر، تطرق الشيخ رائد صلاح إلى مرحلة إقباله على الزواج، وقال: “حين عزمت على الزواج فاتحت المرحوم والدي والوالدة حفظها الله، في أنني أريد أن أتقدّم لخطبة الأخت كاملة أحمد مصطفى، بعد أن سمعت عنها وأنها درست المرحلة الثانوية في مدرسة أهلية في الناصرة وأنها واجهت محاولة لإرغامها على خلع الحجاب، وأن التزامها الديني نمى بعد أن درست الشريعة في كلية الدعوة وأصول الدين. رحّب الوالدان باختياري، ثمّ صليت صلاة الاستخارة وجاءني في المنام بعدها الشيخ سليمان أبو شقرة، مهنئا، ففهمت أنّ الأمر خير. بعدها تواصلنا مع الأخ الأكبر لأم عمر، الأخ أحمد مصطفى، واتفقنا على موعد لزيارتهم في بيتهم الكريم. في نفس اليوم وقبل موعد “الطلبة” كنتُ في باقة الغربية مع بعض أبناء الصحوة الإسلامية وزرنا أحد الإخوة في المستشفى، وامتدّ اللقاء مع المريض، وكنت على أعصابي لأنني لا أريد تفويت موعد طلب العروس. فلما عدت إلى البيت وكان الوقت متأخرا، وجدت المرحوم والدي في حالة غضب شديد لأننا تأخرنا على الموعد، فاضطررنا إلى تأجيل زيارتنا إلى بيت عائلة العروس مدة أسبوع. وبعد نيل الموافقة اتممنا الإجراءات الأخرى المتعلقة بالخطبة والزواج”.
عن زوجه “أم عمر” قال الشيخ رائد: “هي امرأة نادرة في قدرتها على التحمل ومواصلة هذا التحمل، وقد تحلت بهذا المقام، جزاها الله خيرًا وعوضها عن كل تقصير منّي هي والأبناء والبنات الذين قصرت في حقهم كثيرًا، حيث كنت معظم الوقت في مهمات مختلفة، في مسيرة الصحوة إلى جانب الابتلاءات الأخرى التي واجهتها. مع ذلك أقول لأبناء المشروع الإسلامي بدون استثناء، إنّ التواصل مع الأسرة والبيت هو أهم ركيزة في المشروع الإسلامي وإلى جانبه تأتي بقية المهمات”.