إيكونوميست: السعودية قد تقبل “علاقات طبيعية” مع الاحتلال الإسرائيلي
قالت مجلة “إيكونوميست” إن “إسرائيل” والسعودية كانتا لسنوات طويلة شريكتين في كل شيء ما عدا الاسم، حيث يتباحث زعماء البلدين سرا، وتشتركان في العداء لإيران، وتخططان لبنية تحتية مشتركة للاتصالات، ويعقد قادتهما صفقات تجارية هادئة، وهم أعضاء في تحالفات دفاعية تقودها الولايات المتحدة.
لكن في حين أن خمسة أعضاء آخرين في جامعة الدول العربية قد وافقوا بالفعل على فتح علاقات دبلوماسية كاملة مع “إسرائيل”، فإنه لم يكن الأمر بهذه البساطة بالنسبة لملوك السعودية لكسر 75 عاما من المحرمات ضد “التطبيع” مع الدولة اليهودية التي كثيرا ما تتعرض للشتم.
وبحسب المجلة، فإن الملك السعودي المحافظ، سلمان بن عبد العزيز، البالغ من العمر 87 عاما، ظل مترددا في الكشف عن أي عرض عام لـ”إسرائيل” بينما يظل الشعب الفلسطيني بلا دولة. لطالما دعم السعوديون مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تنص على أن التطبيع لا يمكن أن يأتي إلا بعد انسحاب “إسرائيل” من الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967 وتسمح بقيام دولة فلسطينية هناك.
ولم يحرز أي تقدم على الجبهة الفلسطينية منذ نشر المبادرة لأول مرة، لذلك فقد توقفت بعض الدول العربية عن الانتظار.
وفي عام 2020، وافقت كل من البحرين والإمارات على إقامة علاقات رسمية مع “إسرائيل”، وهي خطوة من غير المرجح أن تكونا قد اتخذتاها دون دعم سعودي ضمني، حيث تشير موجة من النشاط الدبلوماسي بين السعوديين والإسرائيليين والأمريكيين إلى أن المملكة قد تكون مستعدة للخروج إلى العلن أيضا، بحسب “إيكونوميست”.
وقال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في حزيران/ يونيو: “نعتقد أن التطبيع يصب في مصلحة المنطقة وأنه سيعود بفوائد كبيرة على الجميع”، وهو ما اعتبرته المجلة أقرب ما توصل إليه السعوديون للاعتراف علنا برغبتهم في إقامة علاقات رسمية مع “إسرائيل”.
وتعلق المجلة بالقول إن السبب الرئيسي هو تغيير موقف الرئيس جو بايدن من السعوديين. وفي عام 2019، قبل توليه المنصب، قال إنه يعتزم معاملتهم على أنهم “منبوذون كما هم”. كان هذا في أعقاب مقتل جمال خاشقجي، كاتب العمود السعودي في صحيفة “واشنطن بوست” على يد عملاء يفترض أنهم يعملون لصالح ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة، محمد بن سلمان.
أعاد بايدن تقييم موقفه خوفا من تآكل مكانة أمريكا في الشرق الأوسط. ومنذ أن غزت روسيا أوكرانيا، فشل في إقناع منتجي النفط في المنطقة بالموافقة على سياسة للطاقة من شأنها أن تساعد الدول الغربية على تجاوز النقص الناجم عن قطع علاقاتها مع روسيا.
وفي هذا العام، سبقت الصين أيضا أمريكا من خلال التوسط في اتفاق بين السعوديين وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع بعضهما البعض.
إن التوصل إلى اتفاق إسرائيلي سعودي هو جزء من استراتيجية أمريكا الأوسع نطاقا لتجديد تحالفها مع السعوديين وتعزيزه، بينما تسعى مرة أخرى إلى اتفاق مع إيران للحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. إن تحسين العلاقات بين “إسرائيل” والسعوديين من شأنه أن يخدم غرضا مزدوجا.
ولا يخفي بنيامين نتنياهو رغبته في أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يوقع معاهدة مع إحدى القوى الرئيسية في العالم العربي. وقد يخفف مثل هذا العمل الفذ من معارضته لاتفاق أمريكي مع إيران، والتي يمكن أن تكون قادرة قريبا على صنع قنابل نووية.
ويحظى نتنياهو بالتبجيل من قبل العديد من الجمهوريين في أمريكا، لذا فإن موافقته ستساعد بايدن في تسويق اتفاقية مع إيران لخصومه في الداخل. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية عاما ونصف العام فقط، فإنه كان سيقدمها على أنها اختراق رئيسي في السياسة الخارجية.
ومع ذلك، فلا تزال هناك عقبات. لدى ولي العهد قائمة طويلة من المطالب، بما في ذلك مد السعودية بأنظمة أسلحة متطورة، والدعم الأمريكي لبرنامج نووي مدني، ومعاهدة دفاع استراتيجي معززة بالضمانات التي يتردد الأمريكيون في منحها. لو تمت تلبية هذه المطالب جزئيا على الأقل، فإن القضية الفلسطينية ستبقى جرحا نازفا. وسيتعين على “إسرائيل” تقديم نوع من التنازل بشأن ذلك، حتى لو كان أكثر بقليل من مجرد كلام، لإرضاء السعوديين.