26 سنة من محاولات ترخيص بنايتَيْن سكنيتَيْن بسلوان تنتهي بالهدم
تُؤوي 5 أسر تعدادها يزيد على 30 فردًا
أصبحت 5 أسر فلسطينية تنتمي لعائلات برقان والطويل ونصار، في تعداد المهجرين قسرًا بعد إجبارها على هدم منازلها في حي وادي قدوم ببلدة سلوان الواقعة في مدينة القدس المحتلة، وتحديدًا في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى.
وجاءت عملية الهدم بعد إخلاء بنايتيْن تتكونان من ٥ شقق سكنية تنفيذًا لقرار صادر عن سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
“لم نترك بابًا إلا طرقناه لمنع تنفيذ الهدم” يقول عاصم برقان أحد المتضررين من القرار الإسرائيلي الذي تسلمته الأسر أخيرًا.
وأضاف برقان، أن سلطات الاحتلال أمهلت العائلات بضعة أيام قبل تنفيذ الهدم بزعم البناء غير المرخص.
ويبلغ هذا الرجل من العمر (57 عامًا)، ولديه سبعة أبناء و15 حفيدًا.
وعادة تفرض سلطات الاحتلال غرامات باهظة على أصحاب المنازل المُخْطَرة تصل إلى عشرات آلاف الشواقل إذا نفذت آلياتها جريمة هدم هذه المنازل.
والبنايتان التي هدمهما الاحتلال أنشأهما أصحابهما قبل 28 عامًا على أرض في حي وادي قدوم تبلغ مساحتها قرابة دونمين، بحسب برقان، لكن سلطات الاحتلال بدأت التضييق على سكانها قبل سنوات طويلة.
وتتكون إحدى البنايتين من طابقين بمساحة إجمالية 120 مترًا مربعًا، تقطنها أسرتان، في حين البناية الثانية تتكون من طابقين بواقع 140 مترًا للطابق الواحد، وتُؤوي 3 أسر.
وشملت القرصنة الإسرائيلية أيضًا مصادرة مساحة الأرض المحيطة بالبنايتين بهدف بناء ما تسميه (إسرائيل) “المرافق الآمنة”، وهي في الحقيقة مشاريع استيطانية تهدف إلى تغيير شكل المنطقة وفرض وقائع جديدة على الأرض.
وتساءل برقان: هل “المرافق الآمنة” أهم من المواطن المقدسي الذي يطرد من منزله؟ بالطبع لدى الاحتلال هذه المرافق أهم من حياتنا، فهو لا يريد أي شيء يمتّ بِصلة للفلسطينيين.
وتابع برقان: “حاولنا استصدار التراخيص اللازمة لكن جميع محاولاتنا لانتزاعها باءت بالفشل بفعل رفض الاحتلال إعطاءنا الأوراق التي من الممكن أن تحول دون تنفيذ جريمة الهدم”.
وبين أن عدد أفراد الأسر المهجرة يزيد على 30 من الرجال والنساء والأطفال، وقد أصبحوا بلا مأوى.
وعدَّ برقان جرائم الهدم “عمليات تطهير عرقي تهدف إلى إحلال المستوطنين اليهود مكان المقدسيين في أحيائهم وقراهم، لكننا صامدون على أرض القدس ولن نغادرها، وسنبني بيوتًا جديدة”.
وقالت زوجته زينات نصار: لجأنا الى إتباع إجراءات وقوانين الاحتلال في السنوات الماضية من أجل منع عملية الهدم، لكن دون فائدة.
وأضافت: “الاحتلال يهدف من عمليات الهدم إلى تهجير سكان القدس إلى الضفة الغربية، لكن لن نحقق أمنيته هذه، ولن نترك القدس، فليس أمامنا سوى ذلك”.
وقالت هناء الطويل، التي تضررت أسرتها من قرار الهدم: إنها كانت تحلم ببيتٍ منذ صغرها حتى استطاعت أن تبنيه على مدار السنوات الماضية.
وأضافت: “بنيت فيه نفسي وأحلامي، تزوجت وأنجبت أبنائي فيه لكن الاحتلال هدم كل شيء عندما تسلمنا قرار الهدم”.
وتساءلت: كيف سنقوم بهدم بيتنا بعدما بنيناه بأيادينا؟ حقًا هذا حالنا في سلوان وغيرها من أحياء وبلدات القدس المحتلة.
وقال زوجها فادي الطويل: إن شقاء العمر راح مع قرار الهدم.
ويتزامن تصاعد الهدم الإسرائيلي بالقدس المحتلة مع حلول الذكرى الـ56 لاحتلال المدينة بالكامل وذلك بعد 19 سنة من احتلال غربيِّها إبَّان نكبة 1948.
وأكد الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب، تصاعد سياسة الهدم في مدينة القدس، وعلى وجه الخصوص بلدة سلوان التي تعد الخاصرة الجنوبية للمسجد الأقصى.
وأورد أبو دياب معطيات، تظهر أن عدد المنشآت التي هدمتها (إسرائيل) منذ احتلالها مدينة القدس بالكامل سنة 1967 وحتى 31 أغسطس/ آب 2022، بلغ 5695 منشأة، 87 بالمئة منها منازل مواطنين مقدسيين.
وبيَّن أبو دياب أن عدد المنشآت التي هدمت ذاتيًا على يد أصحابها وصل إلى 579 في كل القدس، نتج عنها تضرر 75,214 مواطنًا مقدسيًا.
ونبَّه إلى أن عدد المنشآت التي هدمها الاحتلال في بلدة سلوان وحدها، بلغ 2041 منشأة، بينها 134 هدما ذاتيا، نتج عنها جميعها أكثر من 15 ألف مقدسي متضرر.
ويستند أبو دياب في معطياته إلىتقارير صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، وجمعات ومنظمات أهلية وحقوقية محلية ودولية أيضًا.
ونبَّه إلى أن عدد الخسائر المادية لأهالي مدينة القدس نتيجة عمليات الهدم الإسرائيلية، بلغ 670 مليون دولار وهذا الحد الأدنى، في حين أن مخالفات البناء وصلت إلى 57 مليون شيقل أي ما يعادل قرابة 17 مليون دولار.
وذكر أن عدد المنازل التي تسلمت أوامر هدم من الاحتلال في القدس، بلغ 22354 منزلًا، تضم 125 ألف مقدسي مهددين بالتهجير.
وأفاد أنه في سلوان وحدها 6713 منزلًا مهددًا بالهدم، تضم 34 ألف مواطن على الأقل.
وذكر أن عدد سكان مدينة القدس حسب إحصائيات وزارة الإسكان في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، 370 ألف مقدسي يحملون “الهوية الزرقاء”، وهم بحاجة سنوية إلى 5 آلاف وحدة سكنية جديدة بسبب الامتداد العائلي الناتج عن التكاثر؛ توافق (إسرائيل) على منح 1 بالمئة منهم تراخيص بناء، وترفض منحها لـ 99 بالمئة.
وبفعل عمليات التهويد وإحلال المستوطنين، أوضح أبو دياب أن عدد سكان القدس ممن يحملون هوية زرقاء وصل لـ 395 ألفًا، في حين عدد المستوطنين في الجزء الشرقي من القدس 220 ألف مستوطن.
وبحسب دياب، فإن المقدسيين يستغلون 13 بالمئة من مساحة القدس فقط، في حين يسيطر الاحتلال والمستوطنون على بقية المساحة الإجمالية.