محطات أسرية.. عزيـزتي الزوجة.. كوني ولا تكوني
ليلى غليون
إنَّ السعادة الزوجية أمل كل زوجة، كما هي مبتغى كل زوج، وإن تحقيق السعادة الزوجية لن يتأتى بالأماني والأمنيات، اذا لم يكن هناك مسعى دؤوب من كلا الطرفين لإدراك هذا الهدف المنشود وهذه الغاية المرجوة، وسأركز في هذه العجالة على دور الزوجة في تحقيق السعادة الزوجية وارشادها إلى بعض الوسائل والطرق التي من خلالها تستولي على قلب زوجها وتكسب وده واحترامه وتتربع على عرش اهتمامه، على أن يكون لنا لفتات أخرى نوجهها للزوج في مقالات قادمة فدوره في استقرار وسعادة أسرته لا يقل أهمية عن دورها.
كوني شمسًا تضيء ولا تكوني شمعة تحترق
إن العطاء والإيثار والتضحية معان جميلة وقيم رائعة تضفي على النفس بهاء ونبلًا، والزوجة التي تتحلى بهذه الصفات لا شك أنها تضع بصماتها في تحقيق سعادة أسرتها، ولكن ذلك يجب أن لا يكون على حساب أن تطحن نفسها لتصبح كالشمعة التي تذوب وتذوي وتحترق لتضيء على الآخرين، لأن هذه الشمعة في نهاية المطاف ستصبح أثرًا بعد عين وكأنها لم تكن، ونحن لا نريدك أيتها الزوجة أن تكوني كالشمعة تذوب وتحترق، بل نريدك كالشمس في ضحاها تنير الكون بأشعتها الذهبية ليسري في جنباته الدفء والانتعاش والحيوية، نعم نريدك أن تكوني كالشمس بعطائها المتجدد كل يوم، مع إشراقة كل فجر ومع إطلالة كل صباح، فالزوجة التي تطحن نفسها وتحملها ما لا تطيق سيأتي اليوم الذي تفقد فيه توازنها وتتآكل صحتها فضلًا عن أعصابها ولن تستطيع حينها فعل اي شيء وستذوب وتذوي تمامًا كالشمعة. فتذكري أيتها الزوجة دائمًا وأبدًا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإن لبدنك عليك حقًا).
كوني كالإسفنجة ولا تكوني كالمضخة
بعض الزوجات لا يملكن المهارة في التعامل الزوجي خصوصًا وقت الغضب، أقصد عندما يكون الزوج في حالة انفعال عصبي أو توتر نفسي، بحيث قد تصدر منه بعض التصرفات والتي عادة لا يسلكها في حالة هدوئه النفسي، أو قد يتكلم بنبرة صوت تعكس عدم توازن أعصابه، فالزوجة العاقلة والذكية تدرك أن حالة زوجها هذه عابرة، وما هي إلا سحابة صيف وستمر مر الكرام، لذا فهي تمتص غضب زوجها بهدوء أعصاب تمامًا كالإسفنجة التي تمتص الماء، ولا تقابله بثورة أعصاب مثلها لتزيد الموقف احتدامًا وتسبب في حدوث إشكالات هي في غنى عنها، وبالمقابل فإن هناك من الزوجات من تتعامل مع زوجها كالمضخة فلا يكاد زوجها يطأ عتبة البيت حتى تبدأ تضخ له مشاكل الأبناء، ومشاكل الجيران ومشاكلها مع أمه وأخواته، واحتياجات البيت، وفاتورة الكهرباء والهاتف والماء وغيرها من الأمور التي تجعله يفقد أعصابه ويولي هاربًا من البيت الذي من المفترض أن يجد فيه السكن والمودة والراحة، فيا أيتها الزوجة كوني كالإسفنجة وإياك أن تكوني كالمضخة.
اغلقي الملفات أولًا بأول وإياك والتأجيل
إن المصائب (عافانا الله منها) تبدأ كبيرة وعظيمة ومع مرور الوقت يضعف وقعها لتصبح صغيرة، بعكس المشاكل والتي عادة ما تبدأ صغيرة ثم تنمو وتتعاظم لتصبح كبيرة وقد يصعب حلها، وكثير من المشاكل الزوجية تبدأ صغيرة وليست بحاجة لأكثر من فنجان ماء لإطفاء لهيبها، ولكنها تترك دون علاج لتظل عالقة بين الزوجين دون إغلاق ملفها ومع مرور الزمن تصبح مزمنة يصعب معالجتها واحتواؤها، الأمر الذي يزيد الفجوة بين الزوجين لتتسع أكثر وأكثر.
إن ترك الملفات مفتوحة هكذا ووضعها على الرفوف دون إغلاق، لا شك أنه سيؤدي إلى رص مخزون المشاكل التي تركت وأهملت حتى تراكمت بعضها فوق بعض، وربما أصبح من العسير حلها، والزوجة العاقلة لا تسمح لأي مشكلة مهما كانت صغيرة أن تبقى عالقة بينها وبين زوجها، ولا تؤجل حلها إلى الغد، بل تبادر إلى معالجتها فورًا وتغلق الملفات أولًا بأول.
كوني نهرًا جاريًا.. ولا تكوني مياهًا راكدة
بعض الزوجات من تتقن فن الطبخ لتوصف بالطباخة الماهرة، وتتقن فن ترتيب المنزل ونظافته لتجعل منه آية في النظافة وتحفة فنية رائعة وكأنها مهندس ديكور أبدع في تنسيقه وترتيبه، وكذلك تتفانى في خدمة الزوج ورعاية الأبناء، وكل هذا بالطبع مطلوب ومن مستلزمات البيت والأسرة لتحقيق سعادتها واستقرارها، ولكنها في خضم هذا كله وانشغالها في الطبخ والنظافة ورعاية الأبناء، نجدها وقد غفلت الجانب الشعوري تجاه زوجها ظنًا منها أن ما تقوم به يعكس تلقائيًا محبتها وعاطفتها حتى لو لم تصرح له بذلك، بل يكفي ما تقوم به من خدمة ورعاية للأسرة لإقناع زوجها بأن له رصيدًا كبيرًا من المحبة في قلبها، وهذا خطأ فادح يقدح في المحبة، فكما قال الشيخ الجليل محمد حسين في كتابه (العشرة الطيبة للمرأة): (لو أن إنسانًا أعطاه الله عز وجل المال الكثير، فكنزه ولم يستثمره ولم ينفق منه على نفسه ولا على من يجب عليه النفقة عليهم ما تقول فيه؟ إن المال جعله الله ليتداول بين الناس لا ليكنزوه)، وكذلك هي كنوز المشاعر والعواطف التي تملكينها في قلبك لزوجك ولا يصل إليه منها ما يكفيه، فالعواطف والمشاعر إنما خلقها الله تعالى لنتبادلها ونتعامل بها بما يرضيه تعالى، فكوني سخية بعواطفك واغترفي لزوجك مما في قلبك وكوني كالنهر الجاري الذي يعطي بسخاء ولا تكوني كالمياه الراكدة التي تأسن بعد حين.