الاحتلال يغتال فرحة المقدسيَّين إبراهيم وحنين باستقبال توأميهما
“لقد نغصوا فرحتنا، إنهم يتعمدون فعل ذلك”.. هكذا كان رد إبراهيم أبو طير على قرار هدم منزله في قرية أم طوبا بمدينة القدس المحتلة، الجمعة الماضية، بأمر من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وينتظر أبو طير (30 عامًا) وزوجته حنين (27 عامًا) توأميهما البنتيْن بعد 6 أسابيع؛ حيث موعد الإنجاب الذي توقعه الأطباء المشرفون على حالتها.
“قمنا باستعدادات كبيرة لاستقبال بنتينا، لكن الاحتلال دمر كل شيء، وجاء على كل أحلامنا” يضيف إبراهيم في تصريحات صحفية، وبدت الحسرة تهيمن على نبرات صوته.
تبلغ مساحة المنزل الذي أجبر إبراهيم على هدمه 130 مترًا مربعًا، وهو مكون من طابق واحد أرضي، ويسكن فيه هو وزوجته ووالده عبد أبو طير (50 عامًا)، ولا يملك هؤلاء مأوى آخرَ.
وأجبر هذا المقدسي على هدم منزله على حسابه الخاص، لتفادي الضرائب الباهظة التي تفرضها سلطات الاحتلال حال نفذت آلياتها جريمة الهدم، وتصل إلى عشرات آلاف الشواقل.
وقد جاء قرار الهدم بزعم البناء غير المرخص على الرغم من الجهود القانونية التي بذلها محامي العائلة، وامتدت سنوات طويلة دون أن يتمكن من انتزاع الأوراق والتراخيص اللازمة للحيلولة دون تنفيذ قرار الهدم.
وتتخذ حكومة المستوطنين الفاشية برئاسة بنيامين نتنياهو، من منع المقدسيين من الحصول على تراخيص البناء سياسة لهدم منازلهم، في الوقت الذي توفر فيه جميع التسهيلات لإنشاء وحدات استيطانية جديدة للمستوطنين.
وقد لجأ إبراهيم وزوجته إلى الإقامة مؤقتًا في بيت عمه إلى حين توفير مبنى بالإيجار.
وقال: إنه سيبني بيتًا جديدًا في القدس مستقبلاً مهما كلفه الأمر، ولن يرضخ أو يستسلم لسياسة الهدم الإسرائيلية.
ويؤمن هذا الشاب أن سياسة الهدم التي يستهدف بها الاحتلال منازل المقدسيين، تهدف بالأساس إلى فرض وقائع على الأرض في القدس لصالح المستوطنين على حساب سكان الأرض الأصليين.
وتابع إبراهيم: أعرف جيدًا أن الاحتلال لا يريد الفلسطينيين في القدس، ولذلك يهدم منازلنا، لكننا لن نرحل مهما بلغت جرائم الاحتلال، وسنبقى صامدين على هذه الأرض.
وينسجم حديث إبراهيم مع ما يؤكده مراقبون وباحثون مختصون في شؤون القدس، بأن حكومات الاحتلال تهدف من وراء سياساتها إلى تفريغ عاصمة فلسطين الأبدية من سكانها المقدسيين، وإحلال المستوطنين مكانهم ضمن مخطط تنفذه إسرائيل منذ احتلال المدينة على مرحلتيْن في 1948، و1967.
ووفق معطيات موثوقة، بلغ عدد المنشآت التي هدمها الاحتلال في القدس منذ 1967 حتى نهاية أغسطس/ آب 2022، 5695 منشأة؛ 87 بالمئة منها هي منازل للمواطنين.
وقال مختار قرية أم طوبا عزيز أبو طير: إن المنزل المهدوم كان قائمًا منذ 15 عامًا، وكان إبراهيم وزوجته يجهزان لاستقبال المولودتيْن، لكن الاحتلال بجريمة الهدم أفقدهم مأواهم الوحيد.
وأضاف أبو طير، أن إبراهيم أجبر على دفع مخالفات في السنوات الماضية بعشرات آلاف الشواقل.
واتهم بلدية الاحتلال بأنها “تمارس سياسة الفصل العنصري، ويتحكم بها مستوطنون، وتفرض على المقدسيين قوانين مجحفة”.
وقرية أم طوبا تُعد ذات موقع أثري يحتوي على صهاريج محفورة في الصخر وتيجان وأعمدة، وقد فصل الاحتلال بينها وبين بلدة بيت ساحور عن طريق مستوطنة على “جبل أبو غنيم (هار حوما)” التي أنشأها في 1997 على أراضي القرية.
يشار إلى أن غالبية سكان القرية ينتمون لعائلة أبو طير المقدسية، ويتعرضون لمسلسل هدم وتهويد ممتد منذ سنوات.