العدوان على غزة: استشهاد الأطفال جريمة حرب إسرائيلية متعمدة
أفادت تقارير في وسائل إعلام إسرائيلية اليوم، الجمعة، أن القيادة السياسية والعسكرية أمرت باغتيال ثلاثة قياديين في حركة الجهاد الإسلامي في بداية العدوان الحالي على غزة، يوم الثلاثاء الماضي، رغم علمها بوجود احتمال مرتفع بمقتل مدنيين وخاصة أطفال. ما يؤكد ارتكاب إسرائيل جريمة حرب بشكل متعمد.
وأكد المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، أن “استهداف غير الضالعين في القتال في غزة، وبضمنهم أطفال، مؤسف، لكنه متوقع”. ونقل عن مصدر سياسي قوله إن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، أرجآ مرتين تنفيذ الاغتيال “بسبب التخوف من استهداف عدد كبير من الأطفال”.
وعقدا نتنياهو وغالانت مداولات مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، يوم السبت الماضي، واستمعوا خلالها إلى تقديرات “واطلعوا على احتمال استهداف عدد كبير من غير الضالعين في القتال، وقررا التأجيل”.
وعاد نتنياهو وغالانت إلى مداولات مشابهة، يوم الأحد الماضي، وقررا تنفيذ اغتيال القياديين الثلاثة في الجهاد. لكن بحسب برنياع، أمر هليفي بوقف العملية في الدقيقة الأخيرة قبل المصادقة عليها، بسبب “انعدام اليقين حيال النتائج، وبضمن ذلك انعدام اليقين حيال استهداف أطفال”.
وتابع برنياع أن نتنياهو وغالانت وهليفي “صادقوا يوم الإثنين على التنفيذ بالرغم من أنهم علموا أنه سيُستهدف أطفال أيضا، ولكن عددهم سيكون أقل”. واستشهد في هذا الهجوم، إلى جانب القياديين الثلاثة في الجهاد، عشرة مدنيين بينهم 4 أطفال و4 نساء من عائلات القياديين وسكان الشقق المجاورة.
ولفت المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، إلى أن إسرائيل تعمدت قتل أطفال في عمليات اغتيال قياديين فلسطينيين. “قسم من الاغتيالات في القطاع، خلال فترة الانتفاضة الثانية وبعدها في العمليات العسكرية في القطاع، تم تنفيذه بعلم بتواجد عائلات – نساء وأحيانا أطفال أيضا – بالقرب القياديين المستهدفين”.
ويوفر هرئيل دليلا على ارتكاب جريمة حرب متعمدة. “يبدو أنه في يوم الثلاثاء الماضي تم أخذ هوامش مخاطرة واسعة أكثر في المصادقة النهائية على الهجوم. فقد جرى توجيه صواريخ نحو أماكن معينة داخل الشقق، على أمل غير مسنود بالامتناع عن استهداف أطفال”.
وأضاف أن “النتيجة كانت مقتل أبرياء، تراكم إلى عدد مرتفع نسبيا لأنه تم تنفيذ ثلاثة اغتيالات بالتزامن. وتكرر هذا في الماضي، والتوقع بضمان نتيجة أخرى في عملية ’جراحية’ (استهداف دقيق) على مر الزمن في غزة هو أمل كاذب، بسبب الاكتظاظ السكاني”.
ورأى هرئيل أنه خلال عملية اتخاذ القرار بتنفيذ الاغتيالات الثلاثة “لم يكن هناك شخص مصمم بالشكل الكافي كي يشير أمام نتنياهو وغالانت إلى المخاطر والمطالبة بانتظار فرصة أفضل. ويبدو أن هذا الأمر ليس مهما كثيرا لأحد في إسرائيل، لكن يتعالى هنا اشتباه بنقص معلومات استخباراتية، خلل في إداء القادة الإسرائيليين، أو كلا الاشتباهين”.
وخلص هرئيل إلى أن “الحقيقة البسيطة هي كالآتي: لا يوجد لدى إسرائيل أي حل حقيقي لضائقة غزة، أو للمخاطر الأمنية من جهة القطاع، تحت حكم حماس. وتتطرق معظم الخطوات الإسرائيلية، العسكرية والاقتصادية، إلى إدارة الصراع وفي أفضل الأحوال تؤخر الانفجار القادم. وتأمل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لدى شن عملية عسكرية في القطاع ألا تطول أكثر مما ينبغي. وفي أفضل الأحوال، هي تتوقع أن الضربة العسكرية التي تتلقاها الفصائل الفلسطينية تؤدي إلى إعادة ضبط ميزان الردع، أي أن تزيد احتمالات الهدوء عند الحدود لأشهر معدودة”.