محللون إسرائيليون: العدوان على غزة سيتكرر طالما لا تتغير سياسة الاحتلال
أشار محللون إسرائيليون اليوم، الخميس، إلى أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يحاول تحقيق أكبر فائدة ممكنة لتحسين صورته من العدوان الحالي على غزة، وأن الوضع الحالي يشكل “فرصة جيدة” له لإنهاء العدوان، الذي لن يحقق نتائج أفضل لإسرائيل في حال استمراره.
ورأى المحلل السياسي في موقع “زمان يسرائيل” الإخباري، شالوم يروشالمي، أن “الإنجاز الإسرائيلي بعد الهجمات في غزة وتصفية أربعة قياديين في الجهاد الإسلامي، هو مؤقت. ونجاح الجهاد بشل نصف دولة (إسرائيل) هو مؤقت. كما أن وقف إطلاق النار سيكون مؤقتا وحسب، حتى الجولة المقبلة”.
وخلافا لأقوال نتنياهو، أمس، حول “تغيير المعادلة” ضد الجهاد الإسلامي، اعتبر يروشالمي أن “أي تغيير أساسي لمعادلة لا يحدث، بل على العكس، المعادلات المعروفة تترسخ. فحماس أو الجهاد ينفذون عمليات في المناطق (المحتلة)، ونحن نرد بهذا المستوى أو غيره، وحماس أو الجهاد يطلقون مئات الصواريخ إلى حين تدخل مصر وإملاؤها وقف إطلاق نار على كلا الجانبين”.
ورأى يرشالمي أن تغيير المعادلة يتم، على سبيل المثال، “بمنح مكانة سياسية مستقلة لغزة، الأمر الذي سيقلب بشكل كامل العلاقات بيننا وبينهم. فغزة هي المكان الوحيد الآن الذي يطلق صواريخ باتجاه تل أبيب. وإيران، سورية أو حزب الله أقوى أكثر بألف مرة من الجهاد الإسلامي في غزة، لكنهم لا يجرئون منذ سنوات طويلة على إطلاق نصف قذيفة باتجاه إسرائيل”.
وأضاف أن “مشكلتنا هي أننا لم ننفصل فعلا عن غزة. انسحبنا إلى خطوط العام 1967 لكننا لا نزال هناك، وندير عن بعد حياة السكان من نواحي كثيرة. انفصال مطلق، كما عن لبنان في العام 2000، سيملي قواعد مختلفة كليا مقابل غزة أيضا. وفي هذه الأثناء لا توجد أفكار جديدة كهذه، ولم يأتي القائد الذي بإمكانه حل هذه المشكلة التي ستعود إلينا وحسب، عاجلا أم آجلا”.
“سيمفونية غير منتهية”
وكتب الباحث في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، كوبي ميخائيل، في منشور نشره الموقع الإلكتروني للمعهد، أنه في حال الاتفاق على وقف إطلاق نار بوساطة مصرية ودخوله إلى حيز التنفيذ، فإنه “بإمكاننا النظر إلى الجولة الأخيرة على أنها فصل آخر في سيمفونية ليست منهية. إسرائيل تضطر مجددا للتمسك بالخيار الأقل سوءا بين الخيارات السيئة جدا الماثلة أمامها، والتمسك بمنطق الاحتواء والتسوية، الذي يستند إلى حماس كعنوان مسؤول في قطاع غزة، وتلجم الجهاد الإسلامي لمنع تصعيد شديد”.
وأشار ميخائيل إلى أن إسرائيل تسعى إلى “الحفاظ على حماس كعنوان مسؤول وملجوم، وبالأساس من أجل الامتناع عن معركة عسكرية واسعة النطاق، لا يمكنها أن تقود إلى واقع بديل أفضل لإسرائيل. بينما يد إسرائيل متحررة أكثر ضد الجهاد الإسلامي. والجهاد الإسلامي هي حركة إرهابية متطرفة وعنيفة وغايتها الكفاح المسلح ضد إسرائيل، ومتحررة من التزام تجاه السكان المدنيين، ولا تتطلع إلى السيطرة على منطقة أو سكان ولا ترى بنفسها بديلا عن السلطة الفلسطينية”.
واعتبر ميخائيل أنه “لأن الجهاد لن تكون ولا يمكنها أن تكون عنوانا مسؤولا بالنسبة لإسرائيل، فإن بإمكان إسرائيل توجيه ضربات شديدة وفتاكة أكثر ضدها، وهذا ما حدث عدة مرات” في العمليات العسكرية العدوانية على قطاع غزة.
وأضاف أن “حماس أثبتت قدرتها على لجم الجهاد. وبإمكان إسرائيل أن تنتشي بعملية عسكرية مثيرة للإعجاب وناجحة، وتمكنت من إثبات قدرات مخابراتية، فيما هي تلحق ضررا كبيرا للجهاد الإسلامي وفيما هذا كلّه ينطوي ضمن جولة (قتالية) قصيرة. ويقود المصريون، الوسيط النافذ، هذه الجوقة ويعززون مكانتهم الإقليمية بنظر اللاعبين في المنطقة والمجتمع الدولي، وفيما هم يتجندون بسرعة لمهمة الوساطة والتهدئة، وفي الغالبية العظمى من الحالات هم ينجحون أيضا بإنهاء الجولات بسرعة نسبيا. ومثلما هو الحال دائما، تقول الفصائل الفلسطينية الكلمة الأخيرة، بإطلاق رشقة صاروخية أخيرة بعد الساعة المتفق عليها لبدء وقف إطلاق النار”.
وتابع ميخائيل أنه “رغم كل الأسف والإحباط المقرون بهذه السيمفونية غير المنتهية، التي سنسمع فصولا أخرى منها في المستقبل المنظور، فإنه ليس بحوزة إسرائيل بديلا أفضل، حتى إذا قررت توجيه ضربة أشد لحماس في جولة مقبلة. والتغيير في الواقع الراهن سيحدث في إحدى حالتين: اتساع غير متوقع وغير مرغوب به لمعركة عسكرية بسبب رد فعل شديد لحماس أو ضرر كبير واستهداف أفراد (مدنيين) من جراء ذلك، وعندها سيجد الجانبان أنفسهما مرة أخرى في معركة واسعة لا يرغبون بها”.
والحالة الثانية بحسب هي “تغيير نموذجي في الجانب الإسرائيلي، عندما تتوصل إسرائيل إلى استنتاج بشأن الفائدة الإستراتيجي في استئناف العملية السياسية، إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة في إطار هندسة إقليمية واسعة جديدة تستند إلى اتفاقيات أبراهام وإلى ضلوع سعودي عميق، بدعم دولي وخاصة أميركي. وعندها، ستتمكن إسرائيل، في حال توفر الذريعة الصحيحة والظروف لشن عملية عسكرية كبيرة هدفها القضاء على بنية حماس العسكرية، بهدف السماح بعودة السلطة الفلسطينية”.
واعتبر ميخائيل أنه بإمكان حكومة وحدة قومية إسرائيل فقط أن تقود خطوة كهذه. “بغياب حكومة كهذه وعملية سياسية، لن يكون هناك تغيير نموذجي ولذلك تنطوي إسرائيل داخل النموذج الراهن، الذي هو الخيار الأقل سوءا. وطالما أن هذا هو النموذج، سنبقى مع السيمفونية نفسها والعازفين نفسهم ومع قائد الفرقة نفسها، وفيما أي جولة قتالية هي فصل آخر في هذه السيمفونية غير المنتهية”.