الحلقة 19 من “هذه شهادتي” مع فضيلة الشيخ رائد صلاح مع الإعلامي عبد الإله معلواني
الشيخ رائد صلاح في حلقة جديدة من برنامج “هذه شهادتي”:
- يُسلّط الضوء على محطات من حياته بعد التخرج من كلية الشريعة في الخليل
- الحفاظ على علاقة التواصل مع الأهل في الخليل عبر زيارات متتالية في مناسبات مختلفة
- التّقدّم بطلبات للالتحاق بمهنة التدريس.. والرفض الإسرائيلي بأساليب ملتوية
طه اغبارية، عبد الإله معلواني
تواصل صحيفة “المدينة” التوثيق المكتوب لشهادة الشيخ رائد صلاح المتلفزة ضمن برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني. وتبثّ الحلقات على قناة “موطني 48” عبر “يوتيوب”، وصفحة “موطني 48” على “فيسبوك”.
في الحلقة (19) تطرق رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا، ورئيس لجان إفشاء السلام في الداخل الفلسطيني، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، إلى المرحلة التي تلت تخرجه من كلية الشريعة في مدينة الخليل واستمرار تواصله مع الأهل في الخليل والطلبة في كلية الشريعة، لا سيّما طلاب الداخل الفلسطيني، كما تحدث عن تقدمه بطلبات للالتحاق بسلك التربية والتعليم، لكنه قوبل بالرفض من قبل وزارة المعارف الإسرائيلية.
محطات في المسيرة بعد التخرج
حافظ الشيخ رائد صلاح- بعد تخرجه من كلية الشريعة- على تواصله مع مدينة الخليل وأهلها والطلبة في كلية الشريعة على وجه الخصوص. عن تلك الفترة يفصّل: “بعد أن أكرمنا الله تعالى ودرسنا في كلية الشريعة على مدار أربع سنوات، كانت لحظات التخرج في العام الدراسي 1979-1980، حيث أنهينا الدراسة بنجاح مبارك. وفي هذا العام، أصبحنا على قناعة أننا سنصبّ كل جهودنا لمواصلة مسيرة المشروع الإسلامي في الداخل الفلسطيني. بالتأكيد بقيت هناك ذكريات تشدنا إلى الخليل وكلية الشريعة وطلابها بشكل خاص، لذلك بقينا على علاقة متينة مع أهل الخليل ومساجد المدينة وكلية الشريعة، نزورها بين الفترة والأخرى. ويمكن أن أُسجّل هذه الملاحظات: عندما كنت لا أزال طالبًا في كلية الشريعة، أكرمني الله وألقيت خطبة جمعة في “مسجد الحرس” بالخليل. وبعد أن تخرجت عدنا إلى الخليل للمشاركة في إحدى المناسبات، وهناك أصر عليَّ الأهل أن أخطب الجمعة في “مسجد الحرس”، فحاولت الاعتذار لأنّ من يجلسون في المسجد منهم الدعاة والعلماء وهم أعلم منّي، ولكن مع إصرار الأهل عليّ، ألقيت الخطبة وقد كنت مكرهًا”.
وتابع: “في إحدى المرات- وفي أوج العمل الدعوي العام- دعينا إلى مناسبتين، الأولى لإحياء عرس إسلامي في جنين، وفي نفس الوقت، طُلب منّا أن ننتقل بعدها- في اليوم التالي- إلى الخليل لنشارك في مهرجان إسلامي في كلية الشريعة، فسافرنا إلى جنين، وأذكر أنه كان معي الشيخ هاشم عبد الرحمن وطاقم فرقة النور للنشيد الإسلامي، وبعد أن أحيينا العرس في جنين، توجّهنا إلى مدينة الخليل ووصلنا إلى هناك منتصف الليل، بتنا في بيوت الطلبة من أهل الداخل، وفي اليوم التالي شاركنا في المهرجان الذي نُظّم في كلية الشريعة. كذلك، دعينا مرة للمشاركة في مهرجان آخر في الكلية (الشريعة) برعاية الكتلة الإسلامية بعد نجاحها في انتخابات مجلس الطلبة، وسافرنا من أم الفحم فجرًا مع طاقم “فرقة النور”، ولا زلت أذكر أنّ الأجواء كانت باردة وماطرة وقد غطى الضباب جبال الخليل، فلمّا وصلنا إلى الكلية، وإذ بالإخوة القائمين على المهرجان يبلغوننا بأنه جرى تأجيل المهرجان، ولكن طُلب منّا أن تقدم “فرقة النور” سلسلة أناشيد في إحدى قاعات كلية الشريعة، وفعلًا قمنا بذلك، وكان من ضمن الأناشيد التي أنشدتها فرقة النور “أنا لن أخون”- وهي للمرحوم الشاعر “أبو أشرف” محمد خضور من أم الفحم- وكانت الأجواء حماسية وقد حضر المناسبة طلاب من كافة التوجهات السياسية في الخليل”.
الخليل وكرم العطاء وفيض التبرعات
ويُكمل الشيخ رائد: “ظلّت العلاقة قائمة بيننا وبين مدينة الخليل بشكل عام وبشكل خاص بكلية الشريعة، وأذكر لمّا وقعت مأساة البوسنة والهرسك، ونظّمنا حملة إغاثة وجمعنا التبرعات المالية لإسناد المسلمين هناك، قمنا بزيارة الخليل لجمع التبرعات، وقد جمع لنا الأهل في الخليل أثرياء المدينة في لقاء خاص، وتحدثت أمامهم عن هدف الزيارة وحثثت على التبرع، وبالفعل تبرع الأهل في الخليل لإخواننا في البوسنة والهرسك بمبلغ كبير جدًا. كذلك أذكر أنه عندما بدأنا بإعادة بناء مسجد المحاميد “أبو بكر” في أم الفحم، كانت الإمكانيات المادية صعبة جدًا في الداخل، فزرنا العديد من البلدات في الضفة منها الخليل ونابلس، كما زرنا قطاع غزة، لجمع التبرعات من أجل المسجد. في زيارتنا إلى غزة، ذهبنا مجموعة كبيرة من أم الفحم وبتنا في “المجمع الإسلامي” وكان عنواننا لجمع التبرعات المرحوم الشيخ أحمد ياسين الذي كان قد زارنا قبل ذلك مرتين بأم الفحم حيث شارك في إحداها بعرس الشيخ أحمد فتحي أبو خليفة”.
محاولات الالتحاق بمهنة التدريس.. والرفض الإسرائيلي
وتوقف الشيخ رائد صلاح عند مرحلة البحث عن وظيفة في مجال التدريس بعد إنهائه دراسة الشريعة، كما تطرق إلى مميزات دراسته للشريعة رغم أنه حلم في يوم من الأيام بدراسة الرسم، يقول: “أول شيء اكتسبته من دراسة علوم الشريعة ولا زلت أؤكده لنفسي ولجميع الإخوة الكرام أبناء المشروع الإسلامي وغيرهم، مثلما قال الإمام عبد القادر الجيلاني: “خيرة الله لعبده خير من خيرة العبد لنفسه”، فكما قلت في حلقات سابقة كنت قد طمعت أن أتعلم الرسم، ولكن تبين لي أن قدر الله تعالى حال بيني وبين دراسة الرسم، ووجدت نفسي في كلية الشريعة. والآن أقول: لو تعلمت الرسم كيف كان سيكون حالي. فالله اختار لي الأفضل، وقدر الله العظيم أبعدني عن ذلك (موضوع الرسم). بعد أن أنهينا الدراسة في كلية الشريعة، تقدمت بطلب لوزارة المعارف لأكون مدرسًا، وطمعت أن أعلم في المرحلة الإعدادية لقناعتي أنه في هذا الجيل يبدأ توجيه الطالب وصقل شخصيته، فتقدمت بالطلب، من خلال رسالة للوزارة، وانتظرت الجواب، وبعد فترة أعادوا لي رسالتي التي بعثتها، حينها أدركت الجواب! وأن الباب مغلق أمامي، ثمّ بعثت طلب الالتحاق بسلك التدريس مرة أخرى، وكان الجواب نفسه، الرفض بأسلوب ملتو. وفي مرة سافرت ومجموعة إخوة ممن أنهينا دراسة الشريعة- أذكر منهم الشيخ إبراهيم مفيد- إلى قرية الرينة- حيث حاولنا طرق أبواب السلطات المحلية العربية من أجل التدريس في الثانويات- وزرنا المجلس المحلي في الرينة وعرضنا طلبنا أن نُدرّس الثقافة الإسلامية في الثانوية، وهناك قالوا لنا إن لم يكن هناك فرصة للتدريس في الثانوية نقترح عليكم أن يكون لكم دور في المساجد كأئمة، كذلك ذهبنا إلى مجلس كفر كنا وتحدثنا عن نفس الموضوع، وتقريبًا كان نفس الجواب من المسؤولين هناك. حينها وجدنا أنه لا توجد إمكانية للتدريس. ثمّ تقدّمت بطلب إلى “نادي الهستدروت” عندنا في أم الفحم لتدريس مادة حول الثقافة الإسلامية في دورة للنساء جرى الإعلان عنها، وجاء الجواب- أيضًا- بالاعتذار”.
وأردف: “عندما وجدنا الأجوبة في أن الطريق مغلق أمامنا للانخراط في التدريس، قلت: “وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم”، واليوم حين أستذكر الأمور أقول: يعلم الله لو أننا انخرطنا في سلك التعليم، كيف سيكون حالنا هل سنقدم لمسيرة المشروع الإسلامي كما قدمنا وأعطينا لمّا رُفضنا، فقدر الله صرفنا عن سلك التعليم، وهي خيرة الله”.
دور المعلم
تزامنت هذه الحلقة من برنامج “هذه شهادتي” مع يوم “تكريم المعلمين المتقاعدين” الذي نظّمته لجان إفشاء السلام في عشرات البلدات في الداخل الفلسطيني، أوائل شهر شباط الماضي. ويرى الشيخ رائد وجود دور عظيم للمعلم في نهضة المجتمعات ورقيها، لذلك حرصت لجان إفشاء السلام على تكريم المعلمين وقررت أن يكون تكريم المتقاعدين منهم تقليدًا سنويًا في “يوم المعلم”. ويؤكد الحاجة إلى إعطاء الأولوية لثلاث مواد أساسية في مهنة التعليم، وهي: الثقافة الإسلامية، والتاريخ الإسلامي، واللغة العربية والانتماء إلى شعبنا الفلسطيني والجذور.
وزاد أيضًا: “الله أكرمنا بمعلمين حببوا إلينا اللغة العربية والتاريخ الإسلامي والثقافة الإسلامية، رغم محدودية معلوماتهم، فهم لم يتخرجوا من كليات الشريعة، ولكن نجحوا بتذويت هذه الأبعاد في داخلنا. لذلك نكرّم المعلمين وسنكرمهم دائمًا فهم بناة بلداتنا على صعيد تخريج الأجيال التي انخرطت في نهضة مجتمعنا في جميع المجالات، ويحق لهم- للمعلمين- بل واجب علينا أن نشكرهم على رسالة الوفاء التي قاموا بها”.