الخارجية الأميركية تعد اعتقال الغنوشي تصعيدا مقلقا وتونس ترفض التصريحات الدولية
أعربت وزارة الخارجية الأميركية والحكومة الألمانية عن قلقهما من قيام الحكومة التونسية باعتقال رئيس مجلس النواب السابق راشد الغنوشي وإغلاق مقر حزب النهضة وحظر بعض المجموعات المعارضة.
ووصفت الخارجية الأميركية -في بيان- الاعتقالات في تونس بحق المعارضة “تصعيدا مقلقا”، وتتعارض بشكل أساسي مع المبادئ التي اعتمدها التونسيون في دستور يضمن حرية الرأي والفكر والتعبير.
وأشار البيان إلى أن التزام الحكومة التونسية باحترام حرية التعبير وحقوق الإنسان ضروري للديمقراطية وللعلاقة بين الولايات المتحدة وتونس.
من جهتها، عبرت الحكومة الألمانية عن قلقها البالغ تجاه التطورات الداخلية في تونس.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية فولفغانغ بوشنر إن اعتقال زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ينضم لسلسلة مقلقة من الاعتقالات لممثلي المعارضة التونسية والصحفيين والناشطين.
بدوره، قال السياسي البريطاني جيريمي كوربن -في تغريدة- إن الاعتقالات في تونس يجب أن تدان، معربا عن تضامنه مع من وصفهم بمعارضي الانقلاب على الثورة الديمقراطية، وفق تعبيره.
وأُوقف الغنوشي بأيدي قوات أمنية دهمت منزله وقت الإفطار مساء الاثنين الماضي. وندد حزب النهضة بتوقيف زعيمه، مطالبا السلطات بإطلاقه فورا.
وأمس الأول الثلاثاء، أغلقت السلطات مقرات حزب النهضة، ومنعت كل اجتماعات قياداته، حسب ما أكده الحزب.
وقال الاتحاد الأوروبي -في بيان الثلاثاء- “نتابع بقلق بالغ سلسلة التطوّرات الأخيرة في تونس وتوقيف راشد الغنوشي أمس والمعلومات حول غلق مقرات الحزب”.
من جهتها، شددت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن كلير لوجاندر على أن توقيف الغنوشي “يأتي في إطار موجة اعتقالات مثيرة للقلق”، مشيرة -في بيان الثلاثاء- إلى تمسّك باريس بحرّية التعبير واحترام سيادة القانون.
رفض تونسي
ورأت تونس أن التصريحات والتعليقات الأخيرة لبعض شركائها تشكل تدخلا مرفوضا في الشأن الداخلي للبلاد، خاصة أنها على دراية بحقائق الأوضاع.
جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية أمس الأربعاء، ولفتت فيه إلى أن بيانها يأتي إثر سلسلة التصريحات والبيانات التي تمّ نشرها مؤخرا من قبل بعض شركاء تونس (لم تسمّهم)، التي تحترم بشكل تام مبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وتابعت أنها تذكّر الذين لم “يعبّروا عن انشغالهم” بنتائج مثل هذه التصريحات غير المسؤولة والخطيرة؛ بأن قوانين الجمهورية سارية على جميع المتقاضين على حد سواء ومن دون تمييز، مع توفير كافة الضمانات اللازمة، وأن العدالة تمارس برصانة من دون تأثر بموجة التعليقات غير المقبولة.
كما شددت -في المقابل- على أن مثل هذه التعليقات من شأنها أن تنعكس سلبا على جهود الدولة المكثّفة لتصحيح الوضع الاقتصادي والمالي الواقع تحت الضغط نتيجة سوء الحوكمة الذي اتّسم به العقد الماضي، وما نتج عن ذلك من تداعيات لا يزال التونسيون يتحمّلون تبعاتها.
وكان الغنوشي صرح الأحد الماضي بأن “هناك إعاقة فكرية وأيديولوجية في تونس تؤسّس للحرب الأهلية”.
وأضاف “لا تَصوُّر لتونس من دون طرفٍ أو ذاك، تونس بدون نهضة، تونس بدون إسلام سياسي، تونس بدون يسار، أو أي مكوّن؛ هي مشروع لحرب أهلية، هذا إجرام في الحقيقة”.
وفي الداخل أيضا، دعا الحزب الجمهوري التونسي أمس الأربعاء الرئيس قيس سعيّد إلى التفكير في عواقب التصعيد وضرب الحريات.
ورأى الحزب أن تصريح الغنوشي في اختتام اعتصام مساندة للموقوفين لا يتضمن ما يدعو إلى التجريم، بل هو تقدير ورأي يدخل في خانة الجدل السياسي والنقاش العمومي المشروع.
وحذر الحزب من أن الإجراءات المتخذة ضد الحركة قد تدفعها للعمل السري لممارسة حقها، ومن العودة بتونس إلى أجواء القمع والاستئصال التي شهدتها في عهد بن علي.
كما تخوف من أن تكون التوقيفات مقدمة لتكريس مشروع سياسي يستهدف منظومة الأحزاب بكاملها والهيئات الوسيطة بمجملها، وتعويضها بعلاقة أحادية وعمودية بين الرئيس الأوحد والشعب.
ومنذ 11 فبراير/شباط الماضي، نفذت السلطات التونسية حملة توقيفات شملت قادة حزبيين وقاضيين اثنين، ورجل أعمال ومحاميا وناشطا، وينفي الرئيس التونسي قيس سعيد أن تكون التوقيفات سياسية، ويتهم بعض الموقوفين بالتآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار.
وشدد سعيد مرارا على استقلال السلطات القضائية، إلا أن المعارضة تتهمه باستخدام القضاء لملاحقة رافضي الإجراءات الاستثنائية التي بدأ فرضها في 25 يوليو/تموز 2021؛ مما أثار أزمة سياسية حادة.