تقدّم اليهودي كشخص مخترع يحمل مشعل الحضارة.. كيف تُستخدم السينما الغربية والهوليودية في تشويه صورة المسلمين والعرب؟
صورة نمطية عن المسلمين والعرب تتكرر في الأعمال السينمائية الغربية وخاصة الهوليودية، فهم بدائيون وشهوانيون وأثرياء وغيرها من الأوصاف، ليصبحوا في أفلام ما بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 إرهابيون.. فما دور الفن السابع في الترويج للأجندات السياسية التي تستهدف المسلمين؟ وما السبيل للتخلص من الصورة النمطية عن المسلم والعربي؟
ركزت حلقة (2023/4/12) من برنامج “موازين” على صورة المسلمين في السينما الغربية والأميركية خصوصا، وتداعيات الصورة السلبية في مجملها، ودور السينما في الترويج لظاهرة الإسلاموفوبيا.
ووفق أستاذ الأدب العربي بكلية التربية الأساسية في الكويت مصطفى عطية فقد قدمت السينما الغربية الأوروبية عامة، والأميركية خاصة، صورة مشوهة للإسلام ولنبي الإسلام وللعرب، ففي ما يزيد عن 900 فيلم أنتجته سينما هوليود قدمت صورةً تكرّس نمطية مشوهة عن المسلم والعربي، حيث يصور على أنه شخصٌ بدائي وعدواني وشهواني يعيش في الصحراء ويركب الجمال، ولا يعرف من الحضارة الحديثة إلا استخدام واستهلاك الأجهزة الكهربائية الحديثة، ويركض خلف النساء الشقراوات، وهو ما لا يعبّر عن حال العرب والمسلمين ولا عن حضارتهم ولا عن تاريخهم وميراثهم.
وبدأت الحملة الغربية ضد نبي الإسلام وضد الإسلام مع ظهور الإسلام الذي نظر إليه المجتمع الغربي تهديدا لوجوده الديني والسياسي، وأكد عطية أن دوائر الاستشراق ساعدت أيضا في ترسيخ الصورة النمطية للعرب والمسلمين في السينما الغربية.
وفي المقابل، فإن اليهود هم استثناء في المجتمع الغربي وفي السينما الغربية، إذ يُقدم اليهودي -يواصل عطية- بأنه مبتكر ومخترع ويحمل مشعل الحضارة والديمقراطية والحريات، والسبب في ذلك هو أن اليهود لديهم النفوذ الأقوى سياسيا واقتصاديا وإعلاميا وهم الممولون لصناعة السينما في هوليود، وحتى الشركات السينمائية التي أُسست في مصر ولبنان والمغرب العربي يقف خلفها يهود.
وعن كيفية استخدام السينما الأميركية والهوليودية لترويج السياسات الأميركية وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، أكد عضو هيئة التدريس في كلية التربية الأساسية بالكويت بدر الجدعي لبرنامج “موازين” أن الكثير من الأفلام تدعّمها الحكومة الأميركية، وخصوصا أجهزة المخابرات، بغرض تحبيب وترغيب الوجود الأميركي في الدول الخارجية.
الترويج لظاهرة الإسلاموفوبيا
وبشأن تعامل السينما الغربية مع الإسلام، أشار أستاذ الإعلام في جامعة ميريلاند الأميركية عاطف عبد الجواد إلى مسألة جهل الأميركيين الذي نشأ بسبب غياب هجرة المسلمين والعرب إلى الولايات المتحدة الأميركية، رغم أن هذا الأمر بدأ يتغير في الآونة الأخيرة، ومثال على ذلك أنه خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار السينمائية عوملت الباكستانية ملالا يوسفزي الحائزة على جائزة نوبل والمتحجبة باحترام وإعجاب شديدين للغاية، مما يعني أن هيئة الأوسكار والسينمائيين في الولايات المتحدة بدؤوا يتعلمون تدريجيا عن الحجاب وعن الإسلام والعادات الإسلامية.
وفي المقابل، يرتكب المسلمون والعرب ما أسماها عبد الجواد أخطاء تساعد في تكريس الأفكار النمطية عنهم، فاستخدموا العنف وربطوا بينه وبين الدين الإسلامي، داعيا إلى تحسين صورة العرب والمسلمين الناشئة عن جهل المجتمع الأميركي بهم وتعديل العادات التي تتنافى إلى حد كبير مع عادات وتقاليد المجتمع الأميركي والغربي.
وعن دور السينما في زرع ظاهرة الإسلاموفوبيا والترويج لها، قال عضو هيئة التدريس في كلية التربية الأساسية بالكويت إن تعامل السياسات الخارجية الأميركية والإعلام والسينما مع الإسلام ومع الشرق الأوسط هو تعامل على أساس سياسي وليس على أساس ديني، مؤكدا أن الإسلاموفوبيا تتغذى من أكثر من جهة غربية، من ما يسمى بـ”تينك تانك” (Think tank) ومن المدونين الذين يروّجون للمخاوف من الآخر، قائلا إن استمرار ظاهرة الإسلاموفوبيا يأتي دعما لسياسات خارجية معينة.
وبرأي يونس مسكين، وهو أستاذ زائر للصحافة في المعهد العالمي للإعلام والاتصال بالمغرب، في مداخلته ضمن برنامج “موازين”، فإن السبيل الأمثل للتخلص من الصورة النمطية عن المسلمين والعرب في الغرب يتمثل في ولوج مجال الصناعة السينمائية والتلفزيونية، وتقديم محتوى مخالف لما هو سائد وإعطاء صورة جديدة تمسح الصور النمطية، مشيرا إلى أن الفرصة أصبحت ممكنة بسبب التطور التقني والتكنولوجي الذي عرفه هذا المجال، والدليل على ذلك المنصات الرقمية الجديدة التي أصبحت تمثل بديلا عن الأنماط التقليدية.