ما خيارات المعارضة السورية أمام الانفتاح العربي على الأسد؟
أبدت المعارضة السورية خشيتها من الزيارات التي تجريها الوفود العربية إلى دمشق بعد الزلزال المدمر الذي ضرب الجنوب التركي وشمال سوريا في 6 شباط/ فبراير الماضي.
وفي بيان له اعتبر الائتلاف أن ما تفعله بعض الدول العربية في اتجاه التطبيع مع النظام بالتصرف الخاطئ، مؤكدا أن أي مساع لإعادة تدوير النظام تعد قبولا بجرائمه، وأن الشعب السوري الذي قدم التضحيات خلال أكثر من عقد من الزمن لن يقبل أن يفرض عليه نظام الأسد مجدداً.
وطالب الائتلاف الوفود العربية التي وصلت دمشق، أن تتوجه للمناطق التي تؤوي ضحايا ومنكوبي الزلزال في شمال غرب سوريا وهي المناطق التي ضربها الزلزال وحلت بها الكارثة.
وقال البيان: “إذا كانت النوايا هي التضامن مع الضحايا، فلا تكونوا مجرد شهود على شعب يقتل، بل كونوا عونا له ولا تكونوا اليوم عونا لقاتله”.
“خديعة الأسد”
وقال القائم بالأعمال لدى السفارة السورية في قطر، بلال تركية لـ”عربي21″، إن السوريين يشاهدون بمرارة قاتلهم وهو يستثمر – كما هو دائما – في آلامهم وأوجاعهم، لتحصيل القليل من المكاسب لصالحه.
وأضاف، أنه “رغم هول كارثة الزلزال، إلا أن الشعب السوري لا يملك إلا أن يقارن بين الكوارث التي تعرض لها، فيقارن بين كارثة الزلزال الطبيعية، وكارثة النظام القاتل، فيجد الشعب السوري أن مجموع ضحايا الزلزال، لا تتجاوز الـ10 في المئة من مجمل ما قتل النظام المجرم من الشعب السوري”.
وتابع تركية بالإشارة إلى أن الدمار الذي ألحقه الزلزال لا يقارن بحجم الدمار الناجم عن آلة حرب النظام، من حمص إلى ريف دمشق، ومن أحياء حلب إلى أحياء درعا، وقال إن النظام بات يستثمر في مناظر الدمار التي خلفتها براميله المتفجرة، ويعرضها على الزوار من المنظمات الدولية على أنها من آثار الزلزال.
ويحتاج الشعب السوري الذي عانى على مدى 12 عاما، حسب الدبلوماسي السوري، إلى وقوف الدول إلى جانبه، ومد يد العون ليتجاوز محنته ويستعيد عافيته، مشيداً بكل الوقفات العربية والعالمية الصادقة، التي استجابت لهذه الكوارث الإنسانية.
خيارات المعارضة أمام الانفتاح
وحول خيارات المعارضة أمام كسر عزلة النظام، يقول تركية: “نؤكد بأن موقفنا واضح بالثبات على مبادئ الثورة، والمطالبة بمحاسبة مرتكبي الجرائم بحق الشعب السوري وملاحقتهم، وتأمين العودة الكريمة والآمنة إلى وطنهم بعد زوال النظام، ونثمن مواقف الدول العربية الصديقة للشعب السوري والثابتة على موقفها الرافض للتطبيع مع النظام الملطخ بالدماء”.
بدوره، قال أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف عبد المجيد بركات، إن الواقع يحتم على الدول العربية والمجتمع الدولي دعم القرارات الدولية التي ترسم الحل السياسي، وتخفف معاناة السوريين.
وأضاف، أن المعارضة متمسكة بالشرعية الدولية التي تحقق الانتقال السياسي، مؤكدا أن “أي انفتاح مع النظام، يعمق من جراح السوريين، ويطيل من عمر النظام، علاوة على تعقيد الحل الدولي”.
أما الباحث في مركز “الحوار السوري” محمد سالم، فيرى أنه ليس أمام المعارضة سوى استمرار النضال والعمل السياسي خاصة، بكافة الوسائل المتاحة لمنع تدحرج بعض الدول لشرعنة نظام الأسد.
ويعتقد أن ما يساعد على ذلك، أن نظام الأسد غير قادر وغير راغب بتقديم أي مقابل للدول العربية، وقال: “هو يمارس الخداع وبيع الكلام فقط، وغالبا ما سوف تتكرر النتائج من مبادرات عربية سابقة”.
ذريعة الطابع الإنساني
وبعد الزلزال، وصل إلى دمشق 4 وزراء خارجية، لمصر والإمارات ولبنان والأردن، وكذلك وصل وفد من الاتحاد البرلماني العربي، وكذلك تلقى الأسد اتصالات وبرقيات تعزية من قادة كل من مصر والإمارات والبحرين والأردن وسلطنة عمان والجزائر وموريتانيا والعراق وفلسطين، لتقديم التعزية في ضحايا الزلزال، والتأكيد على التضامن مع النظام.
وفي هذا الإطار، تقول عضوة اللجنة الدستورية السورية، سميرة مبيض، إن “مسميات الدوافع الإنسانية لا تعدو كونها ذرائع لإعادة تدوير نظام الأسد”.
وترى أن توجه حكومات دول المنطقة للحفاظ على المنظومة القائمة في المنطقة بجميع أذرعها ومنها نظام الاسد، ليس سوى محاولة للتصدي لمسار النهوض الذي تسعى له الشعوب في هذه الحقبة، معتبرة أن “التطبيع مع الأسد هو رسالة لتشريع جرائمه تجاه الشعب السوري والمصادقة على التهجير القسري الذي لحق بكل من طالب بالمواطنة وبدولة القانون، والمساواة”.
ومع ذلك، فإن مبيض تقلل من تأثير وصول الوفود العربية قائلة: “الزيارات لن تقدم ولن تؤخر من الوضع الإنساني الكارثي للسوريين بل هي تمهد لاستمرارية حالة القمع والشمولية وتدمير الدولة القائم منذ عقود، وهو في الحين ذاته تدمير وتشويه للثقافة العربية، ووصمها بنظام التعذيب والترهيب كنظام الأسد”.
أما عن خيارات المعارضة، فترى أن المعارضة فقدت الخيارات منذ اختارت التبعية، معتبرة أن “المعارضة تتحرك بموجب الدول الراعية لها ولا يمكننا التعويل على موقف داعم للحراك السوري من قبل أي تشكيلة معارضة، وكما شهدنا فإن تصريحاتهم متناغمة مع دول التطبيع تحت سقف ما يدعون أنه براغماتية سياسية في حين أنه مسعى لسلب حراك الشعب السوري والتضحية بمكتسباته وتقاسم السلطة مع من أجرم بحقه.
من جانبه، توجه رئيس المجلس السوري-الأمريكي فاروق بلال بالشكر لكل من قدم المساعدة للسوريين بعد الكارثة، مستدركا: “لكن تقديم المساعدات لا يتطلب زيارة أو استقبال مجرم حرب”.
وذّكر بلال باستخدام النظام السوري المساعدات الدولية سلاحا للحرب ضد السوريين (الجوع أو الركوع) في المناطق التي كانت تحاصرها قواته مثل مخيم اليرموك وغوطة دمشق وحمص وغيرها من المناطق.
قرار أمريكي جديد لمراقبة المساعدات
من جانب آخر، أشار بلال إلى سرقة النظام السوري للمساعدات الدولية باعتراف منظمات وتقارير دولية، وقال: “قمنا بالتحالف مؤخراً بالعمل على إصدار قرار في مجلس النواب الأمريكي، يطالب بإيجاد آلية لمراقبة المساعدات، وضمان عدم سرقتها من قبل النظام”.
كذلك فإنه يرفض القرار الذي جرى التصويت عليه الاثنين، في مجلس النواب، التطبيع مع النظام السوري، واستغلال الزلزال كذريعة للتطبيع، وفق رئيس المجلس السوري-الأمريكي.