في أول خطاب سنوي له منذ بدء حرب أوكرانيا.. بوتين: يستحيل هزيمتنا في الميدان والغرب أخرج المارد من قمقمه
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الثلاثاء، تعليق العمل بمعاهدة ستارت للحد من الأسلحة الإستراتيجية الموقعة مع الولايات المتحدة، واتهم الغرب في خطابه السنوي للأمة، باستخدام النزاع في أوكرانيا لـ”القضاء” على روسيا، قائلا إن روسيا تواجه اليوم خطرا وجوديا ومن المستحيل هزيمتها في أرض المعركة، وستتعامل “بشكل مناسب” تجاه تحويل الصراع إلى مواجهة عالمية.
وقال بوتين في بداية خطابه أمام النخبة السياسية في البلاد وعسكريين قاتلوا في أوكرانيا “أتحدث في لحظة صعبة ومهمّة بالنسبة لروسيا، في فترة تشهد تغييرات أساسية في جميع أنحاء العالم”.
وأوضح في خطابه الذي جاء بعد حوالي عام من بدء هجومه العسكري في أوكرانيا أن تدفقات المال الغربية للحرب لا تنحسر، وأن الغرب أخرج المارد من القمقم، مؤكدا أن “النخب الغربية لا تخفي هدفها: إلحاق هزيمة إستراتيجية بروسيا، أي القضاء علينا مرة واحدة وإلى الأبد”.
“الغرب هو من بدأ الحرب”
وقال بوتين إن الغرب هو من بدأ الحرب، وإن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة تسعى “لسلطة غير محدودة” في الشؤون الدولية، في حين أن روسيا حاولت وتحاول إيقافها، وأن وعود وكلمات القادة الغربيين كانت مجرد ذرائع لكسب الوقت لإعداد أوكرانيا للمواجهة، في حين كانت روسيا منفتحة ومستعدة للحوار وتسعى لضمانات أمنية للجميع بمساواة وعدل حسب قوله.
وقال أيضا إن موسكو تتحدى محاولات الغرب لتدمير الاقتصاد الروسي عن طريق حزمة غير مسبوقة من العقوبات مضيفا أن تريليونات الدولارات على المحك بالنسبة للغرب لكن تدفقات الدخل الروسي لم تنضب.
“قارنوا بين الأرقام”
وأوضح” كنا نعرف أن الخطوة التالية بعد دونباس هي الهجوم على القرم. نحن ندافع عن وطننا، الغرب أضاع 150 مليار دولار لتسليح أوكرانيا، ومنح خلال عام 2020 الدول الفقيرة 60 مليار دولار.. قارنوا الأرقام”.
وقال إن “الغرب كان يلعب بأوراق مخلوطة ويحتفل بخياراته فهو معتاد على البصق على العالم كله”.
وأضاف” نحن لا نحارب الشعب الأوكراني، هذا الشعب أصبح أسيرا للغرب على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري”، متهما الغرب باستخدام أوكرانيا “كساحة للحرب”.
وأكد أنه كلما زاد مدى الأسلحة التي يزود بها الغرب أوكرانيا، ستقوم روسيا بدفع العدو بعيدا عن أراضيها.
وفي إشارة إلى العقوبات الدولية على بلاده، اعتبر بوتين أنّ الغرب “لم يحقق شيئاً ولن يحقق شيئا”، في الوقت الذي قاوم فيه الاقتصاد الروسي بشكل أفضل مما توقعه الخبراء حسب قوله.
وأضاف “لقد حرصنا على استقرار الوضع الاقتصادي وحماية المواطنين”، معتبرا أنّ الغرب فشل في “زعزعة استقرار مجتمعنا”.
تعليق العمل بمعاهدة ستارت
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه اليوم أن روسيا علقت مشاركتها في معاهدة ستارت الموقعة مع الولايات المتحدة، والتي تضع قيودا على الترسانات النووية الإستراتيجية لدى الجانبين.
وقال بوتين لنواب البرلمان “في هذا الصدد، أجد نفسي مضطرا للإعلان اليوم أن روسيا علقت مشاركتها في معاهدة الأسلحة الهجومية الإستراتيجية”.
وقد وقعت المعاهدة عام 2010 من قبل الرئيسين الأميركي والروسي، حينها، باراك أوباما وديمتري ميدفيديف، وتفرض المعاهدة قيودا على نشر الولايات المتحدة وروسيا الأسلحة النووية الإستراتيجية؛ فهي تنص على ألا يزيد عدد الرؤوس النووية لدى كل من الطرفين على 1550 رأسا، و700 قاذفة إستراتيجية.
وتم التوقيع على الاتفاقية رسميا في الأسبوع الأول من فبراير/شباط 2011 بعد التصديق عليها في الكونغرس الأميركي في ديسمبر/كانون الأول 2010، وفي مجلس الدوما الروسي في يناير/كانون الثاني 2011.
ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ بمدى زمني يمتد 10 أعوام ينتهي في 5 فبراير/شباط 2021.
وتعد هذه المعاهدة آخر عملية لمراقبة الأسلحة النووية بين واشنطن وموسكو، وجاءت على إثر معاهدة تخفيض الأسلحة الهجومية الإستراتيجية لعام 2002، التي انتهى العمل بها مع دخول معاهدة ستارت الجديدة حيز التنفيذ.
استدعاء السفيرة الأميركية
وبعيد انتهاء بوتين، أعلن في روسيا أن وزارة الخارجية الروسية استدعت السفيرة الأميركية لدى موسكو لين ترايسي بشأن ما وصفته “بالمسار العدواني” المتزايد لواشنطن متهمة إياها بتوسيع انخراطها في الصراع الأوكراني.
وأضافت وزارة الخارجية “في هذا الصدد، أبلغنا السفيرة بأن المسار العدواني الحالي للولايات المتحدة لتعميق المواجهة مع روسيا في جميع النواحي يأتي بنتائج عكسية”.
كما طالبت الولايات المتحدة بتقديم تفسير بشأن انفجارات ألحقت أضرارا بخطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 العام الماضي، وسلمتها أيضا طلبا للولايات المتحدة بسحب “جنود وعتاد” حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، في إشارة إلى المساعدة العسكرية التي تتلقاها كييف من الدول الغربية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان “لوحظ بشكل خاص أنه من أجل تهدئة الوضع، يتعين على واشنطن اتخاذ خطوات نحو سحب قواتها وعتادها التابع لحلف شمال الأطلسي ووقف أنشطتها المعادية لروسيا”.
واشنطن تندد بـ”سخافة” خطاب بوتين
وفي أول رد فعل أميركي على خطاب بوتين؛ ندّد مسؤول أميركي رفيع المستوى الثلاثاء بـ”سخافة” اتهامات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اعتبر أن التهديد الغربي ضد روسيا يبرر غزو أوكرانيا.
وقال مستشار الأمن القومي جايك ساليفان للصحفيين “لا أحد يهاجم روسيا.. هناك نوع من السخافة في فكرة أن روسيا كانت تتعرض لشكل من أشكال التهديد العسكري من أوكرانيا أو من أي جانب آخر”.
وبدوره، أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ عن أسفه لتعليق روسيا مشاركتها بمعاهدة الأسلحة الإستراتيجية وحثها على إعادة النظر في القرار.
وقال إن بوتين “يواصل تصعيد الحرب، وأوضح اليوم أنه يعد للمزيد”. وأضاف أنه “قلق أكثر فأكثر” من احتمال تقديم بكين دعما عسكريا لموسكو.