كوهين الجاسوس وكوهين الوزير.. صهيونيان للجاسوسية والتطبيع
الإعلامي أحمد حازم
اثنان من عائلة كوهين الصهيونية يحملان اسم إيلي. أحدهما كان جاسوسًا، والثاني يشغل منصب وزير خارجية دولة قانون القومية. قد يكونا أقرباء في الولادة، لكن من المؤكد ينتميان للصهيونية الأم، وهذا ما يجمعهما. كوهين الجاسوس مصري الولادة وسوري الجنسية والإقامة لاحقًا، عمل كجاسوس للموساد الإسرائيلي في سوريا في الفترة ما بين (1961–1965) منتحلا اسم كامل أمين ثابت، لكن هذا الثابت لم يثبت واكتشف أمره وتمَّ إعدامه في سوريا في العام 1965. هذا الجاسوس كاد أن يقترب من تخريب سوريا عسكريًا في تلك الفترة. أمَّا كوهين الوزير الحالي، فهو في طريقه لتخريب السودان، ولكن ليس تجسسًا إنما علانية وبموافقة جنرالات الخرطوم.
كل شيء يتغير في السياسة، باستثناء أصحاب المبدأ وهم قلّة في هذا الزمن. أذكر خلال زيارتي الأخيرة للسودان، أنَّ المفكر الإسلامي والسياسي السوداني الراحل الشيخ حسن الترابي، قال لي خلال لقاء معه في مكتبه في الخرطوم، عندما تطرقت معه في الحديث عن إسرائيل: “ما دمت أنا على قيد الحياة لن يعترف السودان بدولة الاحتلال هذا أمر مستحيل”.
الشيخ الترابي انتقل لجوار خالقه والجنرالات انتقلوا لجوار إسرائيل. الراحل كان يرفض بشدة أي علاقة مع الكيان الإسرائيلي، خصوصًا وأن الخرطوم معروفة بلاءاتها الثلاث: لا صلح، لا مفاوضات، لا اعتراف. لكن كوهين الوزير أبطل مفعول هذه اللاءات لعكسها تماما: نعم للصلح والاعتراف والمفاوضات. هكذا أراد حكام السودان الجدد. لاءات الخرطوم الثلاث تحولت الى نعم من السودان نفسه لتصبح نعم للسلام مع اسرائيل ونعم لاتفاقيات سلام عربية صهيونية، ونعم للعيش المشترك بين إسرائيل والبلاد العربية.
كوهين الليكودي، الذي طالب أعضاء الكنيست العرب ذات يوم بالرحيل عن وطنهم، هو أول سياسي إسرائيلي يزور السودان في يناير/ كانون الثاني 2021 عندما كان حينها وزيرا للاستخبارات، ولعب دورًا في إقامة اتفاقيات إبراهيم. وها هو يعود اليوم الى السودان ليواصل تخريب هذه الدولة بالتواطؤ مع حكامها ومع الولايات المتحدة.
في الثاني من هذا الشهر، جدَّد كوهين الوزير في حكومة نتنياهو نشاطه السوداني وقام بشكل مفاجئ بزيارة للخرطوم ولم تكن الزيارة معلنة، وهي المرة الأولى التي يقود فيها وزير إسرائيلي وفدا إلى السودان، حيث أجرى محادثات مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وتركزت المحادثات بين العدو السابق والصديق الجديد على “اتفاقيات إبراهيم”، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”. لكن صحيفة “هآرتس” ذهبت الى ابعد من ذلك قائلة: “إن المناقشات تشمل صفقة تاريخية لإقامة علاقات”.
وزير الخزانة الأميركي السابق ستيفن منوتشين كان محرك التغيير في السودان، فعندما زار الخرطوم في الخامس من يناير/ كانون ثاني 2021، وافق السودان على توقيع “اتفاقات إبراهيم” وبما أن كل شيء يحصل بثمن، فما المقابل لذلك؟ طبعًا منح السودان مساعدات مالية ضخمة ورفعه عن قائمة الإرهاب. وماذا سيفعل السودان؟ طبعًا، إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، الذي ظل ساريا في السودان منذ عام 1958 وينص على منع أي سوداني من عقد أي اتفاق من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو مع هيئات أو أشخاص يُعلم أنهم ينتمون بجنسيتهم إلى إسرائيل أو يعملون لحسابها. كما يحظر القانون التعامل مع الشركات والمنشآت الوطنية والأجنبية التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة في إسرائيل، ويمنع تصدير السلع السودانية إلى البلاد التي تعيد تصديرها إلى إسرائيل.
كل ذلك يتم نتيجة تنازل الجنرال عبد الفتاح البرهان عن عروبة وكرامة السودان، وصفقاته مع كوهين الوزير الذي أوكلوا إليه مهمة “تدجين” السودان. فكم من كوهين عندنا بعد لتدجين دول عربية أخرى؟