أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

بعد كاريكاتير يستهزئ من زلزال تركيا.. نقاش ساخن حول معايير حرية “شارلي إيبدو”

من جديد، استفزّت مجلة الكاريكاتير الفرنسية “شارلي إيبدو” مشاعر الكثيرين حول العالم، بعد نشرها رسما كاريكاتيريا سخرت فيه من تركيا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبها ومناطق الشمال السوري وخلّف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، بينما ينتظر عشرات الآلاف مصيرهم تحت الأنقاض.

ورغم مأساوية الحدث، نشر محررو هذه المجلة كاريكاتيرا للدمار الذي أعقب الزلزال مرفقا بسؤال “هل كانت تركيا بحاجة إلى دبابات؟”.

وأثار الكاريكاتير جدلا واسعا ليس على الصعيد العربي والإسلامي فحسب، بل في عدة أوساط أوروبية فقد نشر موقع “يورو نيوز” الأوروبي مقالا تساءل فيه ما إذا كانت تلك الرسوم إهانة أم حرية تعبير؟ وسبق هذا الجدل رسومات لهذه المجلة الفرنسية أساءت فيها للرسول محمد صلى الله عليه وسلم وللدين الإسلامي بمناسبات عديدة.

وغالبا ما يثار الجدل في الأوساط النقابية الأوروبية حول الحدود الفاصلة بين حرية التعبير والإهانة أو السخرية، لذلك تتوفر في النقابات والاتحادات العمالية وحدات متخصصة في بحث أخلاقيات العمل، وتضم نشطاء في المجال الإعلامي يخضعون الكثير من المواد المنشورة لمواثيق الشرف المهني أو مدونات قواعد السلوك التي يحتكم إليها الخبراء في القضايا المثيرة للجدل.

“لملاحقة الفاسدين وليس الأبرياء”

في تعليقه على رسم “شارلي إيبدو” يقول مايك هولدرنس محرر موقع الصحفيين المستقلين بلندن “حرية التعبير تعني بالضرورة الإساءة للمذنبين وملاحقة الفاسدين والضغط على الكاذبين والضغط على ذوي النفوذ، لكن استخدام حرية التعبير للإساءة بدون مبرر لأبرياء لم يرتكبوا أي خطأ أمر صبياني”.

أمّا الأمين العام لنقابة الصحفيين الوطنين الفرنسية أنطوان تشوزفيل فعلّق على الرسم قائلا “لسنوات نتلقى تساؤلات متواصلة بخصوص كاريكاتيرات شارلي إيبدو.. ومنذ الستينيات والسبعينيات كانوا يسخرون من كل شيء بشكل متكرر وبذوق سيئ، لسنا متفاجئين بالمرة بهذا الكاريكاتير، إنهم معتادون على ذلك”.

لكن تشوزفيل لا يجد رسم المجلة عن زلزال تركيا خارقا لقواعد ميثاق الشرف الصحفي لأنها مجلة ساخرة. وأضاف “يقولون إنهم يمارسون سخرية سخيفة حمقاء.. أتذكر حريقا هائلا في فرنسا قُتل فيه العديد من الأشخاص كان منهم أطفال ومراهقون ومع ذلك طالته مواد المجلة الساخرة”. أحيانا تكون رسومهم عدوانية وجارحة وبلا ذوق”.

وأوضح أنه شخصيا وجد رسم الزلزال في تركيا غير لائق، كما أنه فوجئ من جودة رسمه. وقال إن هذا الكاريكاتير “لم يعرض في أية وسيلة أو منصة إعلامية أخرى مثل بي بي سي فرنسا أو التلفزيون الوطني”.

واختتم تشوزفيل حديثه “لا نتوقع تعليقات قاسية وتقارير ساخرة من الصحفيين لكن هذا يصدر من رسامي الكاريكاتير مثل شارلي إيبدو. أنا أعمل في التلفزيون الوطني وإذا جاء زميل يعلّق ساخرا كما جاء في رسم المجلة على التلفزيون فسأكون مصدوماً لأننا لا نخلط بين التعليقات القاسية العدوانية والأخبار”.

يُنظر لصحفيي “شارلي إيبدو” على أنهم ركائز السخرية السياسية في فرنسا، ومع ذلك منذ 8 سنوات نشرت صحيفة غارديان البريطانية مقالا تحليليا ذكرت فيه أن هذه المجلة أصبحت استفزازية وغير مهذبة إلى حد بعيد، واستطاعت استغلال حرية التعبير من خلال الهجاء المبالغ فيه.

ومع ذلك، ما يزال العديد من النشطاء والصحفيين الفرنسيين يعتبرون أنه ينبغي ألا يكون محرمات في مجتمعهم العلماني، حيث يستخدم رسامو “شارلي إيبدو” سياسة تحدّي الحساسيات الدينية والمحرمات المجتمعية كسياسية تحريرية متبعة.

رغم ذلك، شهدت فرنسا 7 قضايا على الأقل حتى عام 2015 أُدين فيها العديد من الفنانين أشهرهم الكوميدي الفرنسي ديودوني مبالا، بجرائم كراهية إحداهما بسبب مزحة ساخرة اشتهرت بقضية “الاعتذار بالنيابة عن الإرهاب” نشرها بحسابه على موقع فيسبوك بعد وقت قصير من هجوم بالقرب من العاصمة باريس وحكم وقتها عليه بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ بسبب النكتة الساخرة التي اعتبرتها المحكمة الفرنسية “خطاب كراهية”.

وقال مبالا بعد إصدار الحكم إنه يرى نفسه شهيداً لحرية التعبير تماما مثل “شارلي إيبدو” ووصفته الحكومة بأنه “بائع متجول للكراهية” وحظرت عروضه التمثيلية. في وقت اعتُبرت قضيته خطوة إيجابية سلطت الضوء على نقاش ضروري يجب أن يُجرى في فرنسا حول حقيقة حدود حرية التعبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى