تقرير: هل تضع سياسات حكومة نتنياهو نهاية للديمقراطية الإسرائيلية؟
حذرت مجلة “فورين أفيرز” (Foreign Affairs) في مقال كتبه خبيران في القانون من أن الديمقراطية في إسرائيل تواجه خطرا ينذر بنهايتها بسبب سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه اليميني الحاكم.
وأوضح إلياف ليبليش أستاذ القانون في جامعة تل أبيب وآدم شينار أستاذ القانون المساعد بجامعة رايشمان في مقالهما المشترك أن نتنياهو وأعضاء حكومته “الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل” مختلفون على كل شيء، لكنهم متحدون على هدف واحد وهو “إضعاف القضاء الإسرائيلي وتعزيز سيطرة الحكومة على كل من المحاكم والخدمة المدنية”.
ويرى الخبيران القانونيان أن ذلك سيفضي بدوره إلى تكريس مزيد من الخطوات التي وافق عليها الائتلاف الحاكم بالفعل لدفع الأمة باتجاه الاستبداد في كل من إسرائيل والأراضي التي تحتلها.
وأشارا إلى أن تلك الإصلاحات -التي يدعي نتنياهو أنها ضرورية لإعادة توازن القوى بين السلطتين التشريعية والقضائية- لا تحظى بالقبول لدى العديد من الإسرائيليين الذين نزل أكثر من 130 ألفا منهم إلى الشوارع للاحتجاج على ما يخشون من أنها تنذر بدكتاتورية وشيكة.
كما تضافر طلاب وأكاديميون ومهنيون وأعضاء المجتمع المدني ضد الحكومة التي حذر اقتصاديون من أنها قد تضر بالاقتصاد وتؤثر على قدرة إسرائيل على جذب الاستثمارات الأجنبية لقطاع التكنولوجيا.
استقطاب غير مسبوق
ويزعم الكاتبان أن السياسة الإسرائيلية لم تشهد يوما هذا القدر من الاستقطاب، وينفي نتنياهو بشدة أي علاقة لتلك التغييرات بقضايا الفساد المرفوعة ضده رغم أنها (التغييرات) ستمنحه صلاحية لإعادة هيكلة مكاتب النائب العام ورئيس الادعاء العام وتعيين المسؤولين الذين قد يراجعون قضاياه.
ومن شأن تكريس سيطرة الحكومة على التعيينات القضائية أن يمكن نتنياهو من تحديد القضاة الذين سيستمعون إلى استئنافه في تلك القضايا.
ومن المرجح أن الكنيست سيوافق على تلك الإصلاحات، لكن ليبليش وشينار يعتقدان أن هناك فرصة لأن تعمل المحكمة العليا في إسرائيل على إبطالها بمجرد إجازتها في الهيئة التشريعية “مما قد يغرق البلاد في أزمة دستورية مكتملة الأركان”.
ومهما يكن من أمر فإن حكومة نتنياهو ستكون في كلتا الحالتين قد زادت طين الانقسامات الإسرائيلية بلة وأضعفت ديمقراطيتها، طبقا لمقال فورين أفيرز.
ويرى أستاذا القانون في مقالهما أن المحكمة العليا لن تكون قادرة على مراجعة القوانين الأساسية على الإطلاق بموجب الخطة المقترحة.
وعلى عكس العديد من الدول الديمقراطية فإن إسرائيل لا تملك من الضوابط على السلطتين التشريعية والتنفيذية الشيء الكثير، وتسيطر الحكومة على الكنيست، وعادة ما يصوت الائتلاف ككتلة وفقا لقرارات تتخذها لجنة وزارية، مما يعني أن العديد من الوزراء الأقوياء -بقيادة رئيس الوزراء- يتحكمون في التشريعات.
وتصر الحكومة -والحديث لا يزال لأستاذَي القانون- على أن هذه الإصلاحات تتماشى مع ترتيبات الدول الأخرى مثل كندا والمملكة المتحدة رغم أن هذين البلدين لديهما نظام ضوابط وتوازنات لا يتوفر في إسرائيل، ولا تنوي الحكومة الإسرائيلية إدخالها.
مصادرة الحق الفلسطيني
ويمضي المقال إلى التحذير من أن الحكومة الإسرائيلية تعتزم تبني نهج أكثر صرامة في الأراضي المحتلة، فقد ذكر نتنياهو في عرضه لبرنامج حكومته السياسي أن لليهود حقوقا حصرية في جميع “أراضي إسرائيل”، بما في ذلك الضفة الغربية.
ويعلق الكاتبان على ذلك بالقول إن نتنياهو يكون بذلك قد قضى فعليا على أي ادعاء بأن للفلسطينيين حقوقا في أراضيهم، كما أنه وعد شركاءه في ائتلاف اليمين المتطرف بأن حكومته سوف تروج للمزيد من المستوطنات في الضفة الغربية وستضع الأساس لضمها في نهاية المطاف.
وأعلن نتنياهو أيضا أنه يعتزم “تنظيم” البؤر الاستيطانية التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة بعد أن أبطلت المحكمة العليا قانونا يسعى إلى ذلك.
وحسب المقال، فإن الإصلاحات المقترحة ترقى في مجملها إلى حد الاعتداء على الديمقراطية الإسرائيلية المعيبة بالفعل، فقد أثارت أجندة الحكومة والتحول الاستبدادي الذي تبشر به بالفعل حركة احتجاجية جماهيرية، كما أثارت مخاوف واسعة خارج إسرائيل، مما دفع دولا -من بينها فرنسا والولايات المتحدة- إلى إبداء تحفظات بشأن التغييرات الوشيكة.
ويختتم الكاتبان مقالهما بالتحذير من أن استمرار نتنياهو وائتلافه الحاكم في نهجهما هذا لن يهدد المؤسسات الديمقراطية للبلاد فحسب، بل علاقة إسرائيل بحلفائها أيضا.