أنقَذوا ضحايا تحت الأنقاض.. متطوعون يروون كارثة الزلزال في مرعش التركية
من دون سابق تخطيط، هرع أكثر من 20 شابا تركيا وسوريا -بعد زلزال كهرمان مرعش (جنوبي تركيا)- بدقائق قليلة لإنقاذ من يمكن إنقاذه، ولم تكن أمامهم سوى الحدائق ملاذا لإجلاء الضحايا من بين ركام المباني إلى حين وصول سيارات الإسعاف.
بسواعدهم ومن دون خبرة، أنقذوا العديد من العالقين تحت الأنقاض، بينهم طفلان تقدّر أعمارهما بـ5 و8 سنوات، كانوا عالقين بين ركام الطابق الخامس ضمن مبنى تعرض للانهيار في شارع أذربيجان وسط المدينة، لكن المحزن أن عائلة الطفلين لا تزال بين الركام.
ومع مرور 3 أيام على هول الكارثة التي أحدثها زلزال كهرمان مرعش المدمر، بات قسم من المتطوعين مكتوفي الأيدي بسبب قلة خبراتهم في عمليات إجلاء العالقين بين الأنقاض، الذين تتزايد أعدادهم في المدينة مع مرور كل ساعة.
ويروي المتطوعون مشاهد تحكي هول الكارثة التي أحدثها الزلزال، فهناك أحياء سُويت بالأرض، وطرق تصدعت، وأبنية كانت بارتفاعات شاهقة لكنها الآن لا يتجاوز ارتفاعها بضعة أمتار.
آلاف المتطوعين
يقول الشاب ناصر العلي -أحد المتطوعين المستقلين الذين وصلوا مساء الثلاثاء الماضي إلى مدينة كهرمان مرعش مع مجموعة شبان سوريين لتقديم العون- “أينما تلتفت سترى متطوعين، منهم من قدم إلى كهرمان مرعش من مختلف أنحاء تركيا، ومنهم من قدم ضمن وفود المتطوعين من دول أخرى، ولا يمكن تقدير أعدادهم بدقة، ولكنهم آلاف”.
ويقول العلي إن “من يتجول بين شوارع كهرمان مرعش المركزية، قد يظن أن حربا طاحنة وقعت؛ فالدمار يعمّ المكان، وستكون حذرا للغاية خلال السير بسبب ركام المباني، وبعض الشوارع خاوية لا أحد فيها”.
ويضيف “على بعد عشرات الأمتار من شارع أذربيجان، هناك صالة رياضية تحوّلت إلى مركز لنقل جثث ضحايا الزلزال على مد النظر، وستلاحظ وجود ما يزيد على 200 جثة”.
ولا تمر دقيقة إلا ويأتي مدنيون للمرور على الجثث الملقية على طول الملعب باحثين عن ذويهم، في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد الضحايا الذين يتم إجلاؤهم من أماكن الدمار.
التمسك بالأمل
مع مرور ما يتجاوز 72 ساعة على وجود أناس عالقين تحت الأنقاض، لا يزال المتطوعون يتمسكون بالأمل ويعملون مثل خلايا النحل عند المباني المدمرة في المدينة.
فهناك آليات لإزاحة الأنقاض الثقيلة ومتطوعون يحملون الأغطية والمياه وبعض الغذاء، وهناك آخرون يساعدون في إزالة بعض الركام أو الصراخ من بين الفراغات أملا في سماع صوت أحد العالقين، ويتمركز ما يقارب 20 إلى 50 متطوعا في كل نقطة مدمّرة.
وفي هذه الأثناء، يوزع شبان أتراك الأغطية والمياه على الناجين من ركام الزلزال، وآخرون يساعدون في نقل المساعدات والوقوف على احتياجات الناجين.
يقول أونور دينيز -أحد الشبان المتطوعين القادمين من مرسين “جئنا لنمد يد العون لإخواننا هنا، جمعنا ما يمكن من الأموال واشترينا بها طرودا من الماء لنوزعها على الناجين، نحاول أن نفعل ما بوسعنا للوقوف معهم”.
ويتابع “لا يزال هناك أمل في إيجاد المزيد من الناجين بين الأنقاض، نراقب الوضع عن كثب ومستعدون للعمل طوال الوقت لخدمتهم، هذا هو الوقت الذين نكون فيه يدا واحدة”.
الحاجة إلى ذوي الخبرة
وأسهم وجود عدد كبير من المتطوعين في مناطق الدمار بكهرمان مرعش في إنقاذ المزيد من الأرواح، إلا أن هناك قسما لم يتمكنوا من المشاركة بسبب الأخطار المحتملة التي قد تنجم عن المشاركة في ذلك من دون خبرة على حياة العالقين.
مراد جنكيز (مواطن تركي) كان من بين أوائل المتواجدين في المدينة لإنقاذ أقاربه، وقال إن “ما نحتاجه هو وجود خبراء في الكوارث يمكنهم التعامل بحذر مع ركام المباني، بما لا يشكل أي ضرر على المتواجدين تحتها”.
وأضاف “نحتاج إلى متطوعين لديهم خبرات في إدارة الكوارث والحفر والمناجم وتقديم الإسعافات الأولية، قد لا يفيدنا الازدحام الحاصل في أماكن الدمار بقدر ما نحتاج لذوي الخبرات”.
وتتوافد العديد من فرق الإنقاذ والمتطوعين الذين جاؤوا من بلدان عربية وأوروبية للمساعدة في إجلاء العالقين تحت ركام المباني المتضررة بفعل الزلازل، حيث رصدت الجزيرة نت تواجد فرق تطوعية عديدة من جنسيات مختلفة.