أخبار رئيسيةأخبار عاجلةالقدس والأقصىومضات

“جبل المكبر”.. معركة صمود أفشلت عمليات هدم المنازل

“سكب الزيت، إشعال الإطارات المطاطية، إغلاق الشوارع ومداخل الطرق، الإضراب الشامل، والعصيان المدني”.. كلها وسائل ابتكرها المقدسيون، وتحديدًا أهالي جبل المكبر جنوب شرقي القدس المحتلة، في مواجهة سياسات الاحتلال في هدم المنازل والمنشآت التجارية في البلدة.

كل هذه الوسائل البسيطة، أجبرت بلدية الاحتلال وآلياتها على التراجع والانسحاب، دون تنفيذ أي عملية هدم في جبل المكبر.

هذا فعليًا ما حدث صباح الاثنين، عندما اقتحمت جرافات الاحتلال برفقة قوات كبيرة من الشرطة والوحدات الخاصة حي الصلعة في بلدة جبل المكبر جنوب شرقي القدس، لهدم محلين تجاريين، إلا أن تجمهر الأهالي واصطفاف عشرات المركبات أمام المحلين أعاق دخول الجرافات، ما أجبرها على التراجع والانسحاب.

وقبل عدة أيام، أغلق أهالي البلدة الشوارع بحاويات النفايات وأشعلوا الإطارات المطاطية، بعدما عم الإضراب الشامل كافة مناحي الحياة بالبلدة، وسكب الشبان الزيت على الشوارع الرئيسة، مما أعاق عملية هدم منازل في البلدة.

وبصمودهم وثباتهم، يواجه المقدسيون سياسات التهجير القسري والتطهير العرقي، ويخوضون معارك قضائية في محاكم الاحتلال تمتد لسنوات طويلة، لأجل وقف قرارات الإخلاء والهدم، واستيلاء المستوطنين على منازلهم وعقاراتهم.

صمود وتحدي

عضو هيئة العمل الوطني والأهلي بالقدس راسم عبيدات يرى أن صمود المقدسيين ووقوفهم سدًا منيعًا في وجه عمليات الهدم، وخاصة في بلدة جبل المكبر، أجبر بلدية الاحتلال صباح اليوم على التراجع وتأجيل عملية هدم محال تجارية في البلدة.

ويقول عبيدات، في حديث صحفي، إن الوقوف الجماعي لأهالي البلدة أحال دون تنفيذ عملية الهدم، بالإضافة إلى خشية سلطات الاحتلال من حدوث أي تصعيد أو مواجهات، خاصة بعد اغتيال خمسة مقاومين في مخيم عقبة جبر جنوب غربي أريحا.

ويضيف أن الاحتلال يخشى من انفجار الأوضاع في القدس، خاصة بعدما هدد الوزير المتطرف “إيتمار بن غفير” بهدم بناية سكنية، غدًا الثلاثاء، في حي واد قدوم ببلدة سلوان، القريبة من جبل المكبر، والتي شهدت قبل عدة أيام، خطوات احتجاجية ضد سياسة الهدم.

ويشير إلى أن “بن غفير” لديه قائمة بـ22 ألف منزل، ويريد قائمة تفصيلية عن كل قرية مقدسية كي يُنفذ عملية هدم للمنازل في المدينة المقدسة، لذلك فإن “الأمور باتت في دائرة الخطر الشديد، والكل أصبح مستهدفًا بالمدينة”.

وبحسب عبيدات، فإن “جبل المكبر تشهد حالة اشتباك وتضامن شعبي، وبالتالي كلما كانت الحلقة المقدسية قوية كان هناك صمودًا وثباتًا أكبر في مقاومة المشاريع والمخططات الإسرائيلية، مما يضطر الاحتلال للتراجع عن ذلك”.

ويتابع “عندما يشعر الاحتلال بأن عملية الاقتحام والهدم لن تسير كما هو مخطط لها، وقد تؤدي لوقوع إصابات أو شهداء، تنذر بانفجار الأوضاع، فإنه يتراجع، بانتظار أي فرصة مناسبة لتنفيذ ما يريد، في ظل عدم وجود أي تجمع أو حراك جماهيري”.

ويبين أن الاحتلال يُدرك أن جبل المكبر تتمتع بارتباط وطني وديني وسياسي وعشائري قوي، لذلك قد تقود عمليات الهدم إلى مواجهة شاملة في البلدة، لذلك يريد كسر إرادة هذه الحلقة المقدسية، لتمرير سياسة الهدم في باقي أحياء وبلدات القدس.

والخطوات الفعلية لإفشال عمليات الهدم بالقدس، كما يؤكد الكاتب المقدسي، بحاجة إلى إرادة وثبات وقيادة فلسطينية موحدة، وأيضًا كتلة بشرية واسعة تلتف حول البيوت والمحال التجارية المهددة بالهدم، بغية إفشال مخططات الاحتلال، والتصدي للجرافات.

ويأمل عبيدات تعميم نموذج أهالي جبل المكبر على المقدسيين كافة، لأن خطر الهدم يُداهم كل البلدات والأحياء المقدسية.

الحراك الشعبي

المستشار القانوني لمؤسسات جبل المكبر المحامي رائد بشير يقول إن أهالي جبل المكبر يبتكرون في كل مرة طريقة جديدة للتصدي لآليات الاحتلال وإجراءاته بحق المنازل والمنشآت التجارية في البلدة.

ويبين بشير، في تصريحات صحفية، أن اصطفاف المركبات أمام المحلين التجاريين في حي الصلعة، وتصدي الأهالي وتجمهرهم، أعاق دخول الجرافات، وأعطى المحامي فرصة لاستصدار أمر لتجميد الهدم لمدة 14 يومًا.

ومنذ مطلع العام 2023، فشلت جرافات الاحتلال للمرة الرابعة، بتنفيذ عمليات هدم في جبل المكبر، نتيجة الحراك والحاضنة الشعبية والتفاف الأهالي حول العائلات المهددة منازلهم بالهدم، والاعتصام داخل المنازل لحظة الاقتحام.

ويؤكد المحامي المقدسي أن هذا النموذج من الصمود والتحدي يجب أن يُحتذى به ويُعمم على كل الأحياء المقدسية، للوقوف وقفة واحدة ضد سياسة الهدم، وحماية عقاراتهم من أنياب الجرافات.

ويشير إلى أن الحراك الشعبي والخطوات الاحتجاجية التي اتخذها أهالي جبل المكبر أمام مبنى بلدية الاحتلال خلال العام الماضي 2022، واستمرت لمدة ثلاثة شهور، حالت دون تنفيذ أي عملية هدم واحدة بالبلدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى