الإعلام الإسرائيلي يرصد تراجع صورة إسرائيل في وسائل الإعلام الأمريكية
في الوقت الذي تواجه فيه حكومة الاحتلال مظاهرات داخلية، ومطالبات حزبية بالتراجع عن ما تسميه المعارضة “الانقلاب القانوني”، فقد باتت دولة الاحتلال تواجه معارضات من خارج الحدود، وتحديدا لدى الراعي الأكبر في الولايات المتحدة، التي باتت تشهد صحافتها ووسائلها الإعلامية دعوات قاسية بالتوقف عن مخططاتها، ودعوة البيت الأبيض إلى التدخل لمنع حكومة اليمين في تل أبيب من تحويل إسرائيل إلى دولة شريعة يحكمها الحاخامات.
مع العلم أن توماس فريدمان كاتب العمود الرئيسي في صحيفة “نيويورك تايمز” هو الذي تصدر هذه النبرة النقدية، بجانب تظاهر إسرائيليين في عدد من الولايات الأمريكية، فضلا عن انضمام أعضاء في الكونغرس للتحذيرات من أداء حكومة بنيامين نتنياهو.
دانيال أديلسون مراسل صحيفة “يديعوت أحرونوت” في ولاية نيويورك ذكر أنه “خلال الأسابيع القليلة الماضية استيقظ الأمريكيون على مجموعة من المقالات الصحفية الأكثر تحديدًا من كتاب الأعمدة، والفائزين بجوائز بوليتسر، وشبكات الصحف والسياسيين والمحامين وقادة المجتمع الذين يحاولون جميعًا أن يشرحوا للأمريكيين ما هي الخطة القانونية، وكيف أنها سيئة للإسرائيليين، وبجانب هذه المقالات، فقد انتقد أعضاء في الكونغرس خطة نتنياهو.. وفي نفس وقت المظاهرات الكبيرة كل يوم سبت في تل أبيب، فقد ظهرت مظاهرات موازية في الولايات المتحدة احتج فيها مئات الإسرائيليين ضد التغييرات القانونية”.
وأضاف في تقرير أن “هذه التوجهات الإعلامية الأمريكية التي تعكس مزاج الرأي العام بدأت فور صدور نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وتشكيل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وهو العنوان الأكثر شيوعًا في جميع أنحاء العالم، والولايات المتحدة بشكل خاص، حتى إن الصحفي توماس فريدمان، نشر مقالات حادة ولاذعة في عموده الدوري في “نيويورك تايمز” أحدثت موجات سلبية ضد الحكومة، ومنها أن “إسرائيل التي عرفناها لم تعد موجودة، بسبب التحالف اليميني الأكثر تطرفاً في تاريخها”.
وأشار إلى أن “وسائل الإعلام الأمريكية قدمت للقارئ الأمريكي لأول مرة الشخصيات الجديدة في المسرح السياسي الإسرائيلي، وعلى رأسهم إيتمار بن غفير المدان بدعم منظمة إرهابية يهودية، وبتسلئيل سموتريتش الذي اقترح فصل الأمهات اليهوديات عن العربيات في عنابر الولادة، ويؤيد الضم الكامل للضفة الغربية، والادعاء أنه لا يوجد شيء اسمه الإرهاب اليهودي، حتى إن نفتالي بينيت رئيس الوزراء السابق كتب مقالا في الصحافة الأمريكية بعنوان “حساب الروح” لخص فيه فترة ولايته، وزعم أنه قلق على مستقبل إسرائيل، لأن الحكومة الجديدة تخلق فوضى كاملة ستجعلها تتوقف عن كونها صخرة استقرار في المنطقة”.
وأوضح أن “نيويورك تايمز” كرّست افتتاحيتها للقول إن الدولة اليهودية معرّضة للخطر، ودعت الرئيس بايدن لمنع إقامة حكومة يمينية تشكل “تهديدًا كبيرًا على مستقبلها”، لأن نتنياهو يفعل كل شيء للبقاء في السلطة، ويستجيب لمطالب العناصر الأكثر تطرفاً، ممن يدعون لتقويض المحكمة العليا، حتى إنه سارع في الرد بالقول إن الصحيفة تعمل على “شيطنة إسرائيل””.
وأكد أن “الأمر لم يقتصر على “نيويورك تايمز”، بل إن “نيويورك بوست” المجموعة الإعلامية المنافسة التي يملكها روبرت مردوخ التي دافعت عن نتنياهو في مقال للبروفيسور آلان ديرشوفيتز، حذرت على لسانه لاحقا من أن التغييرات القانونية ستؤدي إلى عواقب وخيمة مثل الدعاوى القضائية ضد جنود الاحتلال، وأنه كان سيشارك في المظاهرات لكنه لم يفعل لضيق الوقت، فيما حظي رئيس المحكمة العليا السابق أهارون باراك المعارض لخطة نتنياهو بمقابلات واسعة في وسائل الإعلام الأمريكية.
ونقل عن “صحيفة فاينانشال تايمز مقارنتها بين خطط نتنياهو ضد القضاء بما نفذته الحكومات الاستبدادية في بولندا والمجر، ثم عاود فريدمان نشر مقال جديد قال فيه إنه يتم تشكيل إسرائيل جديدة، والعديد من وزرائها معادون للقيم الأمريكية، وكلهم تقريبًا معادون للحزب الديمقراطي، ويجب على بايدن أن يقول لنتنياهو بوضوح إنه يلحق الضرر بالمصالح الأمريكية”.
وأشار إلى أن “الفائز بجائزة بوليتزر المحرر السابق لـ”جيروزاليم بوست” بريت ستيفنز، تراجع عن اللقب الذي أعطاه لـنتنياهو في الماضي وهو “الإسرائيلي ريتشارد نيكسون”، وأعلن أنه لم يعد مناسبا له، لأنه يستخدم حكومته البرلمانية الضيقة للضغط من أجل تغيير جذري للنظام القضائي بما يسمح بإلغاء المحكمة العليا، وبالنظر لأهمية إسرائيل في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، فإن دوامة التطرف الأخيرة فيها تسبب القلق.
لم تتوقف التغطية الإسرائيلية للموقف الإعلامي الأمريكي العام من أداء الحكومة اليمينية الجديدة على الصحافة ووسائل الإعلام، فقد سارع سياسيون أمريكيون للانخراط في الحملة المعادية للحكومة الإسرائيلية، وظهرت إدانات لها من الديمقراطيين والمنظمات التقدمية مثل “Jstreet” و””Policy Forum، وأعضاء الكونغرس الديمقراطيين مثل غيرالد نادلر، وبراد شيرمان، وبوب مينينديز، وانضم إليهم الجمهوري جاريد موسكوفيتش.
وعلى غرار التظاهرات في تل أبيب وحيفا والقدس، فقد حصلت مظاهرات في مدن أمريكية، ولوح المتظاهرون بالأعلام واللافتات الإسرائيلية باللغتين العبرية والإنجليزية، مع عبارات مثل استقلال القضاء، ودعوة بايدن لوضع فيتو على الفاشية، والتدخل لمنع الحكومة الإسرائيلية من القضاء على النظام القضائي، ورسائل عريضة أرسلها المحامون الأمريكيون والإسرائيليون المقيمون في إسرائيل للولايات المتحدة، والحاخامات ورؤساء التجمعات الذين دعوا لمقاطعة أعضاء الكنيست اليمينيين المتطرفين، وتعهدوا بعدم السماح لهم بزيارة مدنهم.
أكثر من ذلك، فإن رئيس أكبر اتحاد يهودي في أمريكا الشمالية المحامي إريك غولدشتاين، أكد أن الآونة الأخيرة شهدت صعوبة متزايدة في جمع التبرعات بين الإسرائيليين واليهود عقب التطورات في دولة الاحتلال، لأن بعض المتبرعين اليهود يخشون أن هذه التبرعات ستذهب إلى مآلات لا تتناسب مع طموحاتهم السياسية.