توريط بوتين وسقوط صدام.. تضليل أمريكي ومخابراتي
الإعلامي أحمد حازم
في الأسبوع الأخير من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال حفل كبير بالميدان الأحمر، إنَّ أربعة أجزاء كبيرة من الأراضي الأوكرانية أصبحت جزءا من روسيا وإنَّ “الحقيقة في صالحنا، والحقيقة هي القوة، والنصر سيكون لنا”. لكن بعد مرور حوالي خمسة أشهر على كلامه تبدو الأشياء مختلفة تماما، وتبدو الحقيقة التي تحدث عنها بوتين عكس ما قاله.
ما يجري في أوكرانيا اليوم، يكشف ضعف روسيا، ويكشف قدراتها الحقيقية عسكريا واقتصاديا. وكان على الرئيس الروسي بوتين أن يعدّ للعشرة قبل إصدار الأوامر بغزو أوكرانيا، التي كان يعتقد بأن إحراز النصر عليها هي مسألة وقت قصير، وغاب عن ذهنه انه لا يحارب أوكرانيا فقط، بل الغرب كله، والأحداث التي تلت بداية الحرب أثبتت ذلك، من خلال الدعم المادي والعسكري بكل أنواع السلاح، بما يعني أنَّ روسيا في مواجهة مع الغرب كله بما في ذلك أمريكا.
المحلل السياسي الروسي أنتون بارباشين، قال عن الرئيس الروسي: “إنه في منطقة عمياء، ويبدو أنه لا يرى حقا ما يحدث وقد فوجئ تماما بالدعم الغربي القوي لأوكرانيا فضلا عن مقاومة أوكرانيا الشرسة للاحتلال”.
بوتين لم يتعلم من الدرس السوفييتي في أفغانستان، حتى انه لم يتعلم من الدرس الأمريكي في فيتنام، وأقدم على مغامرة عسكرية ارتكب خطأ في تقديرها، رغم أن محللين عسكريين يرون أن بوتين اعتمد في غزوه لأوكرانيا على تقارير مخابراتية من جهاز مخابراته (كي جي بي) الذي عمل فيه سنوات طويلة.
الرئيس الحالي لوكالة الاستخبارات الأميركيّة (CIA) وليم بيرنز، كان سفيرًا سابقًا في موسكو، وهو بحكم عمله الدبلوماسي يعرف بوتين وروسيا جيدًا ويعرف ما يدور خلف الكواليس. الأوروبيون كانوا على علم من البداية أنهم شركاء في الحرب ضد روسيا، وهذا ما كشف عنه حجم المساعدات في كل المجالات المقدمة من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا الذين أدركوا فورا أنّهم جميعا في حرب مع روسيا، ولا خيار آخر أمام أوروبا سوى الانتصار في أوكرانيا.
هذا الأمر لم يتقبله بوتين، ولم يستوعب أن أوروبا ترفض ان يكون بوتين هو من يقرر مصيرها في حال انتصاره، لا سيما ألمانيا، التي حاول مستشارها أولاف شولتس حمل العصا من الوسط، لكنه لم يستطع، وذهب في طريق تقديم كل أنواع الدعم لأوكرانيا على حساب المواطن الألماني، الذي كثيرا ما عبر عن عدم رضاه لموقف بلاده من الحرب على أوكرانيا. لكن الشعب في واد والمستشار في واد آخر، لأن المستشار يستطيع رفض مطالب شعبه في هذا الخصوص لكنه لا يستطيع التغريد خارج السرب الأمريكي.
يوجد تشابه في خداع بوتين وصدام حسين. الرئيس الروسي بوتين انخدع بالتقارير المغلوطة التي قدَّمتها له مخابراته حول أوكرانيا وشعبها، تماما كما انخدع صدام حسين من مخابراته عن موقف المواطنين في الكويت تجاهه، ومن تضليل الإدارة الأمريكية له حول الكويت. الأول زحف الى أوكرانيا معتقدًا بأنه سينهي الحرب خلال أسابيع قليلة، والثاني غزا الكويت معتقدًا بأنه سيضمها خلال يومين. لكن لم تجر الرياح كما أرادتها سفن بوتين وصدام، فالأول لا يزال متورطًا في الحرب، والثاني تمَّ إعدامه بطريقة مذلة بسبب الحرب.
وأخيرًا، دول عربية تتراكض مثل الكلاب المسعورة لإقامة علاقات مع إسرائيل، والرئيس البرازيلي (الجديد) العائد لولا دا سيلفا، عزل سفير بلاده في اسرائيل جيرسون فيرينتس الذي كان من المتحمسين لنقل سفارة البرازيل من تل ابيب الى القدس المحتلة. شكرًا للرئيس البرازيلي وبانتظار خطوات أخرى.