الشيخ رائد صلاح وعلي زيدان و”الجهة الرسمية”..قراءة في “كتاب مفتوح لكل رؤسائنا في السلطات العربية المحلية”
الإعلامي أحمد حازم
أتابع باستمرار مقالات الأصدقاء من كبار الكتاب والإعلاميين في العالم العربي، وأتابع أيضًا ما يكتبه بعض الزملاء المحللين في الداخل الفلسطيني. لكنني أتابع باهتمام كبير مقالات الشيخ رائد صلاح، والشيخ كمال خطيب وأتعمق تركيزًا قي محتواها من ألفها حتى يائها، واكتسب منها المعلومات القيمة والمفاهيم التي تضاف لذاكرتي من خلالها، واعتقد أن مثل هذه المقالات ينبغي أن تكون مرجعًا للكتاب والإعلاميين وحتى للسياسيين.
في مقاله “كتاب مفتوح لكل رؤسائنا في السلطات العربية المحلية” الذي ينشره الشيخ رائد على حلقات، لفت نظري في الحلقة الأولى ما أورده الشيخ عن موقف مميز لرئيس مجلس محلي كفر مندا، علي خضر زيدان (أبو محمد): “العام الماضي كان “ختامه مسكًا” لأن آخر يوم فيه شهد احتفالية التوقيع على ميثاق السلم الأهلي في بلدة كفر مندا. رئيس المجلس كان في منتهى الصراحة في كلمته التي افتتح بها الاحتفالية، حيث قال انه تعرض “لضغط من جهة رسمية” لكي لا تقام هذه الاحتفالية. إلاّ أنه لم يفصح عن اسم ونوعية هذه الجهة”.
لكن شعبنا على قدر كبير من الوعي ليعرف هذه الجهة وغيرها من الجهات الرسمية التي تحاول زرع الفتن والخلافات وتفرقة مجتمعنا العربي، الذي يعيش مثل هذه التدخلات الوقحة منذ سنين طويلة. وماذا كان رد الأخ علي خضر زيدان على “طلب الجهة الرسمية”! من الطبيعي أن يكون موقفًا سلبيا، لأن رجلًا مثل علي زيدان المعروف بمواقفه تجاه شعبه وبلده لا يمكن أن يرضخ لضغوط مهما كان نوعها “رسمية” أو غير رسمية.
“الجهة الرسمية”، حاولت بطريقة ثانية ضرب الاحتفالية بطلبها من رئيس المجلس المحلي عدم المشاركة فيها، لكي يظهر للناس أن الرئيس غير معني بها. لكن علي زيدان أفهمهم أنه يرفض من حيث المبدأ، أن تملي عليه هذه الجهة الرسمية أو غيرها برنامج عمله، وعليهم التخلي عن “اللف والدوران” وأن الاحتفالية ستقام برعايته. وهكذا حصل، وشكرًا لرئيس مجلس محلي كفر مندا على موقفه الرائع وعلى شجاعته.
“شيخ الأقصى”، كان في منتهى الوضوح في كلمته، وأفهم الحاضرين وكل الناس أنَّ “لجان إفشاء السلام ليست مُلكا لأحد ولا لحزب ولا لحركة، بل هيئة منبثقة عن لجنة المتابعة العليا، وتعمل تحت سقفها،” لكن الشيخ من جهة ثانية أوضح أن رؤساء السلطات المحلية لا يتمتعون كلهم بمواقف نبيلة شجاعة مثل موقف علي زيدان، فمنهم من “تنحنح” ووافق بصوت منخفض لإقامة لجنة إفشاء سلام محلية في بلدته، لكنه اختفى بعد ذلك وكأن تسونامي اقتلعه من جذوره، ومنهم حتى من شارك وتحدث في اللقاء التأسيسي لهذه اللجنة في بلده، لكن أخباره انقطعت ولم يعد صوته يسمع بين الأصوات الداعمة للّجنة، حتى أن هاتفه تم إسكاته كما تم إخراسه هو شخصيًا، لكن السكرتيرة كانت بوقه للكذب والتسويف الذي استمر عامًا كاملًا. ويبدو أن “الجهة الرسمية” استطاعت جعل هؤلاء في وضع “שקט شكيت” فيما يتعلق بإفشاء السلام. “شيخ الأقصى” أكد على نقطة في غاية الأهمية، إذ طالب المرشحين في الدورة القادمة لانتخابات السلطات المحلية العربية، التركيز على كيفية مواجهة العنف والخطوات التي سيقومون بها من أجل ذلك من خلال إدخال هذه المواجهة في البرامج الانتخابية.
وأخيرًا، ما يطلبه الشيخ رائد من المرشحين لرئاسة السلطات المحلية العربية في الدورة القادمة، هو مطلب كل فرد في مجتمعنا يتمتع بحس وطني وغيور على أبناء جلدته. ولكن هل تتركنا “الجهة الرسمية” بحالنا فضيلة الشيخ؟