هل باتت إسرائيل على شفا “زلزال شعبي”؟
– المعارضة تعتزم الاحتجاج في تل أبيب مساء السبت رفضا لسياسات الحكومة اليمينية
– بن غفير يهدد المحتجين وبرلماني يدعو إلى اعتقال رئيس المعارضة ووزير الدفاع السابق
– تبادل محموم للاتهامات بين المعارضة والحكومة الائتلافية برئاسة نتنياهو وتهديد بـ”زلزال شعبي” وتحذير من”إشعال النار في البلاد”
الأنظار في إسرائيل تتجه إلى مظاهرة دعت إليها المعارضة مساء السبت في تل أبيب وسط تبادل غير مسبوق للتهديدات بين المعارضة والحكومة اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو.
وللمرة الأولى باتت تُسمع في إسرائيل بشكل جدي تعبيرات “الحرب الأهلية” و”زلزال شعبي” و”يشعلون النار في البلاد”.
وعن قمة الهرم السياسي، سواء الحكومة أو المعارضة، صدرت هذه التصريحات وغيرها، ما دعا الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى قرع جرس الإنذار بقوله إن “هذه فترة حساسة ومتفجرة في الرأي العام”.
ومنذ أن منح الكنيست ثقته للحكومة “الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل”، قبل أسبوعين، أعلنت المعارضة أنها لن تصمت على تنفيذ الحكومة سياساتها.
والخلاف في إسرائيل عادة ما يكون حول الموقف من القضية الفلسطينية أو عملية عسكرية خارج الحدود، لكن الآن حول ما تعتبره المعارضة “جوهر الديمقراطية”.
فالأحزاب الوسطية واليسارية قلقة من هيمنة الأحزاب اليمينية الدينية واليمينية الوطنية على مقاليد الحكم في البلاد.
وفي المعارضة يعتبرون ما تنفذه الحكومة حاليا “انقلاب” ويحذرون من “حرب أهلية”، ولذلك يدعون الإسرائيليين للخروج إلى الشوارع للاحتجاج.
هذا الخلاف بدأ مع منح الكنيست صلاحيات واسعة لزعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف إيتمار بن غفير كوزير للأمن القومي، مرورا بتصريحات نواب من الأحزاب اليمينية الدينية عن تطبيق الشريعة اليهودية في البلاد، وصولا إلى إعلان وزير العدل ياريف ليفين، وهو من قادة حزب “الليكود” بزعامة نتنياهو، عن ما أسماها خطة الإصلاح القضائي.
لكن وتيرة الخلاف زادت مع دعوة عضو الكنيست تسفيكا فوغل، من “القوة اليهودية”، الثلاثاء إلى اعتقال كل من رئيس الوزراء السابق زعيم المعارضة يائير لابيد ووزير الدفاع السابق بيني غانتس بتهمة “خيانة الوطن”.
وتزامنت هذه الدعوة ما تلويح بن غفير باستخدام الشرطة خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين المعارضين للحكومة واعتقال من قال إنهم يغلقون الشوارع أثناء الاحتجاجات.
والثلاثاء، حاول ناشط يميني دهس متظاهرين في مدينة بئر السبع (جنوب) وهو يصيح “يساريون” قبل اعتقاله.
إراقة الدماء
و”هذا هو الحال عندما تعرض الحكومة المتظاهرين لخطر إراقة الدماء”، بحسب افتتاحية صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية الأربعاء.
واعتبرت أنه “ليس من الواضح مَن يجب أن يخشى المحتجون أكثر: المارة المتهورون الذين يفهمون أنه في عهد بن غفير لديهم الضوء الأخضر لمهاجمة اليساريين أو الشرطة التي تلقت أمرا من الوزير المسؤول عنها (بن غفير) بالرد بقسوة على المتظاهرين المناهضين للحكومة”.
الصحيفة تابعت أنه “عندما تحرض الحكومة ضد خصومها والأقليات وتوجه الشرطة لتقييد حرية التعبير والاحتجاج، واتخاذ إجراءات أكثر صرامة، فإنها تعرضهم لخطر إراقة الدماء.. والجمهور يفهم هذا أيضا”.
حرب أهلية
غانتس حذر، عبر تغريدة الإثنين، من أن الحكومة تدفع باتجاه “حرب أهلية” إذا ما استمرت في خططها بشأن القضاء، داعيا الإسرائيليين للخروج إلى الشوارع للاحتجاج و”زلزلة الدولة”.
ورد عليه بن غفير بتدوينة: “لا تهددوا بحرب أهلية. لقد فقدتم السلطة، استوعبوها.. لن تكون هناك حرب أهلية، يمكنكم الاحتجاج ويمكنكم الانتقاد، ولكن لا يمكنكم التحريض، هذا منحدر خطير”.
ومع ذلك لوح باستخدام القوة تجاه المحتجين قائلا إنه “لسنوات، تم تطبيق سياسة تمييز بين اليمينيين والمتدينين واليسارين في المظاهرات”.
وأوضح: “عندما يغلق المحتجون اليمينيون والمتدينون الطرقات فإنهم يواجهون سياسات عدم التسامح مطلقا: تفريق أعمال شغب وزيادة قوات واعتقالات واسعة”.
أما “عندما يغلق اليساريون الشوارع فإننا لا نرى هذا. لن تكون هناك مظاهرات من النوع “أ” و “ب”، حرية التعبير للجميع، منع الشغب للجميع”، بحسب بن غفير.
ورأت المعارضة في تصريحات بن غفير تهديد للمتظاهرين المؤيدين لها.
وقال لابيد، في تغريدة الثلاثاء: “يقول بن غفير إنهم سيستخدمون خراطيم المياه ضد متظاهرينا، عضو الكنيست فوغل يقول إنه يجب إلقاء القبض على غانتس وإلقائي في السجن بتهمة الخيانة وفي الجامعة يحاولون دهس طلابنا لأنهم يحتجون ويمارسون حقهم في حرية التعبير”.
انهيار “الديمقراطية”
وبينما رفض نتنياهو تصريحات النائب الذي دعا إلى اعتقال لابيد وغانتس، فإنه أيضا هاجم المعارضة.
وغرد بقوله: “في بلد ديمقراطي، لا يُعتقل قادة المعارضة مثلما لا تسمي وزراء الحكومة بالنازيين، ولا تسمي الحكومة اليهودية بالرايخ الثالث ولا تدعو المواطنين للذهاب لأعمال الشغب المدنية”.
وبتغريدة رد عليه لابيد: “نتنياهو، في بلد ديمقراطي لا يُفترس المواطنون ولا القضاء. أصبحت رئيس وزراء ضعيفا يرتجف خوفا من شركائه المتطرفين. إنهم يقودون إسرائيل إلى الانهيار. هكذا تنهار الديمقراطية في يوم واحد”.
كما رد عليه غانتس في تغريدة قائلا: “نتنياهو، إسرائيل بحاجة إلى إجماع واسع وليس استمرار التحريض والاحتجاجات”.
وتابع: “أفعالك الموجهة ضد حماية الحقوق الفردية وضد المبادئ الديمقراطية الأساسية تتخلل الإجراءات على أرض الواقع.. أدعوكم إلى إدانة الاعتداء على المتظاهرين والتصريحات القاسية والعمل على عدم تعميق الانقسامات”.
مناشدة رئاسية
مجمل تلك الاتهامات المتبادلة، وبعضها غير مسبوق، دفع الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ إلى قرع جرس الإنذار.
وغرد مساء الثلاثاء بقوله: “في الأيام القليلة الماضية كنت أعمل وأجري محادثات مع العديد من الأطراف وأفعل كل شيء لإيجاد حوار كريم ومحترم على أمل الوصول إلى أوسع تفاهم ممكن”.
وداعيا إلى “تهدئة النفوس وخفض ألسنة اللهب”، ناشد هرتسوغ “المسؤولين المنتخبين وبقية المواطنين من جميع الطيف العام والسياسي التحلي بضبط النفس والمسؤولية”.