الدفاع المدني بغزة: عجز تام بالإمكانيات والاحتلال يُجرم بحقّنا
قال محمود بصل، متحدث الدفاع المدني:
– نسبة العجز في الإمكانيات والمعدّات وصلت إلى 100 بالمئة
– المركبات المتوفّرة متهالكة دخلت الخدمة عام 1994
– الاحتلال يمنع دخول المركبات وقطع الغيار إلى قطاع غزة
– طواقم الدفاع تعمل ضمن إمكانيات متواضعة وطرق بدائية للإنقاذ
– الشتاء معضلة بالنسبة لنا لعدم توفر الأدوات التخصصية
– تحديا للحصار جهّزنا 5 مركبات إطفاء وإنقاذ ستدخل الخدمة نهاية العام
قال جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة إنه يعاني من عجز في المركبات والمعدّات بنسبة وصلت 100 بالمئة، مُتّهما إسرائيل بارتكاب “جريمة” جرّاء منعها دخول ما يلزم لتقديم أفضل الخدمات.
جاء ذلك في لقاء مع وكالة الأناضول مع المتحدث باسم الجهاز محمود بصل، تطرق فيه عن المعيقات التي تعرقل عمل طواقم الدفاع المدني خلال الأحداث والكوارث بغزة.
ووصف بصل واقع الدفاع المدني في غزة بـ”الأليم”، في ظل انعدام توفّر المعدات اللازمة له بحيث تعود غالبية المركبات الموجودة لديه لعام 1994.
وقال إن منع دخول المركبات والمعدات اللازمة لتقديم الخدمات وبما يضمن سلامة رجال الدفاع المدني، يُلقي بظلال سلبية على طبيعة الاستجابة للكوارث ما يتسبب بوقوع ضحايا أحيانا في صفوف المواطنين.
وطالب بصل الأمم المتحدة والدول العربية بـ”التدخل الفوري لدعم الدفاع المدني بغزة ونقله إلى واقع جديد يمكّنه من تقديم خدمات أفضل للمواطنين”.
ودعا الجهات المعنية إلى “تحمّل مسؤولياتها تجاه غزة الذي يتعرّض دائما لأزمات وكوارث وحروب إسرائيلية”.
وأشار إلى أن قطاع غزة الذي يضم نحو مليونين و300 ألف مواطن، له خصوصية بسبب “ارتفاع نسبة التعداد السكاني واتجاه المواطنين للتوسّع الأفقي من خلال إنشاء الأبراج والأبنية العالية، ما يتطلب وجود معدات تًلبي خدمات هذا النوع من التوسّع”.
ويفرض الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2007 حصارا مشددا على قطاع غزة تسبب بتردي الأوضاع المعيشية وتراجع في الخدمات الصحية والحيوية.
الواقع والاحتياج
وقال بصل، إن قطاع غزة يضم نحو 18مركزا للدفاع المدني على مستوى المحافظات الخمس، بحيث تم توزيعهم بما يضمن خصوصية كل منطقة من التعداد والتوسّع السكاني.
وأضاف أن عدد المركبات الموجودة لدى الدفاع المدني تُقدّر بنحو 31 مركبة إطفاء وإنقاذ مُتهالكة، لم يتم تحديثها أو استبدالها أو تجديدها، بحيث دخلت الخدمة منذ عام 1994.
واستكمل قائلا: “وفقا للعرف الدولي، فإن مركبات الدفاع المدني يجب أن يتم استبدالها مرة كل 5-6 سنوات؛ وذلك لمواكبة حالة التطور والنقلات النوعية التي تدخل عليها كي تنسجم مع الواقع”.
واتهم بصل الاحتلال بمنع دخول المركبات إلى القطاع، ما يضطرهم للتعامل مع الإمكانيات القليلة الموجود والمركبات المهترئة التي يجب أن تخرج من الخدمة منذ زمن.
وأوضح أن تلك المركبات لا تغطّي عدد المراكز، لافتا إلى وجود مراكز لا تحتوي إلا على سيارة إطفاء واحدة، واستكمل: “على الأقل يحتاج كل مركز لمركبة إطفاء وإنقاذ وإسعاف وصهريج دعم للمياه”.
وعن احتياج القطاع، قال بصل إن كل محافظة تحتاج لوجود 3-5 مراكز كي يتكّمن جهازه من تقديم الخدمات والاستجابة في الوقت المناسب.
وفي السياق، بيّن بصل امتلاك جهازه لنحو 4 سلالم هيدروليكية فقط تُقدّم خدماتها لكافة القطاع، في حين أنها تعمل بالطرق البدائية بجودة ضعيفة؛ لم يتم تحديثها منذ 1994.
وأشار إلى تعطّل سلّم وخروجه من الخدمة منذ فترة بحيث لم يتمكن الجهاز من صيانته لعدم توفّر القطع اللازمة له كما تمنع إسرائيل من دخولها، وفق قوله.
وعن صهاريج المياه الخاصة بمركبات الإطفاء المتوفّرة، يقول بصل إن سعة كل واحد منهم تتراوح بين 3-5 آلاف لتر فقط، فيما تقدّر السعة المطلوبة بنحو 15 ألف لتر.
وأردف: “لو تم ضخ المياه من الصهاريج الموجودة بضغط عالي، فإن سرعة السحب تكفي لمدة 3-4 دقائق فقط”.
وأوضح أن كل محافظة بغزة يجب أن تزوّد “بصهريج بسعة 15 ألف لتر، لدعم سيارة الإطفاء حينما تتحرك لأداء مهمة ما حتى تستطيع الطواقم السيطرة على الحريق”.
وأشار إلى وجود صهريج واحد فقط في القطاع بسعة 15 ألف لتر، وصل غزة من قطر عام 2019.
وفيما يتعلق بالكوادر البشرية العاملة في جهاز الدفاع المدني، قال بصل إن أعدادهم تبلغ حوالي 800 عنصر من إطفائيين وإداريين.
وأضاف أن العرف الدولي يتحدث عن حاجة كل ألف نسمة من المواطنين لرجل دفاع واحد، ما يعني أن القطاع بتعداده الحالي يحتاج لنحو 2300 رجل إطفاء.
وأوضح أن نسبة العجز في الكوادر البشرية بغزة تصل إلى حوالي الضعفين.
وفيما يتعلق بالموازنة السنوية للدفاع المدني، قال بصل إن 90 بالمئة من هذه الموازنة تذهب لصيانة المركبات المتهالكة بشكل يومي.
ويضيف “هذه الميزانية كان مفترض لها أن تكون تشغيلية لأغراض التدريب والتثقيف وتقديم الخدمات”.
إعاقة للعمل
في السياق، قال بصل إن عدد المراكز والمركبات الموجودة بغزة لا يُلبّي حجم الاحتياج المطلوب والتدخل اللازم في حال الأزمات والكوارث والاعتداءات الإسرائيلية.
وأوضح أن طواقم الدفاع تعجز عن التحرك لتلبية كافة الاستغاثات خلال فترة الحروب حينما يتم استهداف أكثر من موقع، مشيرا إلى أنهم يعطون الأولوية للحدث الأشدّ خطرا.
كما تؤدي قلة الإمكانيات إلى حرمان المواطنين من الحصول على كامل الخدمات، خاصة خلال فترة الحروب، ما يتسبب بوقوع ضحايا في صفوفهم، وفق قوله.
وعن البدائل التي تستخدمها طواقم الدفاع المدني، قال بصل “أدوات معدّات يدوية كالمهدّات والمجرفة البدائية”.
ومن بعض المعدّات اللازمة للتدخل أثناء الحروب، وتمنع إسرائيل دخولها لغزة، بحسب بصل “الفرشات الهوائية التي تفصل الطوابق الاسمنتية عن بعضها البعض، وكمامات وأجهزة تنفّس وأوكسجين، وزي الدفاع المدني الذي يتحمّل الحرارة العالية وتمكّنه طواقمه من الدخول في النيران، وأجهزة كشف الأحياء تحت الأنقاض، وأجهزة كشف السموم ودرجة السميّة في المكان الذي يدخله رجل الدفاع”.
خدمات الشتاء
ويشكو المسؤول الفلسطيني، من عدم توفّر المعدّات التخصصية للتعامل مع فصل الشتاء ما يعيق عمل طواقم الدفاع المدني خاصة في المناطق التي ترتفع فيها منسوب مياه الأمطار.
وأضاف إن الطواقم تعمل ضمن إمكانيات متواضعة بواسطة نحو 10 مضخات لشفط المياه، القديمة والمتهالكة والمفترض أنها خرجت من الخدمة منذ زمن.
وبيّن أن قطر قد زوّدت القطاع سابقا بـ 3 مضخات شفط مياه ذات قطر كبير، لتسهيل عمل الدفاع المدني لافتا إلى أن هذا العدد غير كافٍ لتغطية محافظات القطاع الخمس.
وذكر أن العجز في المعدات يُهدد الخدمات المُقدّمة، مضيفا “يجب توفير أكثر من مضخة شفط مياه حديثة لكل محافظة”.
وعام 2019، سلّمت قطر عددا من المركبات ومعدات الإطفاء الخاصة والمجهزة للدفاع المدني بغزة، بحسب اللجنة القطرية لإعادة إعمار القطاع.
تحدي للحصار
في محاولة من جهاز الدفاع المدني للتغلّب على المعيقات، لجأ لتجهيز مركبات إطفاء متواضعة بإمكانيات محلية وبدعم من مؤسسة “أحباء غزة ماليزيا”، بحسب بصل.
وقال إن ما تم تجهيز في غزة من هذه المركبات، هو الصندوق الذي تحتاجه مركبة الإطفاء والإنقاذ والذي يضم كافة المعدات، لافتا إلى أن هيكل المركبة بمقودها يتم شرائه جاهزا.
وأضاف إن مشروع تجهيز وتحديث المركبات، تم البدء به بعد نهاية الحرب التي شنّتها إسرائيل على غزة عام 2021.
وذكر أن عدد المركبات التي تمّ صناعتها محليات وصل إلى 5 مركبات، تكلفة كل مركبة نحو 100 ألف دولار.
وبيّن أن المركبات الخمس، التي استغرق صناعة كل واحدة منها نحو شهر تقريبا، ستدخل إلى الخدمة نهاية العام الجاري.
وأوضح أن جهاز الدفاع المدني ومن خلال هذه المركبات الحديثة، سيكون قادرا على تحسين مستوى الخدمة المقدّمة للمواطنين، لافتا إلى حاجة الجهاز للمزيد من التعزيز للارتقاء بالخدمة للاحتياج المطلوب.
وطالب بصل الجهات المانحة بالمزيد من الدعم للدفاع المدني، لتمكينه من تجهيز مركبات أُخرى.