الهيمنة على الشرق الأوسط.. قاسم مشترك بين إسرائيل وإيران
الإعلامي أحمد حازم
لنكون واضحين من البداية: أنا لست من المؤيدين لسياسة إيران الفارسية، ليس لأنها تحاول امتلاك قنبلة نووية، بل لأن “الفارسية” ليست أقل سوءًا من الصهيونية بالنسبة للعرب، وهناك أمثلة عديدة في التاريخ على ما أقول، والتاريخ لا يكذب. أهم قاسم مشترك بين الصهيونية التي تتمثل في إسرائيل والفارسية المتمثلة في إيران، هو نزعة السيطرة على المنطقة. فشعار إسرائيل: “من الفرات الى النيل أرضك يا إسرائيل”، يتماشى مع نظرية الخميني (عالمية الإسلام بحسب المذهب الشيعي) الذي، وكما رأى الخميني، سيضمن الهيمنة على الشرق الأوسط بأكمله، لأن مرجعيات الأنظمة ستكون في طهران وزعيمها الولي الفقيه.
الخميني زعيم الثورة الايرانية توفي عام 1989 والعلاقة الإيرانية-الإسرائيلية مستمرة على حالها علاقة مصالح متبادلة معادية للمحيط العربي. يوسي ألفير مستشار رابين، ذكر في مقابلة تلفزيونية بعد بضعة أيام من وفاة الخميني “أن العدو الحقيقي لإسرائيل هو العراق والدول العربية الأخرى، في حين يوجد لدى إيران كافة الأسباب التي تجعلها صديقة لإسرائيل بغض النظر عن النظام الحاكم فيها”.
من خلال ما ذكرناه من أمثلة وغيرها من الأمثلة المحفوظة في التاريخ على العلاقة بين الصهيونية والفارسية، نرى أن ما يقال ويكتب عن توتر العلاقات بين إسرائيل وإيران، هو مجرد فقاقيع هوائية. آخر هذه الفقاقيع، هو “الملف الاستخباري” حول نقل أسلحة من إيران إلى روسيا، في محاولة من إسرائيل لتجنيد دول إلى جانبها والضغط على طهران، حسب ما ذكر مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية.
موقع “واللا” العبري، ذكر أن إسرائيل أبرقت سرًا في العشرين من الشهر المنصرم إلى عشرات السفارات الإسرائيلية في العالم والمنظمات الدولية، لبدء حملة دبلوماسية ضد عمليات نقل الأسلحة من إيران إلى روسيا.
الخارجية الإسرائيلية حسب ما ورد في “واللا” طلبت من الدبلوماسيين التوجه إلى كبار المسؤولين في الدول التي يعملون بها، وإثارة قضية نقل الطائرات المسيرة إلى روسيا والتخوف من نقل صواريخ بالستية من إيران إلى روسيا.
تصوروا هذه الوقاحة السياسية والدبلوماسية من دولة قانون القومية: انها لا تريد أن تملك إيران سلاحًا نوويًا، وهي التي تملكه منذ عشرات السنين، ولا تريد أن تبيع إيران طائراتها المسيرة إلى روسيا، وهي التي تبيع منظومات أسلحة جوية إلى دول دكتاتورية، إسرائيل وبكل وضوح تريد أن تسيّر العالم على مزاجها. أليست هذه وقاحة بكل معنى الكلمة؟
إسرائيل وكما تدعي، تخشى من نقل الصواريخ البالستية من إيران إلى روسيا. ولا أدري لماذا تحشر إسرائيل أنفها في هذه القضية، ما دامت ليس لها علاقة بها. فهل تخاف إسرائيل على نفسها من ذلك؟ يقول أليكس غرينبيرغ ضابط المخابرات العسكرية الإسرائيلي السابق والخبير في شؤون إيران في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، وكما جاء في صحيفة “جيروزالم بوست العبرية، إن “الروس يحتاجون إلى هذه الأسلحة لتلبية احتياجاتهم الخاصة في الحرب ضد أوكرانيا، ولا يمثل ذلك تهديدًا لإسرائيل”.
أي دولة هذه التي تحتج على تسليم روسيا طائرات مسيرة لا تشكل خطرًا عليها، وهي نفسها تتلقى كل أنواع الأسلحة من الولايات المتحدة والتي تشكل خطرًا على العالم العربي. أليست هذه قمة الوقاحة والتدخل قي الشأن الداخلي للدول؟
وإذا تحدثنا بلغة الأرقام، فإن واشنطن تمنح إسرائيل 59% من حجم مساعداتها لجميع دول العالم. ففي العام الماضي أفادت مؤسسة “كارنيغي للسلام الدولي”، بأن إدارة دونالد ترامب طلبت تخصيص 3.3 مليار دولار لإسرائيل من برنامج التمويل العسكري الأجنبي، وهو ما يعني أن ما تتلقاه إسرائيل من أمريكا يفوق ما تتلقاه دول العالم مجتمعة. كما تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل كميات كافية من الأسلحة والذخيرة والصواريخ بأشكالها المتنوعة من ضمنها طائرات F35. تصوروا أن كل هذا الدعم المادي والعسكري تتلقاه إسرائيل (وممنوع حدا يحكي) ثم تحتج على طائرات مسيّرة. وقاحة لا مثيل لها.