في العزل الانفرادي.. تداهم الأمراض جسد الشاب مرعي وتغيب أخباره
لا تعرف عائلة الأسير قصي مرعي النوم منذ أنْ اختطفته قوات الاحتلال الإسرائيلي من بين أحضانها، وزاد من قلقها الأنباء التي تتوارد من عزله الانفرادي بتدهور وضعه الصحي، ما أحال فرح ابنتها لمأتم، وجعلها في حالة من القلق على مصير ابنها في ظل سمعة سجون الاحتلال السيئة المعروفة بالإهمال الطبي.
كانت البداية عندما اختطفت أجهزة أمن السلطة مرعي وعرّضته لتعذيب شديد في سجونها خاصة في “مسلخ أريحا” في مرحلة مرت بصعوبة بالغة على العائلة التي عاشت فترة من أسوأ أيامها حتى أفرجت عنه.
لم يدم ذلك الإفراج طويلاً، فبعد عشرة أيام فقط، وفي أثناء عودته من عمله مع والده في الداخل المحتل، أقام الاحتلال حاجزاً طياراً قرب “يعبد”، واعتقل “قصي”.
تقول والدته نادية مرعي بأسى: “كان على تواصل معي حتى اللحظات الأخيرة قبيل اعتقاله. طلب مني أن أطهو له المقلوبة، جهزتها وانتظرتُ طويلاً، ولكن زوجي عاد وحيداً وفي نفسية سيئة وأُصيب من وقتها بالسكري”.
تضيف: “إن قصي اعتقل في 13 يونيو 2020 وحكم بالسجن 18 شهراً بتهمة إلقاء حجارة على قوات الاحتلال، ثمّ وجهوا له اتهامًا آخرَ بالمشاركة ومساعدة أسرى نفق جلبوع. وبعد مداولات عديدة زادوا حكمه حتى أصبح أربع سنوات، ولم يكتفوا بذلك بل وضعوه في عزل انفرادي”.
ومنذ حادثة “نفق الحرية” في سبتمبر 2021 حيث تمكن ستة أسرى فلسطينيون من الهروب من سجن جلبوع، بينهم أربعة محكوم عليهم بالسجن المؤبد، يقبع الشاب مرعي وحيداً بين أربعة جدران، فيما تشح الأنباء عن وضعه داخل المعتقل، إذ لا يتسنى لعائلته دائماً زيارته، حيث يتم نقل الأسرى المتهمين بالمساعدة في حفر النفق كل ثلاثة شهور من سجن لآخر.
بفارغ الصبر
وما زاد من ألم العائلة أنه في أثناء زفاف شقيقته في السادس عشر من نوفمبر الماضي تناهى إلى مسامعها أنّه يعاني ورمًا برأسه ودوخة مستمرة، وأوجاعًا حادة في المعدة، وهو بحاجة إلى إجراء فحص منظار وفحص دم.
تقول أمه: “لم أشعر بالفرح أبداً انخرطتُ في البكاء طوال اليوم وظللتُ ليوميْن كامليْن في وضع صحي صعب، وأنتظر بفارغ الصبر الزيارة القادمة لعلها تطمئنني عليه قليلاً”.
آخر زيارة لـ”قصي” كانت في سبتمبر 2021 إذ لم تتمكن الأم من زيارته بسبب الظروف الأمنية المشددة التي يخضع لها أسرى “نفق الحرية”، يعاني أسرى جلبوع معاملة غاية في السوء بسبب العزل الانفرادي ويضيقون عليهم بشتى الطرق.
وتشير والدته إلى أن ابنها أبلغ المحامي بأن شقيقه أصبح غير قادر على الرؤية في أحد عينيْه، وأنه تقدم بطلب للإدارة لفحص دم ولم يجرَ له حتى اليوم، مشيرة إلى أن سلوك إدارة سجون الاحتلال يؤكد بالدلائل إهمالها الطبي المتعمد للأسرى إلى حد القتل البطيء”.
وتذكر الأم أنه وفي أثناء وجود قصي في السجن، استشهد ابن خالته براء لحلوح منذ خمسة أشهر، وأحد أقربائه وأعز أصدقائه محمد مرعي، وزفت شقيقته، متممة حديثها: “ابني يتلقى الضربات واحدة تلو الأخرى ويخضع لضغط نفسي شديد”.
وتلفت إلى أن غياب “قصي” وضع شقيقته الكبرى “صفاء” في أزمة نفسية بالغة الصعوبة، “وتزداد سوءاً كلما زارته في السجن”.
تقول صفاء: “لم نكد نصدق أنه خرج من أتون سجون السلطة حتى فوجئنا باعتقاله ثم عزله انفرادياً في سجون الاحتلال، لا أستطيع الشعور بالفرح وشقيقي بالمعتقل”.
وتضيف: “صدمنا هذا الاعتقال كثيرا، وعدم قدرتنا على الاطمئنان على وضعه الصحي في السجن يتعب نفسيتنا، خاصة أننا موقنون أن سلطات الاحتلال لا تقدم له العلاج اللازم”.