الاتفاقية الإسرائيلية الأوروبية لتبادل بيانات الفلسطينيين.. ما الهدف منها؟
جوقة المجتمع الدولي كلها متفقة أنَّ مناطق السلطة الفلسطينية مناطق اضطرابات، وموازين القوى الدولية الراجحة معظمها لمصلحة الاحتلال تمنحه القدرة على التنسيق في مجالات أمنية محلية وإقليمية لتعزيز أمن احتلاله.
تجري “إسرائيل” والمفوضية الأوروبية مفاوضات حول إقرار اتفاق لتبادل البيانات، والمعلومات بين الاتحاد الأوروبي و”إسرائيل”، تشمل سكان مناطق السلطة الفلسطينية والفلسطينيين.
وتسمح هذه الاتفاقية لـ”إسرائيل” باستخدام البيانات الشخصية من الشرطة الأوروبية “يوروبول” في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتجيز استخدام البيانات استثنائيًّا في المناطق الجغرافية التي خضعت لإدارة دولة “إسرائيل” بعد 1967.
ورفضت 13 دولة من دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27، استخدام البيانات، في حين حذرت فرنسا وإيرلندا ولوكسمبورغ، من أن ذلك سيخلق “سابقة خطيرة لها عواقب سياسية كبيرة”.
ورغم رفض السلطة الفلسطينية لمثل هذه الاتفاقية إلا أنها لا تستطيع تصعيد الرفض خشية حدوث ضرر في علاقاتها السياسية مع دول أوروبية وغربية بشكل قد يوجد مواقف سياسية تنعكس سلباً على السلطة نفسها.
رفض مبرر
العلاقات السياسية والأمنية الممتدة بين دول أوروبية و”إسرائيل” تعزز توجه الأخيرة في محاولة الحصول على أي معلومة تتعلق بالفلسطينيين ومناطق وجودهم من “نافذة الضرورات الأمنية” ووصف رفضهم لاحتلالها بـ”الإرهاب”.
ويشمل التعاون الأمني بين دول أوروبية و”إسرائيل” توفير معلومات وبيانات حول الأشخاص والقوى والأحزاب والكيانات السياسية، وهي في الشأن الفلسطيني تركز مؤخراً على نشطاء وكوادر المقاومة الشعبية ومقاطعة الاحتلال وكل ما تصنفه “إسرائيل” معاديًا لها.
يقول المحلل السياسي د. تيسير محيسن: إنّ مثل هذه الاتفاقية تعد سياسة معتمدة بين الكيانات السياسية والدول في العالم، وإن المجتمع الدولي يتعامل مع السلطة الفلسطينية ككيان سياسي.
ويضيف: “المجتمع الدولي والدول الأوروبية تصنف مناطق السلطة الفلسطينية بأنها مناطق توتر وأزمات ومصادر تهديد، وهذا يدفعها للحصول دوماً على معلومات وبيانات عن هذه المنطقة”.
ورغم أن السلطة الفلسطينية تعد مصدرًا من مصادر تزويد تلك الجهات بهذه المعلومات عن مناطقها والفلسطينيين في أراضيها أو من الجاليات في الخارج إلا أنها غير قادرة على تطوير موقف حقيقي لرفضها خشية انعكاسات سياسية عليها.
ويؤكد الخبير القانوني الفلسطيني د. صلاح عبد العاطي أن جميع الحقوقيين الفلسطينيين كشفوا خطورة هذه الاتفاقية على المجتمع الفلسطيني، وطالبوا بوقفها؛ لأنها تتعارض مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ويتابع: “خطورة هذا الأمر أنها تجرى تبادل معلومات وخصوصيات الفلسطينيين المفترض حمايتها لما لها من ارتباط بالحقوق الشخصية السياسية وتعلقها بهوية كل مواطن فلسطيني بشكل يضر بخصوصيته”.
تناقش مثل هذه الاتفاقيات في بروتوكولات دبلوماسية ومباحثات أمنية غير معلنة بين الدول والكيانات السياسية، لكن تصدير موقف علني منها كما رفضت السلطة الفلسطينية لن يتجاوز الترويج الإعلامي لانسداد الأفق أمامها.
أهداف إسرائيلية
تضررت صورة “إسرائيل” القانونية والأخلاقية في أروقة مؤسسات المجتمع الدولي في العقدين الماضيين بتصاعد، وهي تواصل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وزاد وصف احتلالها بالتفرقة العنصرية و”الأبارتهايد”.
ثمّة معركة إعلامية وأخلاقية يقودها فلسطينيون ومناصرون للحقوق الفلسطينية بعيداً عن مؤسسات السلطة الفلسطينية كشفوا من خلال الرصد الحقوقي والنشر الإعلامي حتى بات قادة إسرائيليون مهددين بدخول قفص المحكمة الجنائية الدولية.
ويؤكد المحلل محيسن أن “إسرائيل” تتقاطع مع دول أوروبية في “ملف الإرهاب” الذي تطلقه على كل ما يهدد مصالحها الأمنية والسياسية والاقتصادية، وهي ذريعة تكررها في وصف “معاداة السامية” بطريقة أخرى.
ويتابع: “السلطة رغم حساسية اتفاقية البيانات والمعلومات تنازلت من قبل في ملفات فلسطينية، وهي تتعاون باستمرار مع الاحتلال وأطراف أخرى ورفضها، الحالي إعلامي فقط”.
وكان وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي انتقد اتفاقية تبادل البيانات، ووصفها بأنها “هجوم على القانون الدولي”، مشيراً إلى أنَّ الاتفاقية فضيحة غير مسبوقة وانتهاك صارخ للقانون الدولي.
ويرى الخبير عبد العاطي أن “إسرائيل” تسعى دوماً لضمان تفوقها الأمني كقوة أمنية في الإقليم، وهي تحتاج دوماً كدولة احتلال لمعلومات، وتلاحق الفلسطينيين في الداخل والخارج.
ويشكل توقيع الاتفاقية خرقاً لأحكام المادة (2) من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تحظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما وتشكل الاتفاقية المزمع توقيعها هدراً لما قررته أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 في المادة (17)، والتي نصت على عدم جواز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخلٍ في خصوصياته.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام