كل لعبة كنيست ونحن ونصبح على احتلال وتمييز..
عبد الإله معلواني
نحن الآن على أبواب عام 2023، وخلال هذه الأعوام عادت لعبة الكنيست على نفسها خمس وعشرين مرة، وبعد كل مرة من هذه المرات لا زلنا نصبح على احتلال إسرائيلي وتمييز إسرائيلي، وخلال هذه المرات قيل لنا: هذه حكومة يمين، وهذه حكومة يسار، وهذه حكومة وسط، وهذه حكومة سلام، وهذه حكومة استيطان، ومع تعاقب هذه الحكومات على اختلاف مسمياتها لا زلنا نصبح على احتلال إسرائيلي وتمييز إسرائيلي، مما يعني أن المشروع الصهيوني القائم أصلا على الاحتلال والتمييز هو الذي يتحكم بإستراتيجيتها بكل الحكومات الإسرائيلية على اختلاف مسمياتها، وهو الذي يملي منهجية التعامل معنا في الداخل الفلسطيني، ومنهجية التعامل مع شعبنا الفلسطيني، وإن حدث اختلاف بين هذه الحكومات فهو اختلاف التكتيك في دائرة الإستراتيجية الواحدة، وهو اختلاف في الخطاب الإعلامي في دائرة هذه الاستراتيجية الواحدة، وهو اختلاف في القضايا الاجتماعية والسلوكية في دائرة هذه الإستراتيجية الواحدة، وإلا فكل الحكومات الإسرائيلية وكل الأحزاب الإسرائيلية تلتقي على الرؤية السياسية الواحدة، والرؤية العسكرية الواحدة، والرؤية الأمنية الواحدة، وكلها محكومة بالدولة العميقة التي تدير دفة الحكم بواسطة مؤسساتها مع تبدل كل الحكومات الإسرائيلية. وحتى لا ننسى، وحتى لا نحيى غافلين، ونموت غافلين، وحتى لا ننام على غفلة ونستيقظ على غفلة، فإنني أسجل هذه الملاحظات:
- إنَّ الذي أوقع نكبة فلسطين هي القوى الصهيونية التي سمَّاها بعضنا (اليسار الإسرائيلي)، بشراكة مستديمة حتى الآن مع القوى الصهيونية التي سمَّاها هؤلاء البعض (اليمين الإسرائيلي).
- إنَّ الذي صادر أرضنا في الداخل الفلسطيني وأقام عليها حتى الآن مشاريع الكيبوتس واليشوف هو من سمَّاه بعضنا (اليسار الإسرائيلي).
- إنَّ الذي أرسى مؤسسات المؤسسة الإسرائيلية على اختلافها بعد نكبة فلسطين هو من سمَّاه بعضنا (اليسار الإسرائيلي). 4. إنَّ الذي أرسى القواعد العسكرية والأمنية على اختلافها للمؤسسة الإسرائيلية بعد نكبة فلسطين هو من سمّاه بعضنا (اليسار الإسرائيلي).
- إنَّ من شرعن لنفسه مصادرة أوقافنا، وتحويل الكثير من مقدساتنا إلى (ملك غائب)، ثمَّ أباح لنفسه انتهاك حرمة هذه المقدسات إلى حد نبش عظام موتانا في المقابر الإسلامية والمسيحية، وتحويل الكثير من المساجد والكنائس إلى مطاعم وخمارات وحظائر لتربية المواشي فيها هو من سمّاه بعضنا (اليسار الإسرائيلي).
- إنَّ من واصل احتلال فلسطين عام 1967، ونتيجة لذلك قام باحتلال غزة والضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى المباركين هو من سماه بعضنا (اليسار الإسرائيلي).
- إنَّ من فتح الباب لإقامة المستوطنات في غزة والضفة الغربية، وساند إقامة أول مستوطنات فيهما هو من سمّاه بعضنا (اليسار الإسرائيلي).
- إنَّ من أباح لنفسه تبني سياسات هدم البيوت في الداخل الفلسطيني، وتمَّ هدم أول بيوتنا على عهد حكوماته هو سمّاه بعضنا (اليسار الإسرائيلي).
- إنَّ من أزهق أرواحنا وأسال دماءنا واعتقل البعض منا في يوم الأرض، وفي هبة القدس والأقصى، وفي هبة الروحة، هو من سمّاه بعضنا (اليسار الإسرائيلي).
- 10. إنَّ من خطَّ الخطوات الاحتلالية الأولى لتهويد القدس المباركة وتضييق الخناق يوما بعد يوم على المسجد الأقصى المبارك وفتح الباب للمجتمع الإسرائيلي لاقتحامه، والشروع بالحفريات من حول وتحت المسجد الأقصى هو من سماه بعضنا (اليسار الإسرائيلي). 11. إنَّ خطوة إبعاد نخبة من شعبنا الفلسطيني إلى مرج الزهور، حيث كانت خطوة غير مسبوقة كانت على عهد حكومة من سمّاه بعضنا (اليسار الإسرائيلي).
- 12. لقد ثرثر كثير ممن سمَّاه بعضنا (اليسار الإسرائيلي) وصرَّح مئات المرات، أنَّه يوافق على إقامة دولة فلسطين، ثمَّ تصدر زمام الأمور في كثير من الحكومات الإسرائيلية، فكان منه رئيس الحكومة، وكان منه وزراء تلك الحكومة، وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة، ولكنه كذب وظلَّ يكذب، ولم تقم دولة فلسطين، وكان يملك أن يحقق ذلك لو صدق، ولكنه ظل مراوغا متلونا، وأجهض كل فرص إقامة دولة فلسطينية، وجل ما وافق عليه هو اتفاقية أوسلو التي تحولت إلى لعنة على القضية الفلسطينية.
- 13. حتى أنَّ هذا الثرثار الملون المنافق الذي سمَّاه بعضنا (اليسار الإسرائيلي) رفض الالتزام بكل ما تعهد به في اتفاقية أوسلو، فأخذت عيوب هذه الاتفاقية تتراكم على مسيرة شعبنا الفلسطيني، حتى باتت اتفاقية أوسلو كابوسا ثقيلا يربض على صدر شعبنا الفلسطيني، وباتت الكثير من القيادات الفلسطينية التي صفَّقت لها بالأمس تتساءل مذهولة اليوم، كيف لنا أن نتخلص من هذه المصيدة الخانقة التي اسمها اتفاقية أوسلو.
- 14. ثمَّ بعد كل ذلك، لم تتردد القوائم العربية التي خاضت لعبة الكنيست الأخيرة رقم (25) أن تواصل إرعاب جماهيرنا في الداخل الفلسطيني خلال مرحلة الدعاية الانتخابية التي سبقت هذه اللعبة الأخيرة رقم (25)، ولم تترد بصناعة الخوف الموهوم مدعية أنَّ جماهيرنا مضطرة أن تخرج إلى الصناديق وتصوّت، حتى تمنع وصول (بن غفير وسموترتش) وسائر بلطجية اليمين الإسرائيلي إلى الحكم!!
وكان هذه الإرعاب والتخويف الديماغوجي، هو إرهاب عواطف جماهيرنا واستفزاز حميتها لتدفعها للتصويت.
- 15. ومن هو (بن غفير) أصلا؟ ومن هو (سموترتش) أصلا؟ ومن هم سائر أترابهم؟ أليسوا هم نتاج المجتمع الإسرائيلي الذي بناه أو بنى مقوماته ومؤسساته من سماه بعضنا (اليسار الإسرائيلي)؟ أليسوا هم نتاج المستوطنات المزروعة في الضفة الغربية والتي أقامها أول من أقامها من سماه بعضنا (اليسار الإسرائيلي)؟
- 16. كل ذلك يعني أننا في مواجهة حكومات إسرائيلية كلها يمين في المحصلة العامة، وإن اختلفت في تسمياتها ما بين يمين ويسار ووسط، فلماذا واصلتم التلاعب بعقول وعواطف جماهيرنا في الداخل الفلسطيني على مدار عشرات السنوات، يا كل القوائم العربية التي لا تزال تصرّ على خوض لعبة الكنيست؟