فواجع الموت حرقا تتوالى.. مآسي عائلات قضت بحثا عن النور في غزة
شخصت أبصار الفلسطينيين مساء الخميس نحو منطقة تل الزعتر في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، حيث مسرح الفاجعة التي أودت بحياة 21 فردا من عائلة أبو ريا، قضوا جميعا إثر اندلاع حريق هائل في بناية سكنية. وذكرت البيانات الرسمية أن لا إصابات في الحادث، فقط مات جميع من في المبنى.
وتشير التحقيقات الأولية، للأجهزة المختصة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، إلى أن وجود مادة البنزين مخزّنة بكميات كبيرة داخل البناية، مما تسبب في اندلاع الحريق بشكل هائل.
وتُعتبر هذه المأساة هي الأصعب في قطاع غزة منذ الحريق الذي نشب في سوق مخيم النصيرات وسط القطاع، في الخامس من مارس/آذار 2020، وأدى إلى وفاة 25 مواطنا بينهم نساء وأطفال، وإصابة العشرات.
وقد التهم هذا الحريق عشرات المحال والبسطات التجارية والسيارات وقُدرت خسائر بحوالي 4 ملايين دولار. وكان ناجما عن تسرب من إسطوانات غاز تم تخزينها بكميات كبيرة داخل أحد المخابز.
تداعيات أزمة الكهرباء
لكن، وإلى جانب حوادث عديدة كان سببها عدم الالتزام بإجراءات السلامة، تكررت على مدار 15 عاما من الحصار الإسرائيلي الخانق المضروب على القطاع الساحلي الصغير منذ منتصف العام 2007، مآسٍ تسببت في موت وإصابة عشرات الغزّيين حرقا، كنتيجة مباشرة لتداعيات الحصار، ولجوء الكثير من العائلات لوسائل بديلة للتدفئة والإنارة كالشموع وخطوط الكهرباء غير الآمنة، للتغلب على أزمة انقطاعها المستمر.
ورغم تراجع حوادث الحرائق خلال العامين الماضيين مع انتشار مولدات الكهرباء التجارية في المدن والمخيمات، غير أن شرائح واسعة من الغزيين لا تزال تعتمد على وسائل بديلة غير آمنة، لعدم قدرتها المالية للاشتراك في هذه المولدات باهظة التكاليف.
وحتى 2020، رصدت مؤسسات حقوقية محلية وفاة 35 غزّيا من بينهم 28 طفلاً و6 نساء، وإصابة عشرات آخرين، كنتيجة مباشرة لأزمة انقطاع الكهرباء التي بدأت مع قصف إسرائيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة عام 2006، والقيود التي تفرضها من حين لآخر على إمدادات الوقود لهذه المحطة بعد إعادة تأهيلها.
قلة الإمكانيات
يقول المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني في غزة الرائد محمود بصل -للجزيرة نت- إن جُل مآسي الحرائق مرتبطة بتداعيات الحصار الإسرائيلي الجائر والقيود المشددة التي تفرضها دولة الاحتلال على قطاع غزة منذ سنوات طويلة، وأدت إلى أزمات مركّبة.
وقال بصل إن الغالبية في غزة تُعاني من ظروف اقتصادية صعبة، وتبحث عن وسائل بديلة ورخيصة للتغلب على أزمة نقص الكهرباء، الأمر الذي تسبّب في مرات كثيرة بوقوع كوارث وحرائق وسقوط ضحايا، وكان أكثر من 90% منها ناتج بشكل مباشر عن الحصار الإسرائيلي.
وفي ظل هذا الواقع المرير، يواجه جهاز الدفاع المدني تحديات كبيرة لمواكبة الكوارث والحرائق، بسبب قلة الإمكانيات والمعدّات، التي تمنع سلطات الاحتلال دخولها للقطاع، بحسب الرائد بصل.
تذكير بالحصار
وفي بيانها عقب الفاجعة التي أودت بحياة 21 من أبنائها، ناشدت عائلة أبو ريا العالم العربي والإسلامي بالعمل لرفع ما وصفته بـ”الحصار الإجرامي” عن قطاع غزة.
ودعت العائلة المفجوعة إلى العمل العاجل لإدخال كافة الأدوات والإمكانيات إلى طواقم الدفاع المدني وإلى كل الأجهزة الخدماتية في غزة، وذلك لضمان عدم تكرار “هذا الحادث الأليم”، والذي تكرر فعلا في حالات مشابهة قضت فيها عائلات بالكامل أو فقدت عددا من أبنائها، نتيجة احتراقها من الشموع بينما كانت تبحث عن إنارة في ظل انقطاع التيار الكهربائي.
وفي حين نعى رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية ضحايا حريق جباليا، طالب العالم “برفع الصوت عاليا واتخاذ كل ما يلزم في وجه الاحتلال المجرم”، لرفع الحصار عن القطاع.
وقال في بيان نشره الموقع الإلكتروني للحركة إن “ما حدث من فواجع الأقدار، يعيد تذكير العالم بالمأساة الإنسانية التي تعيشها غزة التي تقع تحت الحصار والنار، وحرمانها من الإمكانات التي تساعدها على التعامل والسيطرة على هكذا حرائق”.